ويح قلبي الشجيّ كم ذا يعاني
من فراق ولوعة وحنان
كلّما هَبّت الشمال ذكا الوجدُ
وفاضت بدمعها العينان
وذكرت الهوى وجيرة جيرون
وعهداً مضى بظل الجنان
بلدٌ كان مهد أحلاميَ الغرّ
وملهى الصبا ووحيَ الأماني
ينتشى خافقي بنشوة ذكراه
وكم ذا يلجّ بالخفقانت
قد ألفنا ربوعه ومغانيَهُ الزواهي
أحبب بها من مغاني
ونهلنا من نبعه الزاخر العذب
لبان العلوم والعرفان
فيه ريُّ القلوب من كل حسنٍ
وصقالُ النفوس والأذهان
جوّه عاطر الشذا يتلقّاك
بنفح الورود والريحان
وسماءٌ صفت أديماً وأرضٌ
سمحَةٌ أنبتت وريف الجنان
وقصورٌ مسحورةٌ تهتف النعمى
بقاعاتها بشدو القيان
سحرتني دهرا وما زال حيا
سحرُها ملء خاطري وجناني
جنةٌ يملك القلوب هواها
وهي من سحر ذاتها فاتتان
جادَك اللَه يا ربا جلّق الفيحاء
دوماً بالعارض الهتان
في ذُراها بدت مآثرُ ماضينا
وآثارُ مجدنا بالزمان
كلٌّ شبرٍ حوى رفات شهيد
بذل النفس في هوى الأوطان
يرقد الأنبياءُ في ظل قسيون
وتبدو روائع العمران
شمخت في سمائها قُبّة النسر
وتاهت بباذخ البنيان
وثوى بالجوار منها صلاح الدين
فخرُ الإباءِ والإيمان
قاهرُ الفاتحين والأمراء الصيد
من كل أمةٍ ولسان
وحي حوزَةَ الحمى من مغير
ملأ الرحب بالقنا المُرّان
يا بلادي يا مشرق النور والفن
ومهد العلوم والأديان
هل يعود الماضي فنشهد أرباعَك
تزهو بالعز والسلطان
ونرى كيف ينشيءُ الملك أبناؤُك
فخما موطّد الأركان
فعلام الونى وفيهم من الأجداد
روح الثبات والاتقان
من يَرُم في الحياة مجدا أثيلاً
وبلوغ المنى وعزةَ شان
يجهِد النفس في طلاب المعالي
لا يصيب التوفيق في الدهرواني