قِفْ خَاشِعاً بِضَرِيحِ عِزِّ الدِّينِ
وَاقْرَأْ سَلامَ أخٍ عَلَيْهِ حَزِينِ
كُنَّا عَلَى وَعْدٍ فَحَالَ حِمَامُهُ
دُونَ اللِّقَاءِ وَعُدْتَ عَوْدَ غَبِينِ
عَلَمٌ مِنَ الأَعْلامِ قَوَّضَهُ الرَّدَى
أَنَّى طَوَاهُ وَكَانَ جِدَّ مَكِينِ
عَهْدِي بِهِ إِنْ كَافَحَتْهُ حَوَادِثٌ
أَبْلَى بِعَزْمٍ فِي الْكِفَاحِ مَتِينِ
قَدْ كَانَ أَحْسَنَ قُدْوَةٍ فِي قَوْمِهِ
لِلسَّيْرِ فِي مِنْهَاجِهِ المَسْنُونِ
رَجَعُوا إِلَيْهِ فَكَانَ أَصْدَقَ نَاصِحٍ
وَاسْتَأْمَنُوهُ فَكَانَ حَقَّ أَمِينِ
أَثْرَى بِحِكْمَتِهِ فَعَزَّ وَلَمْ يَكْن
فِيمَا تَقَاضَاهُ الْعُلَى بِضَنِينِ
أَرْضَى الإِلَهَ وَنَفْسَهُ وَمَضَى إِلَى
غَايَاتِ دُنْيَاهُ سَلِيمَ الدِّينِ
سَلْ فِي التِّجَارَةِ كَيْفَ كَانَ نَجَاحَهُ
وَبُلُوغُهُ مَا لَيْسَ بِالمَظْنُونِ
وَسَلِ المَرَافِقَ كَيْفَ كَانَ يُديرُهَا
بِنَشَاطِ مِقْدَامٍ وَحَزْمٍ رَزِينِ
فَيُبَلُّغُ غَايَةَ نُجْحِهَا
بِالْقَصْدِ وَالتَّدْبِيرِ وَالتَّحْسِينِ
أَيْ مُصْطَفَى أَلْقَيْتَ دَرْساً عَلَّهُ
يَبْقَى لَدَى الْفِتْيَانِ نُصْبَ عُيُونِ
مَجْدُ البِلادِ بِجَاهِهَا وَثَرَائِهَا
لا بِالخَصَاصَةِ وَهْيَ بَابُ الْهُونِ
شَتَّانَ بَيْنَ طَلِيقِ قَوْمٍ يَبْتَنِي
مُلْكاً وَبَيْنَ مُغَلَّلٍ مِسْكِينِ
يُغْرِيهِ أَنْ تُجْرَى عَلَيْهِ وَظَائِفٌ
وَبِحُبِّهَا يُرْضِيهِ عَيْشُ ضَمِينِ
لَمْ يَخْتَدِعْ عَرَضٌ حِجَاكَ وَلَمْ يَجُرْ
بِكَ عَنَّ طَرِيقِ الجَوْهَرِ المَكْنُونِ
فَاذْهَبِ حَمِيداً خَالِدَ الذِّكْرَى وَفُزْ
بِثَوَابِ مَا أَسْلَفْتَ فَوْزَ قَمِينِ
عَبْدَ الحَمِيد كَرَامَةً وَمَحَبَّةً
أَفَلا أُجِيبُ السُّؤْلَ إِذْ تَدْعُونِي
لِلأَكْرَمِينَ بَنِي طَرَابُلُسٍ يَدٌ
عِنْدِي وَفَضْلٌ لَيْسَ بِالمَمْنُونِ
هَيْهَاتَ أَنْ أَنْسَى وَإِنْ طَالَ المَدَى
ذِكْرَى حَفَاوَاتٍ بِهِنَّ لَقُونِي
فَلَهُمْ وِدَادٌ صَادِقٌ مُتَقَادِمٌ
مَوْصُولَةٌ أَسْبَابُهُ بِوَتِينِي
أَفَإِنْ تَوَلَّى ذُو مَقَامٍ بَيْنَهُمْ
يَعْتَاقُنِي شُغْلٌ عَنِ التَّأْبِينِ
فِي أَيِّ نَجْمٍ لِلْهِدَايَةِ زَاهِرٍ
فُجِعُوا وَرُكْنٍ لِلْفَخَارِ رَكِينِ
لَوْ أَن بِي إِرْقَاءَ مَاءِ شُؤُونِهِمْ
أَرْقَأْتُهُ وَبَذَلْتُ مَاءَ شُؤُونِي
يَا وَاصِفُ النَّجْلِ النَّجِيبِ المُرْتَجَى
لِلْجَاهِ بَعْدَ أَبِيهِ وَالتَّمْكِينِ
عَظُمَتْ مُوَاسَاةُ الحِمَى لَكَ فَلْيَكُنْ
فِيهَا العَزَاءُ لِقَلْبِكَ المَحْزُونِ