طِيبُوا قَرَاراً أَيُّهَا الأَعْلامُ
وَعَلَى ثَرَاكُمْ رَحْمَةٌ وَسَلامُ
لا غَرْوَ أَنْ شُقَّتْ جُيُوبٌ بَعْدَكُمْ
فِي المَشْرِقَيْنِ وَنُكِّسَتْ أَعْلامُ
مِصْرُ الَّتِي مِتُّمْ فِدَاهَا أَصْبَحَتْ
وَكَأَنَّمَا فِيهَا السرُورُ حَرَامُ
ذَهَبَ الأعِزَّةُ مُصْطَفَى وَرِفَاقُهُ
مَا كَادَ يَخْلُو مِنْ شَهِيدٍ عَامُ
شُهَدَاءُ لَيْسَ أَخِيرُهُمْ بِأَقَلِّهِمْ
وَلِكُلِّهِمْ فِي الْخَالِدِينَ مَقَامُ
اللهَ فِي مِصْرَ الثَّكُولِ وَقَلْبُهَا
تَتْلُو سِهَامَ البَيْنِ فِيهِ سِهَامُ
عَبْدَ الْعَزِيزِ لَعَلَّ مَوْتاً سُمْتَهُ
قَدْ كَانَ أَيْسَرَ مَا غَبَرْتَ تُسَامُ
أَكْرَمْتَ قَصْدَكَ عَنْ مُبَالاةِ الرَّدَى
وَعَزَمْتَ لا وَهَنٌ وَلا اسْتِسْلامُ
أَلمَوْتُ وَالإِحْجَامُ فِيمَا تَتَّقِي
شَرَعٌ وَشَرُّهُمَا هُوَ الإِحْجَامُ
عُمْرٌ تَقَضَّى فِي جِهَادٍ لا تَنِي
فِيهِ وَلا يُلْهِيكَ عَنْهُ حُطَامُ
هُوَ مُصْحَفٌ آيَاتُهُ وَحْيُ الْفِدَى
وَالْبِرُّ فَاتِحَةٌ بِهِ وَخِتَامُ
مَنْسُوجَةٌ أَيَّامُهُ مِنْ خَيْرِ مَا
يُبْدِي النَّهَارَ وَيَكْتُمُ الإِظْلامُ
فِي حُبِّ مِصْرَ وَفِي ابْتِغَاءِ رُقِيهَا
يَقِظَانَ ذَاكَ الْقَلْبُ وَالأَحْلامُ
مَا كِدْتَ تَمْكُثُ وَادِعاً فِي مَأْمَنٍ
إِلاَّ وَحَوْلَكَ لِلصُّرُوفِ زِحَامُ
وَعَلَى جَوَانِبِكَ المَحَامِدُ إِنْ تُقِمْ
فِي بَلْدَةٍ أَوْ لَمْ يَسَعَكَ مُقَامُ
ذَاكَ الْغَرَامُ بِمِصْرَ لَمْ يُلْمِمْ بِهِ
أَحَدٌ وَلَمْ يَبْلُغْ مَدَاهُ غَرَامُ
كَمْ طِيَّةٍ فِيهَا بَرَى مِنْكَ الْحَشَا
سُقْمٌ وَبَرَّحَ بِاللَّهَاةِ أُوَامُ
تُدْعَى فَتَنْشَطُ ى تَكِلُّ كَأَنَّمَا
يُؤْتِيكَ قُوَّةَ بَأْسِهِ الإِيلامُ
فِي مِثْلِ هَذَا وَالنُّفُوسُ كَبِيرَةٌ
تَتَخَالَفُ الأُرْوَاحُ وَالأَجْسَامُ
أَلمَجْدُ رَاضٍ عَنْكَ وَالْبَلَدُ الَّذِي
أَشْكَيْنَ مِنْ سُقْمٍ وَفِيكَ سَقَامُ
يَا هَاجِرَ الأَقْلامِ كَادَتْ مِنْ أَسىً
تَجْرِي نُفُوساً بَعْدَكَ الأَقْلامُ
جَزِعَ الْهِلالُ عَلَى مُعِزِّ لِوَائِهِ
وَبَكَى أَشَدَّ حُمَاتِهِ الإِسْلامُ
