أَلطِّيْبُ فِي نَفَحَاتِ الرَّوْضِ حَيَّانِي
وَأُنْسُكُمْ يَا كِرَامَ الحَيِّ أَحْيَانِي
رَعَيْتُمونِي وَدَارِي شُقَّةٌ قُذَفٌ
فَلَمْ أَزَلْ وَاجِداً أَهْلِي وَخُلاَّنِي
إِنْ قَالَ مَا قَالَ إِخْوَانِي لِتَكْرِمَتِي
فَهَلْ أَنَا غَيْرُ مِرْآةٍ إِخْوَانِي
وَإِنْ شَجَا مِصْرَ صَوْتِي هَلْ يَكُونُ سِوَى
صَوْتُ الْعَزِيزَيْنِ سُورِيَّا وَلُبْنَانِ
لا تَسْأَلُونِي وَقَدْ لاقَيْتُ مَا سَمَحَتْ
بِهِ مَكَارِمُكُمْ عَمَّا تَوَلاَّنِي
إِلَى طَرَابُلُسَ الدَّارِ الَّتِي دُعِيَتْ
فَيْحَاءَ مِنْ رَحَبٍ فِيهَا بَضِيفَانِ
ذَاتِ الْخَلائِقِ أَبَدَاهَا وَنَّمَّ بِهَا
فِي كُلِّ مَوْقِعِ حِسٍّ كُلُّ بُسْتَانِ
ذَاتِ النُّفُوسِ الَّتِي لاحَتْ سَرَائِرُهَا
غُرّاً عَلَى أَوْجُهٍ كَالزَّاهْرِ غُرَّانِ
ذَاتِ المُوَادَعَةِ الحُسْنَى وَأَحْسَنُ مَا
كَانَتْ مُوَادَعَةٌ فِي أَرْضِ شُجْعَانِ
إِلَى أَعِزَّةِ هَذِي الدَّارِ مِنْ نُجُبٍ
تَاهَتْ فَخَاراً بِقَاصِيهِمْ وَبِالدَّانِي
مُتَوِّجِي كُلِّ مَا جَاؤُوا بِمَحْمَدَةٍ
وَمُخْرِجِي كُلِّ مَا شَاؤُوا بِإِتْقَانِ
وَسَابِقِي كُلِّ ذِي فَضْلٍ وَمَأْثُرَةٍ
فَضْلاً وَمَأْثُرَةً فِي كُلِّ مَيْدَانِ
لا يَبْخَلُونَ إِذَا أَهْلُ النَّدَى بَخِلُوا
وَلَيْسَ يُؤْذَى النَّدَى مِنْهُمْ بِمَنَّانِ
حَيِّ ابنَ نَحَّاسَ وَهْوَ التِّبْرُ بَيْنَهُمُ
بِعُنْصُرَيْهِ وَهَلْ فِي التِّبْرِ رَأْيَانِ
حَيِّ عَوْناً لَهُ تَعْتَزُّ دَوْلَتُهُ
مِنْهُ بِرُكْنٍ قَوِيٍّ بَيْنَ أَرْكَانِ
سَمْحَ الخَلائِقِ أَوْلانِي مَدَائِحَهُ
وَجَلَّ مَا قَلْبُهُ المِسْمَاحُ أَوْلانِي
وَاذْكُرْ بَنِي كَرَمٍ قَوْمٌ غَدَا اسْمُهُمْ
لِلْجُودِ وَاللُّطْفِ فِيهِ خَيْرَ عُنْوَانِ
وَنَوْفَلاً وَخِلاطاً وَالأُولَى لَحِفُوا
بِشَأْوِهِمْ مِنْ أَلبَّاءٍ وَأَعْيَانِ
مَاذَا تَعُدُّ وَكَائِنْ فِي طَرَابُلُسٍ
أَعِزَّةٌ مِنْ أُولِي جَاهٍ وَعِرْانِ
إِنْ تُولِهِمْ مِنْ ثَنَاءٍ مَا يَحِقُّ فَلا
يَفُتْكَ حَمدٌ لِهَذَا الضَّيْفِ فِي آنِ
مِنْ آلِ مَلُّوكَ مَيْمُونٍ نَقِيبَتُهُ
عَدَاهُ ذَمٌّ وَلا يُلْفَى لَهُ شَانِي
أَغَرَّ يُغْلِي عَطَايَاهُ تَخيُّرُهُ
لَهَا فَإِحْسَانُهْ أَضْعَافُ إِحْسَانِ
إِلَى الأُولَى شرَحُوا صَدْرِي بِأُلْفَتِهِمْ
عَلَى اخْتِلافِ عَقِيدَاتٍ وَأَدْيَانِ
