عُدْ لابِساً ثَوْبَ الْخُلُودِ وَعَلِّمِ
بِفَمِ المِثَالِ الصَّامِتِ المُتَكَلِّمِ
تُلْقِي عَلَى الأَعْقَابِ دَرْساً عَالِياً
مُتَجَدِّداً فِي رَوْعَةِ المُتَقَدِّمِ
أَعْجِبْ بِرَسْمِكَ صِيغَ مِنْ شَبَهٍ عَلَى
وَجْهٍ مِنَ الشَّبهِ الأَتَمِّ مُجَسَّمِ
يَطْفُو عَلَى مَا رَقَّ مِنْ قَسِمَاتِهِ
أَثَرٌ يُرَى مِنْ رُوحِكَ المُتَأَلِّمِ
أَوْ يُسْتَشَفُّ بِهِ مَشِيبٌ لَمْ يَكْنِ
إِلاَّ رَمَادَ الْخَاطِرِ المُتَضَرِّمِ
هَذَا مُحَيَّاك المُضِيءُ وَهَذِهِ
حُرَقُ النُّهَى فِي ذَائِبَاتِ الأَعْظُمِ
وَيحَ الأُولَى أكَلَ الْقِلَى أَكْبَادَهُمْ
مِنْ رَحْمَةٍ فِي ثَغْرِكَ المُتَبسِّمِ
أَمُحَرِّرُ الْعَرَبِيَّةِ الْفُصْحَى الَّتِي
أَخْلَصْتَهَا مِنْ شَائِبَاتِ المُعْجَمِ
مَا مَجْدُكَ المَشْهُودُ إِلاَّ مَجْدُهَا
فِي قَلْبِ وَاعِي الْحِكْمَةِ المُتَفَهِّمِ
هَلْ ذَادَ عَنْ أُمِّ اللُّغَاتِ ابْنٌ لَهَا
كَذِيَادِكَ الْحُرِّ البَلِيغِ المُفْحِمِ
أَوْ هَلْ أَذَابَ سِوَاكَ مِنْ تَدْقِيقِهِ
فِيهَا سُوَيْدَاءَ الفُؤَادِ المُغْرَمِ
لَيْسَ المُتَيَّمُ فَاتَهُ دُونَ المُنَى
جُهْدٌ يُبَلِّغُهُ المُنَى بِمُتَيَّمِ
مَا زِلْتَ نِضْوَ البَحْثِ فِي أَسْفَارِهَا
مُتَجَشِّمَ التّحْصِيل كُلَّ مُجَشِّمِ
إِنْ طَاشَ رَأْيٌ كُنْتَ خَيْرَ مُسَدِّدٍ
أَوْ زَاغَ حُكْمٌ كُنْتَ خَيْرَ كُقَوِّمِ
فِي النَّثْرِ أَوْ فِي النَّظْمِ صَوْغُكَ مُحْكَمٌ
فَوْقَ الظنُونِ فَلا مَزِيدَ لِمُحْكِمِ
حَتَّى قَضَتْ لَكَ أُمَّةٌ شَرَّفْتَهَا
حَيّاً وَمَيْتاً بِالمَقَامِ الأَعْظَمِ
يَا مَنْ تَأَوَّبَ وَاسْتَوى مُسْتَطْلِعاً
طِلْعَ الْوُجُودِ مِنَ المَكانِ الأَسْنمِ
دَعْ رَاحَةً لا يَشْتَهِي مَنْ ذَاقَهَا
رُجْعَى إِلَى تَعَبِ الْحَيَاةِ المُؤْلِمِ
وَأَجِبْ نِدَاءَ الضَّادِ تَسْتَوْفِيكَ مِنْ
سَامِي بَلاغِكَ مَا قَطَعْتَ فَتَمِّمِ
لِلضَّادِ عَصْرٌ بِالنُّثُورِ مُبَشِّرٌ
إِنْ تَتحِدْ شَتَّى القُوَى وَتُنَظَّمِ
فانْهَضْ وَنَبِّئْنَا الصَّوَابَ وَقُلْ لَنَا
قَوْلاً يُبَصِّرُ بِالْعَوَاقِبِ مَنْ عَمِي
قُلْ يَا بَنِي أُمِي إِلَى الرُّشْدِ ارْجِعُوا
حَتَّى مَ فُرْقَةُ شَمْلِكُمْ وَإِلَى كَمِ
أَلْخَلْقُ لَوْ يَثوبُ إِلَى الهُدَى
بِإِخَاءِ كُل مُقَلْنَسٍ وَمَعَمَّمِ
فِي الدِّينِ مَا شَاؤُوا وَلَكِنْ فِي الحِجَى
مَا مِنْ مَسِيحيٍّ وَمَا مِنْ مُسْلِمِ
لُغَةٌ تُرِيدُ تَضَافُراً مِنْ أَهْلِهَا
فِي حَينِ أَنَّ الْفَوْزَ لِلْمُتَقَحِّمِ
مَا بَالُهَا وَجُمُودُهَا قَتْلٌ لَهَا
مُنِيَتْ بِكُلِّ مُثَبِّطٍ وَمُقَسِّمِ
تَحْيَا اللُّغَاتُ وَتَرْتَقِي بِنُزُولِهَا
أَبداً عَلَى حُكْمِ النَّجَاحِ المُلْزِمِ
هيْهَاتَ أَنْ يَقِفَ الزَّمَانُ لِوَاقِفٍ
أَوْ تُحْجِمُ الدُّنْيَا لِنَبْوَةِ مُحْجِمِ
أَلْيَوْمَ أَبْطَأُ مَا يَكُونُ رِسَالَةً
مَنْ نَاطَ عَاجِلَهَا بِرِيشِ القَشْعَمِ
حَمِّلْ أَلوكَتِكَ الْفَضَاءَ يُؤَدِّهَا
شَرَرٌ إِلَى أَقْصَى مَدىً مُتَيَّمِ
فَالْجَوُّ بِالقُطْبَيْنِ طِرْسٌ دَائِرٌ
وَالبَرْقُ أَسْرَعُ مَا تَرَى مِرْقَمِ
أَنْظَل فِي قَيْدِ الْقُصَورِ وَغَيْرُنَا
مَلَكَ الطَّبِيعَةَ مِلْكَ أَقْدَرِ قَيِّمِ
صَدَقَ الْحَكِيمُ وَلَوْ تَرَاءى لَفْظُهُ
لِلْحِس أَبْصَرْتمْ نِظَافاً مِنْ دَمِ
أَفَمَا شَعَرْتُمْ أَنَّهُ مُتَكَّلِّمٌ
بِلِسَانِ مَفْطورِ الفُؤَادِ مُكَلَّمِ
يَا أُمَّتِي إِن الهُدَى كُلَّ الْهُدَى
فِي ذَلِكَ الصَّوْتِ البَعِيدِ المُلْهِمِ
أَلْغَيْبُ خَاطَبَنَا بِنطْقٍ إِمَامِنَا
يدْعُو إِلَى العَلْيَاءِ فَلْنتَقدَّمِ