مَنْ يَنْصُرُ الدينَ الْحَنِيفَ كَنَصْرِهِ
بِالرَّأْيِ يَنْفُذُ وَالْفِرنْدُ كَهَامُ
مُسْتَرْشِداً إِنْ شُبِّهَتْ سُبُلُ الْهُدَى
قَلْباً لَهُ مِنْ رَبهِ إِلْهَامُ
يَرْمِي بِفِكْرَتِهِ إِلَى أَقْصَى مَدىً
وَيَسِيرُ لا تَعْتَافُهُ الأوْهَامُ
وَيُؤَيدُ الرَّأْيُ الصَّحِيحُ بِحِكْمِةٍ
لا يَعْتَرِيهَا اللَّبْسُ وَالإِبْهَامُ
إِنْ يَبْتَغِي إِلاَّ الصَّلاحَ وَبَعْضُهُ
لا تَسْتَوِي فِي فَهْمِهِ الأَحْلامُ
أَلدينُ لا يَأْبَى الْحَضَارَةَ إِنْ دَعَتْ
فَأَجَابَهَا فِي الرَّاشِدِينَ إِمَامُ
يَسَعُ الزَّمَانُ بِيُسْرِهِ فَلِعَصْرِنَا
أَحْكَامُهُ وَلِغَيْرِهِ أَحْكَامُ
مَنْ لِلْمَعَارِفِ بَعْدَ مُعْلِي شَأْنِهَا
أَيْنَ النَّصِيحُ الْجِهْبِذُ العَلاَّمُ
مَنْ لانْتِشَارِ الْعِلْمِ تُمْنَحُ قِسْطَهَا
مِنْهُ السَّرَاةُ وَلا يُرَد طَغَامُ
فِي الْوَعْظِ وَالتَّثْقِيفِ تُنْفِقُ كلَّ مَا
أُوتِيتَ مِنْ هِمَمٍ وَهُنَّ جِسَامُ
وَتَرَى قِوَامَ الشَّعْبِ فِي أَخْلاقِهِ
هَلْ لِلشُّعُوبِ بِغَيْرِهِنَّ قِوَامُ
إِنْ لَمْ يَكُنْ عِلْمٌ فَإِنَّكَ وَاجِدٌ
أُمَماً تُسَاقُ كَأَنَّهَا أَنْعَامُ
مَاذَا يُرَجَّى أَنْ تَصِيرَ وَمَا لَهَا
بِحَقِيقَةٍ مِنْ أَمْرِهَا إِلمَامُ
مَنْ لِلمُوَاسَاةِ الَّتِي عَتَمَ الْقِرَى
فِيهَا وَضَلَّ سَبِيلَهَا المُعْتَامُ
جَفَّ النَّدَى فِيهَا وَأَقُوَى مَوْئِلٌ
رُعِيَتْ بِهِ حُرَمٌ وَصِينَ كِرَامُ
بِنَوَاكَ جَدَّدَتِ الثَّوَاكِلُ ثُكْلَهَا
وَتَوَغَّلَتْ فِي يُتْمَهَا الأَيْتَامُ
وَوَصَلْتَ أَرْحَاماً فَمَا أَغْلَيْتَ مِنْ
عَرْضٍ تَقَطَّعَ دُونَهُ الأَرْحَامُ
خُذْ بِالْجَوَاهِرِ وَانْتَبِذْ أَعْرَاضَهَا
مَا ككُل مَا فَوْقَ الرَّغَامِ رَغَامُ
هَلْ كَانَ أَنْهَضَ مِنْكَ فِي الْجُلَّى فَتىً
حُرٌّ وَأَمْضَى فِي الأُمُورِ هُمَامُ
إِنْ أُعْظِمَتْ تِلْكَ الشَّمَائِلُ وَالنُّهَى
فَلأَي شَيْءٍ غَيْرِهَا الإِعْظَامُ
للهِ أَنْتَ وَرَهْطُكَ الْغُرُّ الأُولَى
رَامُوا الأَعَزَّ فَأَدْرَكُوا مَا رَامُوا
مِنْ كل مَنْ أَرْضَى الْحَقِيقَةَ وَالعُلَى
