دع عنك أيام السرور
بين الجنائن والغدير
واهجر لبانات الهوى
والبيض ربات الخدور
واترك كؤوس الخمر فهي
لكل خوار حقير
ما أنت لليوم اليسير
بل أنت لليوم العسير
فانهض إلى الهيجا ولبّ
نداء موطنك الأسير
فلقد طغى الإفرنج فيه
واخفضوه من الشرور
قد أوردوه الحتف فهو
من الدمار على شفير
وأذل فيه كل مئناف
ومغوار صبور
ويكرّمون بنا الصغير
ويهزأون من الكبير
ملأوا البلاد من المذلة
والرذائل والفجور
أحكامهم ملئت عتوّا
فهي من ظلم وجور
هم يدّعون بأن عصرهم
لمن أزهى العصور
خسئوا ومنوا بالضلالة
والمذلة والثبور
هاتيك أيام الرشيد
فتلك معجزة الدهور
ولقد بدا عدل الخلائف
للضرير وللبصير
يا شبل يعرب آن أن
تحتاط لليوم المطير
حتى إذا شبت لظاها
كنت كالأسد الهصور
من يطلب الأمر الخطير
يضحّ بالشىء الخطير
والموت خير للفتى
بالطعن في ثغر النحور
من أن يصاب بعلة
ويموت وهو على السرير
والعيش لا يهنا إذا
عاش المسود كالأجير
والحرّ في ظلم القبور
خير من الملك الأسير
يا شبل يعرب لست ممن
يرتضي العيش المرير
ما كنت يوما من يهاب
من الوعيد أو النذير
فعلام تقعد والبلاد
من المهانة في سعير
خضّب ثراها بالدماء
فقد دعتك إلى النفير
والمجد لا يحيا إذا
لم تسقه بدم غزير
لا تمهر الحرية الحمراء
بالثمن اليسير
كلا ولا تعطى جزافا
دون قاصمة الظهور
ويفوز فيها نازعوها
من قشاعيم النسور
هذا صلاح الدين يهتف
فيك من خلف العصور
أن ليس للوطن المفدى
غير عزمك من نصير