أسفاً لقد ولى الشباب ولم أفد
منه سوى حرقٍ تطيل عذابي
انفقت أيامي بوهمٍ باطل
ما بين تفكير وبين كتاب
ولو أنني انصفت كان هوى المها
قصدي وكان الحسن كلّ طلابي
كم لذة عرضت وكنت بجنبها أحرى
ولكن قد أضعت صوابي
كم فرصة سنحت باغيد فاتن
يسبي العقول بحسنه الخلاب
أعرضت عنه تعففا وبمهجتي
ظمأ إلى قبل ورشف رضاب
وجعلت صدري مدفنا لنوازعي
إذ كان غضا في الزمان أهابي
فهرمت قبل الشيب وانحلت قوى
جسدي ببرح الهمّ والأوصاب
وندمت حين أضعت ايام الصبا
وأضعت فيها لذتي ورغابي
واليوم صرت إذا ادّكرتُ وراجعَت
قلبي بقية فتنةٍ وتصابي
أبكي على الماضي واندبُ عهده
وأغص من فرط الأسبى بشرابي
إني كراهب معبد متبتل
سلخ الليالي خلف ومض سراب
حتى إذا عرضت له تاييس في
حللٍ الجمال وفتنة الأهداب
هجر الصلاة وديرَه وموحَه
وأملّه الترتيل في المحراب
ناداه داعي القلب بعد تزهد
وتقشف طمعا بحسن مآب
ظمىء السنين فجاء ينقع غلّه
لكنه لم يلق غير تباب
هذا مصير الثائرين وهذه
نظم الحياة وسنة الاحقاب