جَاءَتْ صَفِيحَتكُمْ وَلَمْ أر شَكْلَهَا
لَكِنْ عَلِمْتُ بِحُسْنِهَا الفَتَّانِ
وَعَلِمْتُ مَا أغَرَبْ بِكُلِّ مَحَطَّةٍ
مِنْ أنفُسِ النُّظَّارِ وَالأعْيَانِ
يَا حَبَّذَا لَمَعَانُهَا مُتَنَاثِراً
مِنْ حَوْلِهَا يَدعُو بِألْفِ بَنَانِ
يَا حَبَّذَا ذَلكَ العَبِيرُ وَفَتْحُهُ
لِمَغَالِقِ الشَّهَوَاتِ فِي الشَّبْعَانِ
سَارَ القِطَارُ بِهَا يَتِيهُ تَدَلُّلاً
وَيَيُثُّ لاَعِجَ شَوْقه بِدُخَانِ
حَتَّى أتَى مِصْراً بِهَا فَتَطَوَلَتْ
أَيْدٍ لِتَحْمِلَهَا بِغَيْرِ تَوَانِ
رُفِعَتْ عَلَى الأَعْضَادِ يَغْنَجُ خِصْرُهَا
وَتَمِيلُ هَامَتُهَا مِنَ الرَّجْحَانِ
وَتَضُجُّ أرْكَانْ المَحَطَّةِ كُلِّهَا
وَأُنَاسُهَا بِصِياحِ الاسْتِحْسَانِ
حَتَّى إذَا مَا طَنْطَنَتْ أبْنَاؤُهَا
فِي القُطْرِ مَادَ مِنَ الهَوَى الهَرَمانِ
وَتَهَلْلَ النِّيلُ الوَقُورُ مُصفِّقاً
طَرَباً وَمَاجَ بِذَائِبِ العُقْيانِ
وَتَمَادَتِ الأفْرَاحُ مِنْ مِصْرَ إلى
أعْلَى الصَّعِيد إلى ذُرَى أسْوَانِ
النِّيلُ وَالشَّلاَل وَالآثَارُ مِنْ
أقْصَى الزَّمَانِ إلى أجَدِّ إلى أجَدَّ زَمَانِ
وَالنَّاسُ وَالأَرْبَابُ مِنْ مِنْحُوتِهِمْ
وَمُصَوَّتَاتِ الطَّيْر وَالحيَوَانِ
حَمَدُوا جَمِيعاً مَا صَنَعْتَ وَأنْشَدُوا
يَحيَا سَخَاءُ حَبِيبِنَا نُعْمَانِ