أَرَأَيْتِ صَوْغَ الدُّرِّ فِي العِقْيَانِ
هَذَا حَبَابُ الْبُنِّ فِي الْفِنْجَانِ
فَلَكٌ تُمَثِّلُ شَمْسُهُ وَنُجُومُهُ
أَفْلاكَنَا فِي السَّيْرِ وَالدَّوَرَانِ
لَيْلَى أَجِيلِي الطَّرْفَ فِيهِ تَنْظُرِي
سِرَّ الْكِيَانِ وَآيَةً الأَزْمَانِ
تَجِدِي سَمَاوَاتٍ وَسِعْنَ عَوَالِماً
فَتَّانَةَ الإِبْدَالِ وَالإِتْقَانِ
مَنْثُورَةَ الأَفْرَادِ مَنْظُومَةً
جَمْعاً بِمَا لا تُدْرِكُ الْعَيْنَانِ
سَيَّارَةً بَيْنَ الجِهَاتِ حَوَائِراً
مُرْتَادَةً فِي البَحْثِ كُلَّ مَكَانِ
كُلٌّ يَصِيرُ إِلَى حَبِيبٍ مُرْتَجًى
حَتَّى يُدَانِيَهُ فَيَلْتَصِقَانِ
فَيَذُوبَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي صِنْوِهِ
وَكَذَاكَ يَحْيَا بِالْهَوَى الصِّنْوَانِ
جِسْمَانِ يَغْتَدِيَانِ جِسْماً وَاحِداً
كَتَوحُّدِ الحَبَبَيْنِ يَقْتَرِنَانِ
رُوحَانِ تَمْتَزِجَانِ حَتَّى تُصْبِحَا
شِبْهَ الصَّبَا وَالطِّيبِ يَمْتَزِجَانِ
تِلْكَ الْحَيَاةُ عَتِيدُهَا وَمَصِيرُهَا
حَتَّى يَكُونَ الحُبُّ آخِرَ فَانِي
إِذْ تُنْثَرُ الشُّهُبُ المُنِيرَةُ مِثْلَمَا
تَنْهَلُّ أَدْمُعُ عَاشِقٍ وَلْهَانِ
وَتَذُوبُ فِي لَهَبِ الشُّمُوسِ هَوَانِئاً
وَبِهَا الشُّمُوسُ تَذُوبُ وَهْيَ هَوَانِي
وَيَكُونُ يَوْمَئِذٍ شِفَاءُ غَلِيلِهَا
وَمَتَاعُهَا وَفَنَاؤُهَا فِي آنِ
قَالَتْ أَذَاكَ مَصِيرُنَا فَأَجَبْتُهَا
أَلسَّعْدُ آخِرُ شِقْوَةِ الإِنْسَانِ
وَهُوَ الْحَيَاةُ نَعِيشُهَا فِي لَحْظَةٍ
مَجْمُوعَةَ الأَفْرَاحِ وَالأَحْزَانِ
عُودِي إِلَى الفِنْجَانِ أَيْنَ شُمُوسُهُ
وَالطَّائِفَاتُ بِهَا مِنَ الأَكْوَانِ
عَاشَتْ عَلَى شَوْقٍ فَلَمَّا أَدْرَكَتْ
أَوْطَارَهَا مِنْ مُلْتَقًى وَقِرَانِ
زَالَتْ وَمَا أَبْقَى الْهَوَى مِنْهَا سِوَى
عِطْرٍ يَضُوعُ هُنَيْهَةً وَدُخَانِ