هُوَ العَيْشُ جَهْدٌ طَائِلٌ وَفُتُونُ
وَمَا المَوْتُ إِلاَّ رَاحَةٌ وَسُكَونُ
نَوَدُّ بَقَاءً عَالِمِينَ بِمَا بِهِ
وَفِي كُلِّ يَوْمٍ حَسْرَةٌ وَأَنِينُ
فُجِعْنَا بِمَيْمُونِ النَّقِيبَةِ أَرْوَعٍ
تَقُرُّ بِهِ حِينَ اللِّقَاءِ عُيُونُ
مِثَالٌ لِمَنْ يَحْيَا الحَيَاةَ كَرِيمَةً
وَيَسْمُو بِهَا عَنْ كُلِّ مَا هُوَ دُونُ
صَفَى لِمَنْ صَافَى وَفَى لِمَنْ وَفَى
غَفُورٌ لِمَنْ يَغْتَابُهُ وَيَخُونُ
وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ امْرِيءٍ حَاجَةٌ لَهُ
فَلَيْسَ يُدَاجِيهِ وَلَيْسَ يَمِينُ
عَهِدْنَاهُ لا تَلْقَاهُ إِلاَّ عَلَى الرِّضَا
وَيَخْشَنُ آناً عِرْضٌ يَعِفُّ وَدِينُ
وَلَمْ يَكُ خيْراً مِنْهُ فِي الصُّحْبِ صَا
حِبٌ وَفِي الخُدَنَاءِ الأَكْرَمِينَ خَدِينُ
وَهَيْهَاتِ فِيمَنْ عَاشَ بِرّاً بِأَهْلِهِ
أَبٌ عَاشَ بِرّاً مثْلُهُ وَقَرِينُ
أَكَامِلُ سَعْدِ اللهِ أَنِّي لَجَازِعٌ
عَلَيْكَ وَكَمْ غَيْرِي عَلَيْكَ حَزينُ
أَفِي لَحْظَةٍ خِلْنَا بِهَا الدَّهْرُ مُغْضِيّاً
وَأَنْتَ مِليءٌ بِالنَّشَاطِ تَحِينُ
وَكَانَ بِكَ التَّوْفِيقُ لِلْعِلْمِ وَالحِجَى
فَمَاذَا دَهَى التَّوْفِيقَ حِينَ تَبِينُ
أَقَمْتَ صُرُوحاً لِلثَّقَافَةِ ضَخْمَةً
تُعَانُ عَلَى تَشْيِيدِهَا وَتَعِينُ
لَهَا تَسْتَمِدُّ البِرُّ مِنْ كُلِّ قَادِرٍ
وَمَا أَنْتَ بِالقِسْطِ الوَفِيرِ ضَنِينُ
وَأَنْتَ عَلَى المَبْذُولِ مِنْ حُرِّ مَالِهِمْ
وَآمَالِهِمْ فِي النَّابِنينَ أَمينُ
وَمَنْ يَكُ ذَا عَزْمٍ مَتِينٍ فَكُلِّ مَا
تَوَلاَّهُ بِالعَزْمِ المَتِينِ مَتِينُ
مَدَارِسُ تَبْنِي لِلْكَنَانَةِ فِتْيَةً
يُهَذِّبُهُمْ تَأْدِيبِهِمْ وَيَزينُ
وَتَعْنِي بِتَعْلِيمِ البَنَاتِ عِنَايَةً
تَرْقَى بِهَا أَخْلاقُهَا وَتَصًونُ
أَمَضَّكَ مَا كَابَدْتَهُ مِنْ شِئُونِهَا
وَأَكْثَرِ هَاتِيكَ الشُّؤون شُجُونُ
فَمَا فَاتَكَ الصَّبْرُ الجَمِيلُ عَلَى الأَذَى
لأَنِّكَ بِالغِبِّ الحَمِيدِ تَدِينُ
كَخِدْمَتِكَ الأَوْطَانِ فَلْيَخْدُمِ الأُلَى
رَأَوْا نَهْضَةَ العُمْرَانِ كَيْفَ تَكُونُ
إِذَا الدَّارُ هَانَتْ مِنْ جَهَالَةِ أَهْلِهَا
فَكُلُّ عَزيزٍ فِي الوُجُودِ يَهُونُ
وَهَلْ تَرْتَقِي الأَقْوَامُ مَا لَمْ تُرْقِهَا
عُلُومٌ وَآدَابٌ بِهَا وَفُنُونُ
سَلامٌ عَلَى مَثْوَاكَ تَنْشُرُ حَوْلَهُ
مَآثِرَكَ الكُبْرَى وَأَنْتَ دَفِينُ
بِمَا طِبْتَ نَفْساً عَنْهُ مِمّا تُحِبُّهُ
لَكَ الوَطَنُ البَاكِي عَلَيْكَ مُدِينُ
ألا أَنَّ خَطْبَ النِّيلِ فِي يَومِ كامِلٍ
لَخَطْبٌ لَهُ فِي الضِّفَتَيْنِ رَنِينُ
فَكَمْ دَارِفٍ دَمْعاً وَكَمْ صَافِقٍ أَسًى
كَمَا يُصْفِقُ الارَاهَ وَهْوَ غَبِينُ
وَكَيْفَ أَسَى البَاكِي وَلا عوض لَهُ
يُرجِّيهِ وَالذُّخْرَ المُضَاعُ ثَمِينُ
خَلا فِي عُيُونِ النَّاظِرِينَ مَكَانَهُ
وَمَنْزِلُهُ فِي الذِّكْرَيَاتِ مَكِينُ
أَيَنْسَى وَفِي الأَعْقَابِ آثَارُ فَضْلِهِ
سَتَبْقَى وَمَا لِلصَّالِحَاتِ مَنُونُ
فَفِي رَحْمَةِ اللهِ الكَرِيمِ مُجَاهِداً
بِأَوْفَى جَزَاءٍ فِي النَّعِيمِ قَمِينُ