لَوْ كَانَ مِمَّا رَبُّكَ عَاصِمُ
لَنَجَا الْغَرِيقُ وَعَاشَ أَحْمَدُ عَاصِمُ
سُقِيَ الرَّدَى حَيْثُ الأُجَاجُ رَحِيقُهُ
وَالكَأْسُ بَحْرٌ مَوْجُهُ مُتَلاطِمُ
وَثَوَى رَهِينَ قَرَارَةٍ مَيَّادَةٍ
لا يَسْتَقِرُّ بِهَا الدَّفِينُ النَّائِمُ
يَا رَاحِلاً مَا كَانَ أَسْرَعَ كَرَّةً
مِنْ عُمْرِهِ إِلاَّ الحِمَامُ الْهَاجِمُ
لَرَثَى لَكَ الْجَانِي عَلَيْكَ لَوَانَّهُ
لشلبَحْرِ قَلْبٌ ذُو شُعُورٍ رَاحِمُ
أَبْكَى الْعُيُونَ عَلَيْكَ إِلاَّ أَنُّهُ
مِنْ مَائِهِ دَمْعُ الْعُيُونِ السَّاجِمُ
وَلَعَلَّهُ أَرْعَى عَلَيْكَ مِنَ الْبِلَى
فِي تُرْبَةٍ تَرْبُو وَأَنْفُكَ رَاغِمُ
فَأَقَرَّ جِسْمُكَ حَيْثُ يَغْدُو جَوْهَراً
تُسْتَامُ فِيهِ الدُّرُّ وَهْيَ كَرَائِمُ
وَسَمَا بِنَفْسِكَ فِي العُلَى فَتَأَلَّقَتْ
مُفْتَرَّةً حَيْثُ النُّجُومَ بَوَاسِمُ
فَكِلاهُمَا فِي عَالَمَيْنِ تَشَاكَلا
شَبَهاً كَمَا شَاءَ الْبَدِيعُ النَّاظِمُ
تِلْكَ النُّجُومُ الطَّفِيَاتُ عَوَالِمٌ
وَالدُّرُّ فِي المَاءِ المُحِيطِ عَوَالِمُ
صغرَتْ عَظَائِمُهَتا لَدَى تَكْوِينِهَا
وِصِغَارُهُنَّ عَلَى النِّظَامِ عَظَائِمُ
أَسَفاً عَلَيْكَ وَنَحْنُ أَوْلَى بِالأَسَى
أَيْنَ الَّذِي يَشْقَى وَأَيْنَ النَّاعِمُ
كَانَتْ لَكَ الدُّنْيَا وَكَانَ لَكَ الْغِنَى
وَالْجَاهُ وَالْجِسْمُ الصَّحِيحُ السَّالِمُ
وَلَكَ الصِّبَا وَالزَّعْوُ وَالزَّمَنْ الرِّضى
وَاللَّهْوُ وَالسَّعْدُ المُطِيعُ الْخَادِمُ
مِنْ كل مَا يُعْتَدُّ غُنْماً لِلْفَتَى
لَوْ فِي الحَيَاةِ مَغَارِمٌ وَمَغَانِمُ
فَمَضَيْتَ لا مَنْ عَاشَ بَعْدَكَ غَانِمٌ
رَهْنَ الْعَذَابِ وَلا شَبَابَكَ غَارِمُ
يَتَكَافَأُ الحِدْثَانِ فِي الدُّنْيَا سِوَى
أَنْ نِمْتَ عَنْهُ وَمَنْ تَخَلَّفَ قَائِمُ
وَمَصِيرُنَا وَالدَّهْرُ وَالدُّنْيَا مَعاً
فَقْدٌ عَمِيمٌ وَانْحِلالٌ خَاتِمُ
لا بَحْرَ نَاجٍ مِنْهُ يَومَئِذٍ وَلا
أُفُقٌ وَلا حَدَثٌ وَلا مُتَقَادِمُ