لَحِقَ اليَوْمَ بِالرِّفَاقِ أَمِينُ
كَيْفَ يَسْلُو هَذَا الفُؤَادُ الحَزِينُ
يَا أَلِيفِي مِنَ الصِّبَا هَلْ تَلَتْ أَفْ
رَاحَنَا الذَّاهِبَاتِ إِلاَّ الشُّجُونُ
أَيْنَ جَوْلاتُنَا وَأَيْنَ الدُّعَابَا
تُ وَأَيْنَ الهَوَى وَأَيْنَ الفُتونُ
أَيْنَ تِلْكَ الآمَالُ غِبَّ الدِّرَاسَا
تِ وَفِيهَا الحِجَى وَفِيهَا الجُنُونُ
رَامَ كُلٌّ مِنَّا مَرَاماً مِنَ العَيْ
شِ إِذَا شَطَّ قَرَّبَتْهُ الظنُونُ
لَسْتُ أَنْسَى وَقَدْ أُجِيزَ لَكَ الطبُّ
وَزَانَتْ لَكَ المُنَى مَا تَزِينُ
يَوْمَ وَافَيْتَنِي وَتُوشِكُ أَنْ تَبْ
دُوَ فِي وَجْهِكَ النَّضِيرِ غُصُونُ
مَا الَّذِي جَدَّ يَا أَمِينُ لَقَدْ أَزْ
مَعْتَ أَمْراً مِرَاسُهُ لا يَهُونُ
قُلْتَ هَذَا بَتِّي سَأَلحَقُ بِالجَيْ
شِ فَإِمَّا العُلَى وَإِمَّا المَنُونُ
قَلْتُ يَا صَاحِبِي أَتَقْحَمُ بِيداً
تَتَلَظَّى وَالحَرْبُ فِيهَا زَبُونُ
قَلْتُ إِنِّي خُلِقْتُ لِلسَّعْي فِي الأَرْ
ضِ وَمَا بِي إِلَى السُّكُونِ سُكُونُ
وَنَهَجْتَ النَّهْجَ الَّذِي اخْتَرْتَ لا تَثْ
نِيكَ عَنْهُ أَخْطَارُهُ وَالدُّجُونُ
فَتَمَنْطَقْتَ بِالسِّلاحِ وَلَكِنْ
لا لِمَا تَطْبَعُ السِّلاحَ القُيُونُ
رُحْتَ تَأْسُو جَرْحَى وَتَشْفِي مِرَاساً
تَتَرَامَى الرُّبى بِهِمْ وَالحُزُونُ
وَتُوقِّيهِمُ الرَّدَى وَتُرِيهِمْ
مُعْجِزَاتِ الإِنْقَاذِ كَيْفَ تَكُونُ
بَعْدَ حَرْبِ السُّودَانِ وَالعَوْدِ مِنْهُ
جَدَّ شَانٌ هَانَتْ لَدَيْهِ الشُّؤُونُ
جَلْجَلَتْ دَعْوَةُ العُرُوبَةِ فَاهْتَ
زَّ لَهَا مَنْ بِهِ إِلَيْهَا حَنِينُ
وَتَنَادَى حُمَاتُهَا وَتَلاقَى
فِي السَّرَايَا مِنْ بِالوَفَاءِ يَدِينُ
فَشَدَدْتَ الرِّحَالَ فِي نُضْرَةِ القَوْ
مِ وَقَدْ عَزَّ فِي الجِهَادِ المُعِينُ
وَقَضْيتَ الأَعْوَامَ فِي نُقَلٍ تَقْ
سُو تَصَارِيفُهَا وَآناً تَلِينُ
ذُقْتَ أَحْدَاثَهَا تُمِرُّ وَتَحْلُو
فِي ظُرُوفٍ حَدِيثُهُنَّ شجُونُ
فَبَلَغْتَ المُنَى العَصِيَّةَ بِالعَزْ
مِ وَذُو العَزْمِ بِالنَّجَاحِ قَمِينُ
وَأَثَابَتْ بَغْدَادُ مَسْعَاكَ إِذْ بِ
تَّ وَفِيهَا لَكَ المَكَانُ المكينُ
مَا تَوَطَّنْتَ نَاعِمَ البَالِ حَتَّى
كَادَ كَيْداً لَكَ الزَّمَانُ الخَؤُونُ
نَزَلَتْ عِلَّةٌ بِجِسْمِكَ لَمْ يَقْ
وَ عَلَيْهَا وَهْوَ البِنَاءُ المَتِينُ
فَوَهَى الهيكَلُ المَنِيعُ وَلَكِنْ
سَلِمَ الجَوْهَرُ الرَّفِيعُ الحَصِينُ
فَتَفَرَّغْتَ لِلتَّآلِيفِ يُمْلِي
هَا ضَمِيرٌ حَيٌّ وَذِهْنٌ رَصِينُ
أَيْنَ شُغْلُ الدِّيوَانِ مِمَّا أَفَادَ الشَّ
رْقَ ذَاكَ التَّحْبِيرُ وَالتَّدْوِينُ
كَمْ كِتَابٍ أَبَحْتَ فِيهِ كُنُوزاً
كَانَ فِي الغَيْبِ ذُخْرُهَا المَكْنُونُ
تِلْكَ لِلضَّادِ ثَرْوَةٌ نُشِرَتْ فِي
هَا عُلُومٌ مَطْوِيَّةٌ وَفُنُونُ
يَا بَنِي مِصْرَ يَا بَنِي العُرْبِ إِنَّ العَ
هْدَ دَينٌ وَالحِفْظُ لِلعَهْدِ دِينُ
أَلفَرِيقُ المِقْدَامُ وَالعَامِلُ العَا
ملُ وَالكَاتِبُ الأَدِيبُ المُبِينُ
هَلْ تُوَفِّيهِ حَقَّهُ مَرْثِيَاتٌ
أَوْ يُوَفِّيهِ حَقَّهُ تَأْبِينُ
بَانَ عَنْ مَوْقِعِ اللِّحَاظِ مُحَيَّا
هُ وَلَكِنَّ نُورَهُ لا يَبِينُ
فَلْيُخَلَّدْ فِي قَلْبِ كُلِّ شَكُورٍ
ذَلِكَ الصَّادِقُ الوَفِيُّ الأَمِينُ
يَا صَدِيقاً فُجِعْتَ فِيهِ وَإِنِّي
لَمْ أَخَلْ أَنَّهُ وَشِيكاً يَؤُونُ
إِنَّ قَبْراً تُزَارُ فِيهِ لَرَوْضٌ
قَدْ كَسَاهُ الرَّيْحَانُ وَالنِّسْرِينُ
فَإذَا أَخْطَأَ السَّحَابُ ثَرَاهُ
نَضَّرَتْهُ بِمَا سَقَتْهُ العُيُونُ
يَا شِقيقَ الفقِيدِ صَبْراً عَلَى رُزْ
ئيْك فَهْوَ الشَّقِيقُ وَهْوَ الخَدِينُ
لا يَرُدُّ القَضَاءَ حُزْنُ جَزْوعٍ
كُلُّ مَنْ عَاشَ بِالقَضَاءِ رَهِينُ