بَنَاتِ الدَّهْرِ عُوجِي لاَ تَهَابِي
خَلاَ الْوَادِي مِنَ الأُسْدِ الغِضَابِ
هُنَا رَوْضٌ فَلاَ بَالَيْتِ فِيهَا
بَقَايَا الرَّوعِ مِنْ غَبَرَاتِ غَابِ
كَأَنِّي بِالْخُطُوبِ العُفْرِ أَضْحَتْ
سَوَاخِرَ مِنْ مَنَاقَشَةِ الْحِسَابِ
وَبِالأَرْزَاءِ بَعْدَ الْجِدِّ أَمْسَتْ
مِنَ الإِزْرَاءِ تَقْتُلُ بِالدُّعَابِ
مُهَاتَرَةٌ مِنَ الأَيَّامِ تُبْكَي
بِغَيرِي أنْ يُصَابِرَهَا وَمَا بِي
حُمَاةَ الْحَيِّ أَزْمَعْتُمْ سِرَاعاً
وَبَكَّرْتُمْ تِبَاعاً بِالذَّهَابِ
نَوَاكُمْ أَرْخَصَ العَبَرَاتِ حَتَّى
لَيَبْخَلَ بَاذِلُ الدُّرِّ المُذَابِ
نَحَيِّيكُمْ وَمَا فِينَا مُدَاجٍ
وَنَحْمَدُكُمْ وَمَا فِينَا مَحَابِ
سَلاَمٌ فِي مَرَاقِدِكُمْ عَلَيْكُمْ
وَحَسْبُكُمُ القَدِيمُ مِنَ العَذَابِ
سِوَى أَنَّا مَتَى اشْتَدَّتْ فَرَاعَتْ
وَلَمْ تَثِبُوا جَهَرْنَا بِالْعِتَابِ
نَعَاتِبُكُمْ وَنَعْلَمُ لَوْ مَلَكْتُمْ
سَبَقْتُمْ كُلَّ دَاعٍ بِالْجَوَابِ
عَلَى أَنَّا نُحِسُّ لَكُمْ قُلُوباً
خَوَافِقَ مِنْ أَسىً تَحْتَ التُّرَابِ
بِعَهْدِ الرِّفْقَةِ الأَبْرَارِ أَمْسَوْا
وَهُمْ فِي ذِمَّةِ الصُمِّ الصِّلاَبِ
عَليُّ أَلاَ تَقُولُ اليَوْمَ شَيْئاً
وَهَذَا يَوْمُ فَصْلٍ فِي الْخِطَابِ
أَلَسْتَ الوَاقِفَ الْوَقَفَاتِ رَدَّتْ
شَبَا الشُّبُهَاتِ عَنْ كَبِدِ الصَّوَابِ
وَمَرَّتْ بِالْحُقُودِ فَشَرَّدَتْهَا
وَعَادَتْ بِالْحُقُوقِ إلى النِّصَابِ
عَلِيٌّ أَلاَ تَذُودُ الْيَوْمَ ضُرًّا
مُضَرًّى بِالْوُثُوبِ وَالانْتِيَابِ
فَتَثْلِمَ عَزْمَهُ كَالْعَهْدِ حَتَّى
يَفِيءَ عَلَى يَدَيْكَ إلى مَتَابِ
بِذَاكَ الذَّابِلِ الْخَطِّيِّ مِمَّا
تَخُطُّ بِه العَظَائِمَ فِي كِتَابِ
بِذَاكَ العَامِلُ الغَلاًّبِ بَأْساً
عَلَى لِينٍ بِهِ عِنْدَ الْغِلاَبِ
يَمُجُّ أَشِعَّةً تُدْعَى بِنِقْسٍ
كَنُورِ الشِّمْسِ يَدْعَى بِاللُّعَابِ
سَنَاهُ مَرْشِدُ السَارِينَ كَافٍ
مَغَبَّاتِ الضَّلاَلِ وَالارْتِيَابِ
