يَا جَنَّةً أَهْدَتْ إِلَيَّ سَلاما
أَهْدَيْتِ بَرْداً لِلحَشَى وَسَلامَا
فِي العِدْوَةِ العُلْيَا جَلَسْتِ مَلِيكَةً
بِالعِزِّ وَالإِجْلالِ تَأْبَى الذَّامَا
بَسَطَتْ عَلَى العَبْرَيْنِ رَايَةَ فَخْرِهَا
وَعَدَا الأَجَارِعَ فَيْئُهَا وَتَرَامَى
أَجْرَيْتِ وَادِيكِ المُبَارَكَ بِالنَّدَى
وَرَكِبْتِ مِنْ مَتْنِ الفَخَارِ سَنَامَا
فِي كُلِّ مُشْتَرَفٍ جَمَالُكِ رَائِعٌ
نَثَرَ البَدِيعَ وَصَاغَ مِنْهُ نِظَامَا
وَعَلَى ذُرَاكِ مِنَ الصُّنُوبَرِ غَابَةٌ
تُحْيِي النُّفُوسَ وَتُبْرِيءُ الأَسْقَامَا
مَنْ يَسْتَظِلُّ بِهَا وَلَيْسَ بِمُلْهَمٍ
تُلْقِي عَلَيْهِ ظِلالُهَا الإِلْهَامَا
حُييْتِ مِنْ بَلَدٍ أَمِينٍ طَيِّبٍ
حَسُنَتْ مَرَابِعُهُ وَطَابَ مُقَامَا
يَلْقَى الأَحِبَّةَ بِالمَنَازِلِ رَحْبَةً
وَالرَّوْضُ نَضْراً وَالضُّحَى بَسَّامَا
أَهْلُوهُ فِي حُلْوِ الزَّمَانِ وَمُرِّهِ
لا يَبْرَحُونَ كَمَا عَرَفْتَ كِرَامَا
لَمْ أُلْفِ إِلاَّ عَاقِلاً مُتَأَدِّباً
فِيهِمْ وَإِلاَّ سَاعِياً مِقْدَامَا
مَنَحُوا الجَدِيدَ مِنَ المَفَاخِرِ حَقَّهُ
وَرَعَوْا لِعَهْدِهِمُ القَدِيمِ ذِمَامَا
هِمَمٌ إِلَى غَايَاتِهَا وَثَّابَةٌ
تُجْرِي الصَّفَا وَتُنَضَّرُ الآكَامَا
تَبْغِي النَّجَاحِ سَبِيلُهُ مَشْرُوعَةٌ
وَتُجَانِبُ الأَوْزَارَ وَالآثَامَا
فِي كُلِّ مَيْمُونِ النَّقِيبَةِ حَازِمٍ
يَأْتِي المَسَاعِي مَا أَرَدْنَ جِسَامَا
يَبْنِي وَيَغْرِسُ لا يُقَصِّرُ عَنْ مَدَى
فِي المَطْلَبَيْنِ وَلا يُطِيلُ كَلامَا
قَوْمٌ بِمِثْلِ شَبَابِهِمْ وَشُيُوخِهِمْ
يُنْمِي وَيُسْعِدُ رَبَّكَ الأَقْوَامَا
أُثْنِي عَلَيْهِمْ وَالوَفَاء بِشُكْرِهِمْ
مِمَّا يَعِزُّ عَلَى القَرِيضِ مَرَامَا
قَدْ أَكْرَمُونِي مُقْبِلِينَ وَكُلهُمْ
أَوْلَى بِأَنْ يَتَقبَّلَ الإِكْرَامَا
وَأَخُصُّ بِالمَدْحِ الرَّئِيسَ مُقَدَّماً
فِيهِمْ بِحَقٍّ وَالمُدِيرَ هُمَامَا
وَالوَافِدِينَ إِليَّ مِنْ أَوْطَانِهِمْ
يُولُونَنِي فَضْلاً بِذَاكَ عُظَامَا
إِنْ شَرَّفُوا قَدْرَ الوِدَادِ فَإِنَّهُمْ
لَمُشَرِّفُونَ الصحْفَ وَالأَقْلامَا