لا تَحْقِرِ الدِّرْهَمَ مِنْ مُسْعِدٍ
سَلْ أُمَمَ الْغَرْبِ بِهِ تَعْلَمِ
بَنَى بِهِ إِحْسَانُهُمْ مَا بَنَى
مِنْ مَعْهَدٍ لِلبِرِّ أَوْ مَعْلَمِ
يَقُولُ مَنْ فَكَّرَ فِي أَمْرِهِ
أَكُلُّ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ دِرْهَمِ
هَلْ قَامَ بِالمُعْظَمِ فِي كل مَا
يَعُمُّ بِالنَّفْعِ سِوَى المُعْظَمِ
مَا النِّيلُ إِلاَّ قَطَرَاتٌ إِلَى
وَادِيهِ مِنْ أَقْصَى الرُّبَى تَرْتَمِي
لَوْ لَمْ يُؤَلِّفْ بَيْنَهَا لَمْ تَكُنْ
جَنَّات مِصْرٍ غَيْرَ قَفْرٍ ظَمِي
سَرِّّحْ بِهِ طَرْفَكَ وَاعْجَبْ لِمَا
يَنْجُمُ عَنْ تَصْرِيفِهِ المُحْكَمِ
يَا أَنْجُماً زَانَتْ سَمَاءَ الْحِمَى
بُورِكَ فِي الْفِتْيَانِ مِنْ أَنْجُمِ
لَهُمْ سَنَاهَا وِبِهِمْ مِثْلُ مَا
يَجْلو السَّنَى مِنْ عَزْمِهَا المُضْرَمِ
دَعَوْتمُ الشَّعْبَ إِلَى غَايَةٍ
يَنْشُدُهَا مِنْ نَهْجِهَا الأَقْوَمِ
دَارٌ بِهِ يُحْيِي صِنَاعَاتِهِ
كَعَهْدِهَا فِي الزَّمَنِ الأَقْدَمِ
تشَادُ بِالمَيْسُورِ مِمَّا بِهِ
يَسْخُو لَهَا الْجَيْبُ وَلَمْ يُهْدَمِ
فَيُسْتَدَر الخَيْر ُ أَوْ تُتَّقَى
آفَاتُ بُؤْسٍ مُثْكِلٍ مُؤْتِمِ
إِنْ لَمْ يَكُنْ رِزْقٌ فَلا بِدْعَ فِي
تَحَوُّلِ الْعَافِي إِلَى مُجْرِمِ
ذَاكَ لَعَمْرِي مَطْلَبٌ قَيِّم
مَا بَعْدَهُ مِنْ مَطْلَبٍ قَيِّمِ
بِمِثْلِهِ تُقْشَعُ عَنْ أُمَّةٍ
غَيَاهِبُ المُسْتَقْبَلِ المُظْلِمِ
حَاجَتُنَا الْيَوْمَ إِلَيْهِ فَمَنْ
لَمْ يَقْضِ مَا تُوجِبُهُ بَأْثَمِ
إِيهاً مُحِبِّي مِصْرَ هَاتُوا عَلَى
دَعْوَى هَوَاهَا حُجَّةَ المُفْحِمِ
أَيْنَ سَخَاءُ الْيَدِ تُغْنُونَهَا
بِهِ قَلِيلاً مِنْ سَخَاءِ الْفَمِ
تَدَفَّقُوا بِالصَّدَقَاتِ الَّتِي
تَصْونُهَا مِنْ صَوْلَةِ المُعْدِمِ
مَاذَا عَلَى السَّامِحِ مِنْ كَسْبِهِ
مُحْتَسِباً بِالْقِرْشِ فِي مَوْسِمِ
يُعْطِيهِ لا غُرْماً وَلَكِنْ لَهُ
أَضْعَافُ مَا يُعْطِيهِ فِي المَغْنَمِ
إِنَّا أَهَبْنَا بِكِرَامٍ لَهُمْ
سَمَاحَةٌ بِالْحِرْصِ لَمْ تُثْلَمِ
هَذَا وَلا نُلْزِمُ مِنْ نُصْحِنَا
مَا لَيْسَ اِلنَّاصِحِ بِالمُلْزِمِ
فَلْيُسْعِدِ الجَيْبُ ببَذْلِ إِذَا
قَلَّ غَنَاءُ الْبَذْلِ بِالْمِرْقَمِ