يَوْمٌ أَثَارَ كَوَامِنَ الأَشْجَانِ
وَأَدَالَ لِلذِّكْرَى مِنَ السُّلْوَانِ
لأْياً يُثَابُ بِهِ فَقِيدٌ لَمْ يَكُنْ
فِي قَوْمِهِ لِيُثَابَ بِالنِّسْيَانِ
ذَاكَ الَّذِي أَذْكَى عَوَائِمَهُمْ وَقَدْ
خَاسَتْ فَجَرَّأَهَا عَلَى الحِدْثَانِ
مَا شِئْتَ إِطْرَاءً فَقُلْ فِيهِ وَفِي
أَصْحَابِهِ الصُّيَّابَةِ الشُّجْعَانِ
سَعْدٌ وَعَدْلِيٌّ وَثَرْوَتُ وَالأُولَى
دَرَجُوا مِنَ الزَّعَمَاءِ وَالأَقْرَانِ
كُلٌّ قِضَتْهُ مِصْرُ حَقَّ وَدَاعِهِ
بِمُخَلَّدَاتِ الذِّكْرِ فِي الأَذْهَانِ
إِلاَّ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ ذُخْراً لَهُ
مِنْ صَوْلَةٍ سَلَفَتْ وَمِنْ سُلْطَانِ
رُشْدِي وَكَانَ الحَوْلُ دَهْراً حَوْلَهُ
وَالمَالُ لَوْ يَبْغِيهِ طَوْعُ بَنَانِ
أَمْسَى رَهِينَ قَرَارَةٍ مَقْرُورَةٍ
وَبَنُوهُ فِي حَرَبٍ وَفِي حِرمَانِ
عُقْبَى نَزَاهَتِهِ وَلَيْسَتْ تَسْتَوِي
فِي النَّاسِ عُقْبَاهَا بِكُلِّ مَكَانِ
رُشْدِي وَهَلْ يَنْسَى لِرُشْدِي قَوْمُهُ
حُسْنَ البَلاءِ وَقُوَّةَ الإِيمَانِ
إِذْ رَاحَ يَبْذُلُ فِي الطَّلِيعَةِ نَفْسَهُ
لِنَجَاتِهِمْ مِنْ ذِلَّةٍ وَهَوَانِ
مَحَضَ البِلادَ هَوَاهُ غَيْرُ مُسَاوِمٍ
مَهْمَا يُكَابِدُ فِي الهَوَى وَيُعَانِي
وَبِقَلْبِهِ لَوْلا أَعَادِي قَوْمِهِ
لَمْ تَتَّقِدْ يَوْماً لَظَى شَنَآنِ
وَلَطَالَمَا لَقِيَ الأَذَى مُتَغَمِّداً
ذَنْبَ المُسِيءِ إِلَيْهِ بِالغُفْرَانِ
مَنْ مِثْلُهُ وَلِيَ الأُمُورَ فَسَاسَهَا
بِالحَزْمِ وَالإِقْدَامِ وَالعِرْفَانِ
مُتَصَرِّفاً فِيهَا تَصَرُّفَ عَادِلٍ
صَافِي السَّريرَةِ طَاهِرِ الإِعْلانِ
مَاذَا أُعَدِّدُ مِنْ شَمَائِلَ حُلْوَةٍ
وَفَضَائِلٍ هِيَ فَوْقَ كُلِّ بَيَانِ
وَجَمَالِ نَفْسٍ حُرَّةٍ مَا عَابَها
إِلاَّ تَنَزُّهُهَا عَنِ البُهْتَانِ
تَجْنِي صَرَاحَتُهَا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا
خُبْثُ اللِّئّامِ عَلَى الأَعِزَّةِ جَانِ
هِيَ شِيمَةُ الأَحْرَارِ مِنْ قِدَمٍ وَكَمْ
جَارَتْ عَلَيْهَا شِيمَةُ العُبْدَانِ
يَعْنِي مَقَالَتَهُ وَلا تُلْفِيهِ فِي
حَالٍ يُغَمُّ عَلَيْكَ مَا هُوَ عَانِ
تَأْبَى لَهُ الرَّوَغَان شِيمَتُهُ وَلا
يُطْلَى المُحَالُ عَلَيْهِ بِالرَّوَغَانِ
يَا مَنْ بِرِفْعَةِ شَأْنِهِ بَلَغَ الذُّرَى
وَازْدَادَ بِالأَخْلاقِ رِفْعَةَ شَانِ
رِدْ فِي النَّعِيمِ ثَوَابَ رَبِّكَ خَالِداً
مُتَمَتِّعاً بِالعَفْوِ وَالرِّضْوَانِ