ذَلِكَ الرُّزْءُ فِي الصَّدِيقِ الْكَرِيمِ
كَانَ سَهْماً أَصَابَنِي فِي الصَّمِيمِ
كُلَّمَا جَدَّ ذِكْرُهُ بِيَ جَدَّتْ
يَقْظَةٌ فِي الجِرَاحِ مِنْ تَهْوِيمِ
كَانَ يَوْمَ انْتَوَيْتُ فِي مِصْرَ وَالشَّا
مِ لُبْنَانَ يَوْمَ حُزْنٍ عَمِيمِ
مَا دَهَى الضَّادَ فِي أَبَرِّ بَنِيهَا
مَا دَهَى الشَّرْقَ فِي فَتَاهُ الْعَظِيمِ
فِي الأَدِيبِ الأَدِيبِ وَالشَّاعِرُ الشَّا
عِرِ وَالمِدْرَهِ الأَرِيبِ الْحَكِيمِ
فِي الصِّحَافِيِّ لَمْ يَكُنْ بِدَعِيٍّ
وَالرِّوَائِيِّ لَمْ يَكُنْ بِزَنِيمِ
عَلَمٌ لَمْ يَضِرْ تَعَدُّدُهُ فِي
كُلِّ وَصْفٍ بِوَحْدَةِ الأُقْنُومِ
يَا نَجِيَّ الْجَمَالِ فِي مَقْدِسِ الْفَ
نِّ وَمِحْرَابِهِ كَنَجْوَى الْكَلِيمِ
أَيْنَ كَاسِي الْبَيَانِ مِنْ كُلِّ ثَوْبٍ
عَبْقَرِيٍّ وَكُلِّ لَوْنٍ وَسِيمِ
مَنْ لِذَاكَ النَّثِيرِ فِي وَشْيِهِ الرَّا
ئِعِ حُسْناً وَمَنْ لِذَاكَ النَّظِيمِ
مَنْ لِصَوْغِ المَبْنَى الْبَدِيعِ وَإِخْرَا
جِ المَعَانِي فِي ذَلِكَ التَّقْوِيمِ
إِنَّ مِنْ ذَلِكَ الْقَرِيضِ لَسِحْراً
لَيْسَ بِالمُفْتَرِي وَلا المَوْهُومِ
هُو فِي كُلِّ مَوْطِنٍ عَرَبِيٍّ
طَوْقُ وَرْقَائِهِ وَقَيْدُ الرِّيمِ
رِيضَ شَيْطَانِهِ فَلَمْ يَرْجُمِ النَّا
سَ بِسُوءٍ وَلَمْ يَكُنْ بِرَجِيمِ
قَلَّ شَرْوَاكَ فِي الَّذِينَ عَرَفْنَا
مِنْ رَفِيقٍ بِالنَّاسِ أَوْ مِنْ رَحِيمِ
حَظُّهُ مِنْ سُرُورِ مَنْ سُرَّ فِيهِمْ
حَظُّهُ مِنْ سَقَامِ كُلِّ سَقِيمِ
إِنْ أَجَفَّتْ مِدَادَهُ حُرْقَةٌ فِي النَّفْ
سِ أَجْرَتْهُ دَمْعَةٌ مِنْ يَتِيمِ
خلقٌ نَفْحُهُ كَمَا نَفَحَ الرَّوْ
ضُ وَلُطْفٌ مُرُورُهُ كَالنَّسِيمِ
إِنَّ خَطْباً أَدْمَى أَخَاكَ لَخَطْبٌ
بِتَجَنِّيهِ فَوْقَ حِلْمِ الْحَلِيمِ
فَلْيَقُلْ أَبْلَغَ المَقَالَةِ فِي الدَّهْ
رِ وَفِي صَرْفِهِ الأَلِيمِ الأَلِيمِ
قَامَ عُذْرُ المَوْتُورِ فَانْهَضْ خَطِيبَ الشَّرْ
قِ وَازْأَرْ زَأْرَ الْهَصُورِ الشَّتِيمِ
