تذكّرتُ فانهلّت الأدمعُ
وما كنت من حادث أجزع
ذكرت الخدين وعهد الصفا
وقد شاقني سمر ممتع
فألفيت صحبي قد شتتوا
وقد راح بعض وما ودعوا
فوالهف نفسي على صاحب
كريم الطباع فما يخدع
طوته المنون طرير الشباب
وليس لموتورتها مفزع
سعيت إلى القبر دامي الفؤاد
اسائل عمن به أودعوا
فسلمت لما لمست الصفيح
وناديت أين الفتى الأروع
أحقاً ثوى بين هذي الرموس
وصار له بينها مضجع
توسد بعد الفراش الصفاة
وقد كان في الخز لا يهجع
وكان الجواب صموت القبور
وكان جوابي له الأدمع
يذكرني القبر خدن الصفا
فيشكو الأسى قلبي المولع
ولم أنس يوما فجعنا به
وفقد الشبيبة كم يفجع
شباب يطوفون حول السرير
وكلهم جازع موجع
فمن باذلٍ دمعَهُ مشفقٌ
ومن ذاهلٍ طرفُه يدمع
يحومون حولك والحتف دان
تقضقض من هوله الأضلع
يفديك صحبك والأقربون
ولكنه الموت لا يدفع
علت بسمة شفتيك العذاب
وقد هجم الموت لا يردع
وثار العراك وكان الردى
شديد المراس فما يرجع
فأنشب أظفاره في الحشى
وكان بأظفاره المصرع
ومتّ كريماً وكل امرء
سيمضي وغايته البلقع
فهذا الوجود قبور الأنام
فلم يخل من جدث موضع
تولى الأولى ولحقنا بهم
فهذا بطيء وذا مسرع
سنفنى ولم نبق من بعدنا
سوى الذكر والذكر قد ينفع
من الناس من مات موت السوام
وليس له خبر يسمَع
ومنهم يعيش بأخباره
فذكراه كالمسك يضوّع
وقد يخلد المرء بالذكريات
وذكراك كالشمس إذ تطلع