إنجيل القدّيس متّى ١٥ / ١ – ٩
دَنَا إِلى يَسُوعَ فَرِّيسِيُّونَ وكَتَبَةٌ مِنْ أُورَشَليمَ وقَالُوا لَهُ:
لِمَاذَا يُخَالِفُ تَلامِيذُكَ تَقْليدَ الشُّيُوخ، فلا يَغْسِلُونَ أَيْدِيَهُم عِنْدَمَا يَتَنَاوَلُونَ طَعَامًا؟.
فَأَجَابَ وقَالَ لَهُم: «وَأَنْتُم، لِمَاذَا تُخَالِفُونَ وَصِيَّةَ اللهِ مِنْ أَجْلِ تَقْليدِكُم؟
فَٱللهُ قَال: أَكْرِمْ أَبَاكَ وأُمَّكَ، ومَنْ يَلْعَنْ أَبَاهُ أَو أَمَّهُ فَلْيُقْتَلْ قَتْلاً.
أَمَّا أَنْتُم فَتَقُولُون: إِنَّ مَنْ قَالَ لأَبِيهِ أَو أُمِّهِ: مَا يُمْكِنُني أَنْ أُسَاعِدَكَ بِهِ قَدَّمْتُهُ قُرْبَانًا لِلْهَيْكَل،
لا يَعُودُ مُلْزَمًا بِإِكْرَامِ أَبِيْهِ أَو أُمِّهِ. فَمِنْ أَجْلِ تَقْليدِكُم أَبْطَلتُم كَلِمَةَ الله!
يَا مُرَاؤُون، حَسَنًا تَنَبَّأَ عَلَيْكُم آشَعْيا قَائِلاً:
هذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيه، أَمَّا قَلْبُهُ فَبَعِيدٌ جِدًا عَنِّي.
وبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي، وهُم يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ لَيْسَتْ إِلاَّ وصَايَا بَشَر».
التأمل: “هذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيه..”
كم من الكتبة والفريسيين في كنائسنا وبيوتنا ومجتمعنا يقدّسون الشريعة ويهملون الرحمة؟! يلتزمون التقاليد البالية ويضربون عرض الحائط الجوهر؟!!
في أيامنا هذه تُصان السلوكيات الخارجية في أدق تفاصيلها طالما أنها تحقق أهداف السلطة والمال وتشبع غرائز “الانا” وتُهمل السلوكيات الإيجابية التي تخدم جوهر الحياة لا بل تُنبذ وتستبعد لأنها خارج “الإتيكات” العصرية!!!
يُعتبر غسل الايدي قبل الطعام عملاً صحياً للوقاية من الأمراض، وهذا ما يتقنه الإنسان العصري، ولكن ماذا ينفع غسل الأيدي اذا كان الطعام فاسداً؟!!
يُعتبر العمل أكثر من ضروري لمواجهة التحديات المعيشية وليس عمل الرجل فقط بل المرأة أيضاً، لكن ماذا ينفع الاسراف في العمل إذا كان على حساب الصحة وهدر وتهديد وتدمير الحياة الزوجية من إنجاب وتربية وإسعاد الزوجين؟!!
كم من الآباء والأمهات خسروا أدوارهم في البيت بسبب السعي المستميت خلف مراكزهم في الخارج؟!! وكم من الآباء والأمهات أهملوا أولادهم بحجة العمل والظروف المعيشية الصعبة؟!! وكم من الآباء والأمهات والاجداد سلخوا عن بيوتهم ووضعوا قسراً في دور العجزة بحجة العمل وضيق المنزل أو ضيق الحال؟!!
إنسان اليوم يتبع قاعدة ميكيافيلي “الغاية تبرر الوسيلة”، فمن أجل السلطة لا مانع لديه أن يصبح ذئباً يفترس كل من يعيقه حتى داخل الجماعة المؤمنة أي داخل الاديار والكنائس والرعايا!!! ومن أجل كسب المال لا مانع لديه أن يأكل الحق ويسكُر بالباطل!!!
إنسان اليوم لديه كل القدرة على “إبطال كلمة الله” من أجل مصلحته الضيّقة، ولديه كل الجرأة على إكرام الله بشفتيه وقلبه في مكان آخر!!!
بشر اليوم “يشتهونَ ولا يملِكُون. يقْتُلُونَ ويحسُدونَ ولا يُمكِنُهم الحُصولُ على ما يريدون”(يعقوب2:4).
نجّنا يا رب من وصايا البشر… آمين