شَارَفْتَ مِصْرَ وَفِيهَا كُلُّ نَاضِرَةٍ
مِنَ الأَزَاهِرِ يُحْيِي النَّفْسَ رَيَّاهَا
فَظَلْتَ فِي رَوْضِهَا مُسْتَطْلِعاً لَبِقاً
حَتَّى ظَفِرْتَ بِأَذْكَاهَا وَأَبْهَاهَا
مَلِيكَةُ الوَرْدِ مِلْءُ العَيْنِ صُورتُهَا
مَاءُ الجَمَالِ جَرى فِيهَا فَأَرواهَا
الحُسْنُ يَجْلُو الخَبَايَا مِنْ سَرَائِرِهَا
وَالطهرُ يسْطَعُ نُوراً مِنْ مُحيَّاهَا
وَمَا تَخَالُ سِوَى دُرٍّ مُنَثَّرَةٍ
أَلفاظَهَا دَارِجَاتٍ مِنَ ثَنَايَاهَا
مِرْآتُها أُمُّهَا تُجْلي مَحَاسِنَها
مُجَدَّدَاتٍ وَتَسْتَجْلِي سجَاياهَا
مالَتْ إِلَيْكَ وَمَا فِي قَدِّهَا مَيلٌ
وَمَا طَوَتْ غَيْر مَا تُبْدِي طَوايَاهَا
وَكَيْفَ لا تَعْرِفُ الزَّهْرَاءُ كَوْكَبَهَا
إِذَا هَدى الطَّالِعُ المَيْمُونُ مَسْرَاهَا
قَال الحواسِدُ أَقْوالاً فَهَل نَقَصتْ
مِمَّا بِهِ المُبدِعُ المِجوَادُ حَلاَّهَا
أَجْلَلْتَهَا فِي مَعَانِي النَّفْسِ عَنْ شَبَهٍ
وَإِنْ زَعَمْنَ لَهَا فِي الحُسْنِ أَشْباها
يَا ابْنَ الأَكَابِرِ زادَ الله رِفْعَتَهُمْ
مِنْ أُسْرَةٍ لَخَّصَتْ فِيهِ مَزَايَاهَا
لِلْفَضْلِ فِي مِصْرَ أَعْلامٌ سَمَتْ وَصُوًى
وَإِنْ أَظْهَرَهَا فِيهَا صَوَايَاهَا
إِنْ كَانَ لِلْمَالِ قَدْرٌ فَوْقَ قِيمَتِهِ
فَقَدرُهَا فَوْقَ مَا الإِثْرَاءُ آتَاهَا
نِعْمَ الفَتَى هُوَ لَسِتِي فِي عَشِيرَتِهِ
إِنْ عُدَّ أَصوبُهَا رَأْياً وَأَمْضَاهَا
حَبَاهُ مَوْلاهُ بِالآلاءِ وَافِرَةً
فَلَمْ يَكُنْ لِتَمَامِ العَقْلِ تَيَّاهَا
يُخْفِي فَضَائِلَ تُبْدِيهَا فَعَائِلهُ
وَإِنْ أَرْوَعَهَا فِي النَّفْسِ أَخْفَاهَا
يَا ابْنَيَّ طِيبَا وَقُرَّا أَعْيُناً وَخُذَا
مِنَ المُنَى خَيْرَ مَا تُعْطِيهِ دُنْيَاهَا
إِن الحَياةَ أَطَالَ اللهُ عُمْرَكُمَا
لَيْسَتْ سِوَى لَفْظَةٍ وَالحُبُّ معنَاها
أَرَى السَّفِينَةَ فِي المِينَاءِ رَافِعَةً
شِرَاعَهَا وَعُيُونُ اليُمْنِ تَرْعَاهَا
لِنُقْلَةٍ يَبْدأُ العَيْشُ الجَدِيدُ بِهَا
وَيَكْلأُ اللهُ مَجرَاهَا وَمُرْسَاهَا
كُونَا سَعِيدَيْنِ وَاعْتَزَّا بِنَسْلِكُمَا
واسْتَوْفَيَا العِزَّ وَالعَلْيَاءَِ وَالجَاهَا