وَأَثِرْ غَيْهَبَ المِدَادِ وَأَرْسِلْ
صَعَقَاتٍ لَهَا انْقِضَاضُ الرجُومِ
هَاتِ آيَاتِكَ الْكِبَارِ وَفِيهَا
لِلنُّهَى كُلُّ مُقْعِدٍ وَمُقِيمِ
غَيْرَ أَنِّي أَرَاكَ تَأْبَى عَلَى الشِّدَّ
ةِ بَثّاً لِحُزْنِكَ المَكْتُومِ
لا لِعِيٍّ وَإِنَّمَا الْقَوْلُ فِي رُزْ
ءٍ كَهَذَا لِصَاِمتاتِ الْكثلُومِ
نُوَبُ الدَّهْرِ لا تُرَفَّهُ بِالبَ
ثِّ تَبَارِيحُهَا وَلا بِالْوُجُومِ
وَسَوَاءٌ فِي الْعَجْزِ لَوْلا المُدَاجَا
ةُ شَكَاةُ الشَّاكِي وَكَظْمُ الْكَظِيمِ
لَهْفَ نَفْسِي عَلَى الشِّهَابِ الَّذِي غُيِّ
بَ فِي الرَّمْسِ وَالصَّدِيقِ الْحَمِيمِ
يَا جَلِيسِي وَكُنْتَ أَيَّ جَلِيسٍ
يَا نَدِيمِي وَكُنْتَ أَيَّ نَدِيمِ
مَنْ يُعَاطِي السُّمَّارِ بَعْدَكَ مَا كُنْ
تَ تُعَاطِي مِنْ سِرِّ بِنْتِ الْكُرُومِ
حَرَّكَ الشَّجْوُ فِي فُؤَادِي شَجْواً
لِلأَحِبَّاءِ فِي الزَّمَانِ الْقَدِيمِ
كَيْفَ كُنَّا وَنَحْنُ فِي رَيِّقِ الْعُمْ
رِ شِدادَ ضِآلَ الْجُسُومِ
عَصْبَةً مِنْ خَلاصَةِ النَّشْءِ لَمْ تَفْ
تَحْ مَكَاناً لِغَادِرٍ أَوْ لَئِيمِ
جَعَلَتْ فِي الْيَسِيرِ مِنَ رِزْقِهَا حَقّ
اً عَلَيْهَا لِلسَّائِلِ المَحْرُومِ
وَبَلَتْ جَوْرَ دَهْرِهَا فَرَأَتْهُ
سَبَباً فِي انْتِصَافِهَا لِلهَضِيمِ
جَمَعْتَنَا فِي خِدْمَةِ الْحَقِّ مَا اسْتَطَعْ
نَا وَأَجْلِلْ بِالْحَقِّ مِنْ مَخْدُومِ
نَمْلأُ الصُّحُفَ بِالثِّمَارِ الدَّوَانِي
مِنْ مَجَانِي قَرَائِحٍ وَعُلُومِ
وَتُسِيلُ الأَنْهَارُ فِيهَا بِعَذْبٍ
مِنْ لِطَافِ النِّطَافِ أَوْ بِحَمِيمِ
بَيْنَ جِدٍّ وَبَيْنَ هَزْلٍ وَفِي الْحَالَيْ
نِ قَصْدُ التَّسْدِيدِ وَالتَّقْوِيمِ
فِي سَبِيلِ البِلادِ نَنْصُرُ مَنْ نَا
صَرَهَا أَوْ نَرُدُّ كَيْدَ الْخُصُومِ
شَدَّ مَا سَامَنَا الْهَوَى كُلَّ يَوْمٍ
مِنْ دِفَاعٍ وَسَامَنَا مِنْ هُجُومِ
نَتَفَانَى وَمَا بِنَا مَا نُعَانِي
مِنْ شَقَاءٍ دُونَ النَّجَاحِ المَرُومِ
