دائمًا ما يمتلئ الأدب القصصي والروائي بعدد كبير من المصطلحات الهامة الي تشير بشكل دقيق إلى الطرق المختلفة لكتابة وسرد القصة أو الرواية ولعل من أشهر تلك المصطلحات هو مصطلح الرؤية السردية ومصطلح التبئير Focalisation الذي دائمًا ما يُشير إلى حصر الرواي داخل القصة في إطار مُحدد لا يحيد عنه .
مفهوم التبئير
كان هذا المصطلح يُستخدم بشكل عادي وتلقائي بين العرب قبل أن يصبح مصطلح أساسي يعتمد عليه الكثير من الروائيين والنقاد ، ومفهوم مصطلح التبئير ينصب في حصر مدى الرؤية لدى الشخص الراوي داخل القصة من خلال مجموعة من المعلومات المحددة فقط ، وقد تم اللجوء إلى لفظ التبئير لتوصيف هذا المعنى نظرًا إلى أن طبيعة السرد في هذه الحالة تتم من خلال بؤرة محددة تحصر إطار رؤية الراوي .
وقد تم اقتراح مصطلح التبئير وإدخاله إلى عالم الأدب بواسطة كل من “روبيرت وارين” و “كلينيث بروكس” وتم حينذاك استبدال بعض المصطلحات الأخرى التي لا تعطي نفس هذا المعنى السردي العميق مثل مصطلح “وجهة نظر الراوي” أو “رؤية الراوي” ، وقد تم إدخال التبئير للمرة الأولى إلى عالم الأدب العربي بواسطة الأديب “أحمد المتوكل” ثم انتشر بعد ذلك بين الكثير من الأدباء العرب .
الفرق بين السارد والراوي
فيما يخص السرد ؛ فهو يُبنى على ركيزتين أساسيتين هما وجود قصة ووجود نقل لهذه القصة بواسطة أحد الأشخاص ، وطريقة نقل القصة هنا وحكايتها هي التي تُسمى (سردًا) ، مما يعني أن سرد القصة يتطلب وجود شخصين أو أكثر أحدهما يقوم بسرد القصة ويُسمى (راويًا) والاخر يقوم بالاستماع إلى تلك القصة ويُسمى (المرويًا له أو القارئ) .
ومن الفروق الأساسية بين السارد والراوي ؛ أن الراوي هو من يقوم برواية القصص سواءالقصص التاريخية الحقيقية أو التي يقوم بتأليفها موضحًا بعض الأهداف والفوائد من تلك الرواية ، بينما السارد عمومًا فهو الشخص الي يقوم بنقل وسرد الأخبار والأحداث اليومية إلى الاخرين .
مفهوم السرد القصصي
يُعد السرد القصصي واحدًا من أهم أساليب الكتابة التي يتم الاعتماد عليها في كتابة المقتطفات الأدبية المختلفة سواء الروايات أو القصص أو المسرحيات ، كما أن الكثير من الأدباء يفضلون هذا الأسلوب السردي نظرًا لأنه يتمتع بقدر عالي من المرونة حيث يتمكن الأديب من خلال بأنه يقوم بصياغة مجموعة من الأخلاقيات والأحداث والسلوكيات إلى مجموعة من الأفكار والمعاني المتراصة بشكل متسلسل يتخلله ترتيب في الأحداث بشكل يحقق الفائدة للقارئ .
ومن أبرز مزايا السرد القصصي هو أنه يكون مكتفيًا بالأحداث التي يقوم الكاتب بسردها داخل القصة ؛ بمعنى أنه لن يكون هناك حاجة إلى لفت نظر القارئ إلى المواعظ أو الإرشادات لأن أسلوب السرد سوف يُساعده على استنباط ذلك بنفسه من خلال أحداث القصة أو الرواية ، كما يتميز نظام السرد أيضًا بأنه لا يعتمد بالضرورة على وجود المسرود له في نفس المكان ويمكن أن يتم السرد القصصي بطريقة كتابية أو شفهية .
أشكال السرد القصصي
يوجد عدة أشكال وأنواع من السرد القصصي التي يعتمد عليها المؤلفين والرواة في صياغة أحداث القصص المختلفة ، وهي تشمل :
–سرد متسلسل : في هذا النوع من السرد القصصي نجد أن المؤلف يعتمد بشكل كامل على تطور الأحداث ومرور الزمن داخل أحداث القصة بتدرج مناسب ومُقنع حيث يظل السارد ينتقل من الحدث الأول إلى الثاني وهكذا ثم يقوم في نهاية الأمر بوضع نهاية مناسبة لتلك الأحداث المتتالية .
–سرد متقطع : أما السرد المتقطع فهو يختلف بشكل كبير عن النوع السابق وهو مُتبع في عدد كبير من المسلسلات ، حيث يقوم السارد في بداية القصة بعرض النتيجة النهائية التي توصلت إليها أحداث قصته ، ثم يبدأ بعد ذلك في شرح الأحداث التي أدت إلى هذه النهاية بداية من الحدث الأول وحتى الأخير .
–سرد متناوب : وهذا النوع السردي أيضًا تعتمد عليه الكثير من المسلسلات التليفزيونية ، وهو يعتمد على وجود أكثر من حدث يسيران معًا بالتوازي حيث يتم عرض جزء من إحدى الأحداث ثم الانتقال إلى الاخر ثم العودة إلى الحدث الأول وهكذا حتى النهاية ، ولا يتبع هذا النوع من السرد إلا الأدباء المحترفين حيث أنه يتطلب قدر عالي من الربط بين شخصيات القصة والحوار وطبيعة تدرج الأحداث .