قَضَّيْتُ عُمْرِي لا مُسْتَدِينَا
وَلا مَليّاً بِأَنْ أَدِينَا
لَكِنَّ عِلْمِي بِبَنْكِ مِصْرٍ
وَنَفْعِهِ لَمْ يَزَلْ يَقِينَا
يَا مَنْ يَشيدُونَ صَرْحَ مَالٍ
صَرْحُ مَعَالٍ تُشَيِّدُونَا
أَنْتُمْ لأَوْطَانِكُمْ مُحب
ونَ حُبَّ صِدْقٍ لا مُدَّعُونَا
لَسْتُمْ تَقُولُونَ مَا تَخَالُونَ
هُ وَلَكِنْ تُحَقِّقُونَا
طَلْعَتُ حَرْبٍ طَلَعْتَ حَرْباً
عَلَى أَعَادِي الحِمَى زَبُونَا
بِالنُّطْقِ عَذْباً وَالرَّاي عَضْباً
يَفْرِي مِنَ البَاطِلِ الوَتِينَا
وَفَضْلُ ذَاكَ الثَّبَاتِ يَأْبَى
عَلَى الصُّعُوبَاتِ أَنْ يَخُونَا
وَذَلِكَ الأَخْذُ بالحِسَابِ الَّ
ذِي بِفِقْدَانِهِ مُنينا
فَكَانَ فِقْدَانُهُ عَلَيْنَا
فِي كُلِّ أَحْوَالِنَا غَبِينَا
أَغْرَى بِنَا الطَّامِعِينَ طُرّاً
وَأَشْمَتَ العَاذِلِينَ فِينَا
طَلْعَت يَا كَاتِباً أَدِيباً
وَيَا خَطِيباً نَدْباً مُبِينَا
وَيَا حَكِيماً فِي كُلِّ شَأْنٍ
يَليهِ مُسْتَبْصِراً رَزِينَا
وَيَا هُمَاماً أَجَدَّ فِي الأُمَّ
ةِ الصِّنَاعَاتِ وَالفُنُونَا
قَصَّرَ دُونَ المَقَامِ وَصْفِي
فَيا مَزَايَاهُ أَسْعِدِينَا
أَبْرِزْ بِكَ ابْناً لِمِصْرَ لَمَّا
جُدْتَ فَنَادَتْ أَيْنَ البَنُونَا
أَيْنَ الأُبَاةُ المُجَرِّبُونَا
أَيْنَ الحُمَاةُ المُرَجَّيُونَا
أَيْنَ بُنَاةُ العُلا بُيُوتاً
تَهِي الرَّوَاسِي وَلا يَهِينَا
أَيْنَ المُعِيدُونَ مِنْ فَخارٍ
مَا قَدْ طَواهُ البِلى قُرُونا
فَلْتَلْتَقِي مَأْثُرَاتُ قَوْمِي
يُصَدِّقُ الدَّفِينَا
ذَاكُمْ هُوَ النَّابِهُ العَظِيمُ الَّ
ذِي حَفَلْتُمْ تُكَرِّمُونَا
وَيَا نَبِيلاً أَوْلاهُ نَصْراً
وَكَانَ خَيْراً لَهُ مُعِينَا
حُيِّيتَ مِنْ مَاجِدٍ تَسَامَتْ
بِهِ أُصُولٌ فِي المَاجِدِينَا
أَبْدَيْتَ فِي كُلِّ مَا تَوَلَّيْ
تَ حِكْمَةً تُصْلِحُ الشُّؤونَا
وَيَا كَرِيمَ الأُصُولِ فَرْعَ
المُؤْثَّلِينَ المُؤَصَّلِينَا
بِأَيِّ عِبْءٍ نَهَضْتَ حِينَ
اللِّدَاتُ فِي الخَوْضِ يَلْعَبُونَا
فَكُنْتَ قَوْلاً وَكُنْتَ فِعْلاً
خَيْرَ مِثَالٍ لِلْمُوسِرِينَا
لَوْ صَنَعُوا مَا صَنَعْتَ أَوْ بَعْضَ
هُ لَسُدْنَا المُسَوَّدِينَا
وَيَا تُجَاراً بِمَا أَتَوْا مِنْ
رَوَائِعِ الفَضْلِ شَرَّفُونَا
وَكَانَ مِنْهُمْ فِي كُلِّ حَالٍ
مَا يَحْمَدُ المَجْدُ أَنْ يَكُونَا
بِلادُكُمْ تَبْتَغِي سَرَاةً
يُغْنُونَهَا لا مُنْصِبِينَا
كَمْ أَنْجَحَ القَصْدُ مُنْتِجُوهَا
وَغَيْرُهُمْ أَخْلَفَ الظُّنُونَا
دُمْتُمْ عِمَادَ الحِمَى وَدَامَ الحِ
مَى بِكُمْ رَاقياً أَمينَا
ذَلِكَ قَوْلِي أَعدْتُهُ اليَوْمَ
بَعْدَ عَشرٍ مِنَ السِّنِينَا
عَشْرٌ تَقَضَّتْ وَبَنْكُ مِصْرٍ
يَنْمُو وَيَسَمُو ثَبْتاً مَكِينَا
كَأَنَّهُ دَوْحَةٌ عَلَى الشَّرْقِ
كُلِّهِ فَرَّعَتْ غُصُونَا
لا يَأْتَلِيهَا دَرّاً وَبِرّاً
كَمَا تَبَرُّ الأُمُّ البَنِينَا
وَكُلُّهَا مُزْهِرٌ فُنُوناً
وَكُلُّهَا مُثْمِرٌ فُنُونَا
فِي كُلِّ حَوْلٍ أَوْ بَعْضِ حَولٍ
أَجَدَّ نَصْراً بِكْراً مُبِينَا
وَتَابَعَ الفَتْحَ بَعْدَ فَتْحٍ
وَرَدَّ كَيْدَ المُثَّبِّطِينَا
وَصَارَ عُنْوَانَ فَخْرِ مِصْرٍ
وَمَعْقِلَ العِزَّةِ الحَصِينَا