هندُ عذراءُ أسلمتها المقادير
لذئبٍ يروغ خبثاً ومكرا
عبثُ همه ولهو وقصفٌ
لا يبالي من الجريمة وزرا
وذئاب الأنام أضرى من الذئب
وأمضى في الفتك ناباً وظفرا
شاقه حسنها فهام بقد
كقضيب الأراك ما زال نضرا
ومضى ينصب الأحابيل للحسن
ويبدى الهوى ويكتُمُ شرا
مدّ اشراكه وحام عليها
برقب الصيد جاهداً يتحرى
مرّ جذلان باسم الثغر
وضاح المحيا يتيه عجبا وكبرا
ورأتهُ العذراءُ يرمقها حبا
فراحت بنظرة منه سكرى
راعها منه مقلةٌ تنفث السحر
ووجه يضيء حسنا وبشرى
غرّها ذلك السراب فضلّت
في صحارى فجوره فهي حيرى
ورأت في هواه أمنيةَ القلب
وراحت تنيله الوصل سرا
سعدت لحظة بوصل شقيّ
أورثتها العناء والحزن دهرا
هتكت سترها الرذيلة والغدر
وكم كاعب تضلّلُ غدرا
بدّلتها الأيامُ بالسعد بؤساً
وشقاءً وبالهناءة ضرا
وجفاها أترابها من عذارى الحي
إذ قارفت من الأمر نكرا
فذوى غصنُها الرطيب وكانت
كقضيب الريحان طيباً ونشرا
تلك كانت أحلى من الفجر حسناً
وكعذارء هيكل القدس طهرا
دنّستها الغداة كف زنيم
ينحر الحسن والفضائل نحرا
سلبتها الحياة والأمل الحلو
فلم تستطع على الذل صبرا
سهدت ليلها الطويل تبث
النجم مرّ الشكاة تكابد جمرا
وبها ما بها من السقم البادي
وطيّ الحشا تكابد جمرا
كلما راجعت صحائف ماضيها
وعمراً بالعز والطهر مرّا
ورأت حاضراً تلطّخ بالعار
وأضحى من الفضيلة صفرا
تتمنى لو يقبض الموت نفساً
أوردتها موارد الذل غدرا
كيف تقضي بالسم بالنار
بالنهر وأي الأسباب ما كان مرا
احرقتها لإثمها ألسُنُ الناس
ومن في الأنام يقبَلُ عذرا
ان من تحمل الجريمة سراً
تلد العار والفضيحة جهرا
ودرى الأهل بالفضيحة فاهتاج
أخوها وهب يطلب ثأرا
وانتضى خنجراً يضيء دجى
الليل سناه ويملأ القلب ذعرا
ومشى ثابت الجنان يذيق الأخت
في الخدر طعنة منه نكرا
فأهابت به وقد خيم اليأس
وأخنى على الشقية صدرا
أي أخي لا تني ومزق جناني
أنا بالقتل والمنية أحرى
أنا دنست بالخطيئة عرضي
أنا لم أبق للفضيلة سترا
رجَفَت كفُه وقد سقط الخنجر
منها وراح يلهث بهرا
وافاق الحنان في قلبه القاسي
وفاضت مدامع منه شكرى
وتولّته نوبةٌ من جنون
صار يهذي بها كمن علّ خمرا
ومضى هارباً يقَهقِهُ في الأس
واق مستهتراً ولم يدر أمرا
ومضت تلكمُ الشقيةُ للدير
تنيل الوجود نظرة حيرى
شيعت عالما قد اصطرع الب
ؤس به والنعيم كرا وفرا
تنشدُ الأمن والسلام وتبغي
لبقايا الأحزان في الدير قبرا