أسفا لقد طُفىء السراج
بليلة وخبا الشهاب
وانقضّ عقد السامرين
فلا غناء ولا شراب
والكوخ أقفر لا أنيس به
وقد ذهب الصحاب
كلّ لغايته مضى
يطوي حشاه على اكتئاب
وتحطمت كأس المدام
ومات ترجيع الرباب
وعلى إمام الشعر في الأردن
قد ضربوا القباب
فالأردُنُ الباكي يكاد يميد
من هول المصاب
وحسانُه انتحبت فلم
يشفِ الأسى طول انتحاب
وظباء عمان الكواعب
أضمرت مرّ العتاب
والاربديات اكتست
سود الطيالس والثياب
تبكيك كلّ كحيلة العينين
ناضرة الشباب
غسلت من الكحل لعيون
وعن أناملها الخضاب
حزنا عليك على القريض
العف والأدب اللباب
تبكي فتى الأردن
تبكي النابغ الحر المهاب
تبكي حساماً ما نبا
يوما ولا ملء الضراب
نم في النعيم وفي ظلال الخلد
في أسمى رحاب
قد عشت موفور الكرامة
سامياً فوق السحاب
وحملت ثقل القيد
لم تخش الأذية والصعاب
وشفعت للضعفاء في البلواء
لا ترجو الثواب
لما رأيت الناس للطغيان
يحنون الرقاب
عند القوي أرانب
وعلى الضعيف أسود غاب
أنكرتَهم وزهدتَ في دنيا
همُ دنيا الكذاب
حتى إذا حمَّ القضاء
وأبت من دنيا السراب
وغدوت بين الخالدين
مبرأ من كل عاب
قل لي بربك ما وراء
الموت ما تحت التراب
هل خلف هاتيك الرموس
رأيت نوراً أم ضباب
حدّث فقد رفع الحجاب
به وقد كشف النقاب
مضت العصور ولم يجد
عقل الأنام له جواب
هذي نهاية كل حيّ
في الدنى وهنا المثاب
في حفرة تلقى بها
أغلى المطامع والرغاب
لا فرق بين متوّج فيها
وعبد في الركاب
الكلّ يطويه الردى
بعد الحياة والاضطراب
الا ضياءُ العبقرية
ما له أبداً ذهاب
سيظل ما بقي الزمان
لكل مقتبس شهاب