إِذْ بَاتَ وَهْوَ الصَّاخِبُ الضِّرْغَامُ
أَيْ عُصْبَهَ الْخَيْرِ الَّتِي رَقَدَتْ وَقَدْ
نَفِذَتْ عَزَائِمُهَا وَحَقَّ جَمَامُ
أَليَوْمَ تُنْمِي غَرْسَهَا آمَالُكمْ
وَالْيَوْمَ تُجْنِي خَيْرَهَا الآلامُ
هَلْ مَنْ يُنَبيءُ بَعْدَ أي مَشقةٍ
قدْ بَشرَتْ بِثِمَارِهَا الأَكمَامُ
سَتعُودُ مِصْرُ إِلَى سَنِيِّ مَقامِهَا
وَتطِيبُ مِنْ خُبْثٍ لَهَا الأَعْوامُ
وَالرَّأْيُ قَدْ أَثْبَتُّمُوهُ بَالِغاً
فِي النُّجْحِ مَا لا يَبْلُغُ الصَّمْصَامُ
شَدَّ الَّذِي لاقَيْتُمُ دُونَ الْحِمَى
كَمْ شِدَّةٍ لانَتْ بِهَا الأَيَّامُ
وَإِذَا وَجَدْتَ المَرْءَ فِي إِقْدَامِهِ
نَقْصٌ فَلا يُرْجَى هُنَاكَ تَمَامُ
كَيْفَ الَّذِي تَخِذَ الْحَيَاةَ وَسِيلَةً
وَسَمَا لَهُ فَوْقَ الْحَيَاةِ مَرَامُ
تَمْضِي الدهُورُ وَمِصْرُ لا تَنْسَاكُمُ
وَوَلاؤُهَا عَهْدٌ لَكُمْ وَذِمَامُ
هَيْهَاتَ تَسْلُو ذِكْرَ عَبْدِ عَزِيزِهَا
وَالرَّهْطِ أَوْ تَتَحَوَّلَ الأَهْرَامُ
مِصْرُ الَّتِي ظَنوا الْحِمَامَ سُكُونَهَا
وَهَلِ السكُون مَعَ الشَّكَاةِ حِمَامُ
مَا كُلُّ مَنْ قَامَ الدُّجَى يَقِظٌ وَمَا
كُل الأُولَى غَضوا الْجُفُونَ نِيَامُ
قَدْ تَأْخُذُ الشَّعْبَ الثِّقَالَ هُمُومُهُ
سِنَة الْكَرَى وَضَمِيرُهُ قَوَّامُ
فِتْيَانَ مِصْرَ وَعِوّهَا فِتْيَانُهَا
وَهُمُ الْحِجَى وَالبَأْسُ وَالإِقْدَامُ
عِيشُوا وَتَحْيَا مَصْرُ بَالِغَةً بِكُمْ
فِي المَجْدِ مَا لَمْ تَبْلغِ الأَقْوَامُ
وَفِدىً لَهَا البَطَلُ الَّذِي مِنْ أَجْلِهَا
أَكْرَمْتُمُوهُ وَحَقُّهُ الإِكْرَامُ
وَإِلَيْكَ يَا عَبْدَ العَزِيزِ تَحِيَّةً
مِمَّنْ يُوَدِّعُ وَالدُّمُوعُ سِجَامُ
مَا أَنْسَ لَنْ أَنْسَى وَمَوَاقِفَ كُنْتَ فِي
أَيَّامِهَا شَمْساً وَنَحْنُ نِظَامُ
جَرَّدْتَ نَفْسَكَ لِلفَضَائِلِ وَالعُلَى
حَتَّى لَقِيتَ المَوْتَ وَهْوَ زُؤَامُ
وَأَبَيْتَ ذَمّاً فِي الْحَيَاةِ وَفِي الرَّدَى
وَعَدَاكَ حَتَّى مِنْ عِدَاكَ الذَّامُ
بِتْ فِي ظِلالِ الخُلْدِ وَلْيَطْلَعْ لَنَا
بَيْنَ الثَّوَابِتِ وَجْهُكَ البَسَّامُ