فَقَدْ تَنْجُو السَّفِينُ مِنِ ارْتِطَامٍ
إِذَا بَصُرَتْ وَتَهْلِكُ فِي الضَّبَابِ
لَحِقْتَ بِرَهْطِكَ الأَخْيَارُ تَثْوِي
كَمَثْوَاهُمْ مِنَ الْبَلَدِ الْيَبَابِ
فَإِنْ تَبْعُدْ وَقَدْ بَعِدُوا جَمِيعاً
فإِنَّ مُصَابَنَا فَوْقَ المُصَابِ
بِرَغْمِ المَجْدِ أَنْ وَلَّيْتَ عَنَّا
صرِيعاً لَمْ تَجُزْ حَدَّ الشَّبَابِ
وَكُنْتَ بَقِيَّةَ الأَبْدَالِ فِينَا
وَكَانَ عَلَيْكَ تُعْوِيلُ الصِّحَابِ
إِذَا اسْتَعَدَتْ عَلَى الآفَاتِ مِصْرٌ
فَقَدْ نُصِرَتْ بِرَوَّاضِ الصِّعَابِ
بِرَأْيٍ مِنْكَ نَفَّاذٍ ذَكِي
فُجَائِيٍّ كَمُنْقَضِّ الشِّهَابِ
يَظَلُّ اللِّيْلُ مِنْهُ وَقَدْ تَوَارَى
إِلَى أَمَدٍ بِهِ أَثَرُ الْتِهَابِ
وَكُنْتَ المَرْءَ حَقَّ المَرْءِ عَقْلاً
وَآدَاباً وَأَخْذاً بِاللُّبَابِ
صَدُوقَ الْعَزْمِ لاَ تَبْغِي طِلاَباً
وَتَرْجِعَ دُونَ إِدْرَاكِ الطِّلاَبِ
لَطِيفاً فِي الْتِمَاسِ الْقَصْدِ حَتَّى
لَتَشْتَبِهُ المَضَايِقُ بِالرِّحَابِ
شَدِيدَ الْبَطْشِ خَشْيَةَ غَيْرِ خَاشٍ
أَيُرْهَبُ انْتِسَابٍ وَاكْتِسَابِ
حَيَاتُكَ كُلُّهَا جُهْدٌ وَمَجْدٌ
بِمُعْتَرَكِ انْتِسَابٍ وَاكْتِسَابِ
تَجِلُّ عَلَى الْكوَارِثِ وَهْيَ تَطْغَى
كَفُلْكِ خَفَّ فِي ثِقَلِ الْعُبَابِ
إِذَا لَمْ يَبْتَلِعْهُ المَوْجُ عَادَى
بِهِ بَيْنَ الغَيَابَةِ والسَّحَابِ
تُكَافِحُهُ الْغَدَاةَ بِلاَ تِرَاكٍ
وَهَمُّكَ صَاعِدٌ وَالمَوْجُ رَابِ
إلى أنْ يَبْلُغَ الْجَوْزَاءَ وَثْبَاً
فَتَبْلُغَهَا عَلَى مَتْنِ الْحَبَابِ
فَمَا هُوَ بَيْنَ نَفْسِكَ فِي عُلاَهَا
وَدَارَ الخُلْدِ غَيْرُ وُلُوجِ بَابِ
كَذَاكَ أُجِزْتَ عَنْ كَثَبٍ إِلَيْهَا
فَكَانَتْ آيَةَ العَجَبِ العُجَابِ
قَرَاراً أَيُّهَا الْعَانِي وَطِيباً
بَمَا آتَاكَ رَبُّكَ مِنْ ثَوابِ
فَإِنْ تَتَوَارَ عَنَّا في حِجَابٍ
فَمَعْنَى لنُّورِ في ذَاكَ الحِجَابِ
سِوَاكَ غِيَابُهُ دَاجٍ ولَكِنْْ
لَكَ الشَّفَقُ المُقِيمُ مَدَى الغِيَابِ