يَا غُرَبَاءَ الحِمَى سَلاما
حِمَامُكمْ هَوَّنَ الحِمَامَا
إِنْ عَاقَكُمْ عَائِقٌ فَمِصْر
تَمْضِي إِلَى قَصْدِهَا أَمامَا
كَمْ رَاحَ قَتْلَى دُونَ مَرَامٍ
وَقَوْمُهُمْ أَدْرَكُوا المَرَامَا
إِنِّي أُعَانِي بِحِسِّ قَلْبِي
خَطْبَكُمُ الرْائِعَ الجُسَامَا
أَشْهَدُهُ وَالقِطَارُ يَفْرِي
بِسُرْعَةِ البَارِقِ الظَّلامَا
بَيْنَاهُ يَمْضِي عُلْواً وَسُفْلاً
يَنْتَهِبُ القَاعَ وَالإِكْامَا
إِذِ التَقَاهُ وَلَنْ يَرَاهُ
مُعْتِرِضٌ دَكَّهُ صِدَامَا
تَنَاطَحَ المُوغِلانِ عَدْواً
فَانْحَطَمَا فِي الدُّجَى انْحِطَامَا
ذَابَ جِهَازُ الحَدِيدِ صَهْراً
إِلاَّ أَضَالِيعَهُ الضِّخَامَا
وَالخُشُبُ المُضْرَمَاتُ أَجْلَتْ
عَنْ فَحَمٍ مُبْطِنٍ ضِرَامَا
هُنَالِكُمْ لَحْظَةٌ نَسِيتُمْ
حِيَالَهَا الرَّوْعِ وَالسَّقَامَا
مُدَّكِرِينَ الحِمَى وَأَهْلاً
فُطِمْتُمْ عَنْهُمُو فِطَامَا
دَاعِينَ تَحْيَا مِصْرْ فَصَرْعَى
تُكَابِدُونَ المَوْتَ الزُّؤَامَا
فَيَا لَهَا اللهُ مِنْ ثَوَانٍ
أَقْصَرُهَا طَاوَلَ الدَّوَامَا
وَاحَرَّ قَلْبَا عَلَى شَبَابٍ
كَانُوا جُسُوماً صَارُوا عِظَامَا
كَانُوا وُجُوهاً مُنَوَّرَاتٍ
تَكَدَّسُوا أَرْجُلاً وَهَامَا
كَانُوا ابْتِسَامَ الرَّجَاءِ أَمْسَوْا
وَلا رَجَاءً وَلا ابْتِسَامَا
فِي ذِمَّةِ اللهِ يَا فَريقاً
عَاشُوا كِرَاماً وَمَاتُوا كِرَامَا
مُصَابُكُمْ شَفَّ مِصْرَ حُزْناً
ورَوَّعَ البَيْتَ وَالشَّآمَا
فِي كلِّ قَلْبٍ ثُكْلٌ عَلَيْكُمْ
نَفَى مِنَ المُقْلَةِ المَنَامَا
نَشَدْتُمُ العِلْمَ فِي دِيَارٍ
عَزِيزٌ اليَوْمَ أَنْ تُرامَا
لِوَجْهِ مِصْرٍ تَسْعَوْنَ سَعياً
إِلَى سَمَاءِ الفِدَى تَسَامَى
تَسْخُونَ بِالأَنْفُسِ الغَوَالِي
سَخَاءَ مَنْ يَبْذُلُ الحُطَامَا
وَحَسْبُكُمْ فِي غَرَامِ مِصْرٍ
أَنَّكُمْ مِتُّمُ غَرَامَا
بَلْ قَلَّ فِيهَا لَوْ كَانَ كُلُّ
مِنْ رَهْطِكُمْ جَحْفَلاً لُهَامَا
نِهَايَةُ الفَخْرِ كُلُّ حُرٍّ
فِي مَذْهَبٍ عَن حِمَاهُ حَامَى
وَخَالِدُ المَجْدِ مَنْ تَوَلَّى
دُونَ أَعَزِّ المُنَى اعْتِزَامَا
مَا ضَارَ أَنْ بِنْتُمُو صِغَاراً
فَفِي النُّهَى بِتُّمُوا عِظَامَا
رُبَّ شُيُوخٍ شَقُوا طَوِيلاً
لَمْ يَبْلِغُوا ذَلِكَ المَقَامَا