هَذَا الرِّثَاءُ الَّذِي تُمْلِيهِ أَشْجَانِي
أَخُطُّهُ وَدُمُوعِي مِلْءُ أَجْفَانِي
بَيْرُوتُ مَاذَا رَمَانِي فِي الصَّمِيمِ وَقَدْ
رُمِيتُ فِي مُلْتَقَى ذِكْرِي وَتَحْنَانِي
إِنَّ الَّذِي رَوَّعَ الأَحْبَابَ رَوَّعَنِي
يَا دَارَ أُنْسِي وَمَا أَبْكَاكِ أَبْكَانِي
تِلْكَ النَّوَاقِيسُ فِي قَلْبِي مُجَلْجِلَةٌ
وَلِلأَذَانِ صَدىً مُشْجٍ بِآذَانِي
بَيْتٌ هَوَى بَلْ بُيُوتٌ أَرْبَعُونَ هَوَتْ
شَتَّى النَّوَاحِي دَهَاهَا الرُّزْءُ فِي آنِ
تَهَدَّمَتْ فَأَرَتْنَا سُوءَ مَا فَعَلَتْ
بِصَنْعَةِ اللهِ فِيهَا صَنْعَةُ البَانِي
يَا وَيْحَهَا مِنْ مَغَانٍ لا غَنَاءَ بِهَا
كَيْفَ العَرُوسُ عَلَى مُنْقَضِّ أَرْكَانِ
حَالُ اليَتَامَى وَحَالُ الأَيِّمَاتِ بِهَا
تُذْكِي الأَسَى فِي الحَشَى إِذْكَاءَ نَيرَانِ
ضَحَّتْ ظِلالَ الرِّجَالِ الكَاسِبِينَ لَهُمْ
وَخَلَّفَتْ بَعْدَهُمْ أَنْضَاءَ حِرمَانِ
وَمُعِيلُونَ تَلاهَوْا عَنْ شَوَاغِلِهِمْ
حِيناً وَمَا الدَّهْرُ بِاللاَّهِي وَلا الوَانِي
فَعُوجِلُوا بِالرَّدَى فِي نَكْبَةٍ عَمَمٍ
تَخَرَّمَتْهُمْ وَمَا كَانَتْ بِحِسْبَانِ
أَجْرَى عَلَيْهِمْ قَضَاءَ خَرَّ كَلكَلُهُ
عَلَى نِسَاءٍ ضَعِيفَاتٍ وَوِلْدَانِ
يَا أَهْلَ لُبْنَانَ لا زَالَتْ مَكَارِمُكُمْ
مُجِيبَةً مَنْ دَعَا يَا أَهْلَ لُبْنَانِ
فِي الضَّيْرِ وَالضَّيْمِ لَمْ يَجْهَلْ مَبَرَّتَكُمْ
وَلا مُرُوءَتَكُمْ عَافٍ وَلا عَانِ
تِلْكَ القُلُوبُ وَمَا أَصْفَى مَعَادِنَهَا
قَدْ صَاغَهَا اللهُ مِنْ جُودٍ وَإِحْسَانِ
فَمَا أَخَافُ عَلَى مَنْ يُسْتَغَاثُ لَهُ
وَفِيكُمْ كُلُّ مِسْمَاحٍ وَمِعْوَانِ
هَذِي عَلَى أَنَّ وَقْتِي غَيْرُ ذي سَعَةٍ
عُجَالَةٌ لَيْسَ تَعْدُو بَثَّ أَحْزَانِي
لَوْ صَوَّرَ الحِسُّ مَعْنَاهَا لِنَاظِرِهَا
تَكَشَّفُ النَّفْسُ فِيهَا عَنْ دَمٍ قَانِ
لَمْ أَبْغِ حثّاً إِخْوَانِي بِهَا وَهُمُ
أَهْلُ النَّدَى بَلْ كَمِشْكَاةِ لإِخْوَانِي
جَزَاهُمُ اللهُ خَيْراً بِالَّذِي صَنَعُوا
وَيَصْنَعُونَ وَلا رِيعُوا بِحِدْثَانِ