منْ صَادِرِينَ إِلَى العَلْيَاءِ عَنْ أَمَلٍ
كَأَنَّهُ دَوْحَةٌ أَوْفَتْ بِأَغْصَانِ
أَلسَّيِّدَانِ بِهِمْ جَارَانِ فِي مَقَةٍ
وَالمَذْهَبَانِ هُمَا فِي القَلْبِ جَارَانِ
وَهَلْ إِذَا سَارَ فِي الأَوْطَانِ رُوحُ قِلىً
يُرْجَى صَلاحٌ وَإِصْلاحٌ لأَوْطَانِ
إِلَى الأُولَى بَلَغَتْ بِالجِدِّ نَهْضَتُهُمْ
مَكَانَةً لَمْ تُخَلْ يَوْماً بِإِمْكَانِ
مِنْ كُلِّ نَدْبٍ بِهِ تَعْتَزُّ لَجْنَتُهُمْ
لا يَظْلِمُ الحَقُّ دَاعِيهِ بِإِنْسَانِ
رَئِيسُهَا مُحْرِزٌ فِي الْفَضْلِ مَنْزِلَةً
فَاقَتْ مَنَازِلَ أَنْدَادٍ وَأَقْرَانِ
إِلَى المُجِدينَ جَادَتْنِي قَرَائِحُهُمْ
نَظْماً وَنَثْراً بِمَا أَرْبَى عَلَى شَانِي
مِنْ غَادَةٍ خَلَبَ الأَلْبَابَ مَنْطِقُهَا
هِيَ الْفَرِيدَةُ فِي عَقْلٍ وَتِبْيَانِ
دَلَّتْ مَهَارَتُهَا خُبْراً وَمَعْرِفَةً
عَلَى التَّفَوُّقِ فِي خُبْرٍ وَعِرْفَانِ
وَمِنْ رَفِيقِ صِباً مَا زِلْتُ مِنْ قِدَمٍ
أَرْعَاهُ رَعيَ أَخٍ بَرٍّ وَيَرْعَانِي
وَنَاثِرٍ لَبِقٍ أَبْقَى بِذِهْنِي مِنْ
إِبْدَاعه خَيْرَ مَا يَبْقَى بِأَذْهَانِ
وَشَاعِرٍ عَبْقَرِيِّ الصَّوغِ قَلَّدَنِي
أَغْلَى الْقَلائد مِنْ دُرٍّ وَعِقْيَانِ
عِقْدٌ تَفَرَّدَ فِيهِ الرَّافِعِيُّ وَهَلْ
لِذَلِكَ الْبُلْبُلِ الْغِرِّيد مِنْ ثَانِي
حَسْبِي ثَنَاءً عَلَيْهِ إِنْ أَرَدْتُ لَهُ
وَصْفاً فَقُلتُ اسْمَهُ وَالْوَصْفُ أَعْيَانِي
إِلَى اللَّوَاتِي يُهَذِّبْنَ الْبَنَاتِ كَمَا
يَرْضَى الْكَمَالانِ مِنْ حُسْنٍ وَإِحْسَانِ
وَالْقَائِمِينَ بِتَثْقِيفِ الْبَنِينَ عَلَى
أَجَلِّ مَا يُبْتَغَى تَثْقِيفُ فِتْيَانِ
إِلَى الأَوَانِسِ أَنْمَتْهُنَّ مَدْرَسَةٌ
قَامَتْ بِفَضْلَيْنِ للسَّاعِي وَلِلبَانِي
مَثَّلْنَ مَا شَنَّفَ الآذَانَ فِي لُغَةٍ
جَعَلْنَهَا خَيْرَ نَشْنِيفٍ لآَذَانِ
أَزُفُّ أَبْيَاتَ شُكْرَانِي وَلَيْسَ تَفِي
بِالحَقِّ لَوْ صُغْتُهَا آيَاتِ شُكْرَانِ
فَيَا كِرَاماً أَقَرَّتْنِي حَفضاوَتُهُمْ
بِحَيْثُ يَحْسُدُنِي أَرْبَاب تِيجَانِ
لا تَسْأَلُونِي وَقَدْ وُلِّيْتُ مَا سَمَحَتْ
بِهِ مَكَارِمُكُمْ عَمَّا تَوَلاَّنِي
دومُوا وَدَامَتْ بِلا عَدٍّ مَفَاخِرُكُمْ
مُخَلَّدَاتٍ لأَزْمَانٍ فَأَزْمَانِ
وَالْعِزُّ وَالْجَاهُ فِي هَذَا الحِمَى أَبَداً
بِكُمْ جَدِيدَانِ مَا كَرَّ الْجَدِيدَانِ