وَنَرَى فِي الشَّبَابِ فَضْلاً بِهِ نَمْ
زُجُ بيْنَ التَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ
بَارَكَ اللهُ فِي الشَّبَابِ وَمَا فِي
ذَخْرِهِ مِنْ صَلابَةٍ وَعَزِيمِ
إِنْ وَرَدْنَا الحَوْمَاتِ تَشْتَعِلُ الأَفْ
كَارِ فِي نَارِهَا اشْتِعَالَ الْهَشِيمِ
وَقَرَرْنَا مِنَ اشتِجَارِ يَرَاعَا
تٍ تَعَالَى صَرِيرُهَا كَالْهَزِيمِ
عَرَفَتْنَا مَعَاهِدُ اللَّهْوِ مِنْ رُوَّا
دِهَا الهَازِئِينَ بِالتَّأْثِيمِ
وَالْتَقَى الْيَوْمَ صَوْتُنَا بِصَدَاهُ
أَمْسِ بَيْنَ التَّوْدِيعِ والتَّسْلِيمِ
إِعْذِرُوا فِتْيَةَ الحِمَى إِنْ يَحِيدُوا
حَيْدَةً عَنْ صِرَاطِهِ المُسْتَقِيمِ
ضِلَّةً لِلَّذِينَ يَبْغُونَ مِنْهُمْ
قَبْلَ مِيعَادِهِ كَمَالَ الحُلُومِ
فُرَصُ الْعَيْشِ لِلْجُنُودِ نِهَابٌ
قَبْلَ يَوْمٍ مُعَجَّلٍ مَحْتُومِ
عُصُرٌ سَاقَنَا إِلَى عُصُرٍ خَلَّ
فَ لِلذِّكْرَيَاتِ أَشْجَى الرُّسُومِ
فَانْتَقَلْنَا بَيْنَ الزَّمَانَيْنِ كَالنُّقْ
لَةِ بَيْنَ الإِقْلِيمِ وَالإِقْلِيمِ
عَادَ قُرْبُ التُّخُومِ بَيْنَهُمَا بُعْ
داً وشَطَّ المَزَارَ بَيْنَ التُّخُومِ
وَنَزَعْنَا عَنِ الْغَوَايَةِ فِي الْغَا
يَةِ مِنْ ظَرْفِهَا إِلَى التَّحْلِيمِ
فَبَلَغْنَا مَعَ الْكُهُولَةِ شَأْناً
لَمْ يَكُنْ فِي حَدْسٍ وَلا تَنْجِيمِ
صَارَ إِلْيَاسُ قَاضِياً يَرْجِعُ الْقَوْ
مُ إِلَيْهِ فِي الحُكْمِ وَالتَّحْكِيمِ
فَوَازِيراً بِهِ الْوِزَارَةِ تُزْهَى
فَوَلِيّاً لِلعِلْمِ وَالتَّعْلِيمِ
فَلِساناً تَنْضُو بِهِ نَدْوَةُ النُّوَّا
بِ عَضْباً فِي وَجْهِ كُلِّ غَشُومِ
مَنْصِبٌ بَعْدَ مَنْصِبٍ فَازَ مِنْ طَيِّ
بِ أَرْزَاقِهِ بِدَرٍّ جَمِيمِ
غَيْرَ أَنَّ الأَيَّامَ ظَلَّتْ لَهُ حَرْ
باً وَكَانَتْ حَرْباً لِكُلِّ كَرِيمِ
كَيْفَ قَصْدُ الْجَوَادِ وَالْجُودُ طَبْعٌ
كَيْفَ إِثْرَاءُ ذِي الضَّمِيرِ الْقَوِيمِ
لَيْسَ أَنْكَى حَالاً وَأَتْعَبَ بَالاً
فِي اعْتِقَادِي مِنَ الْغَنِيِّ الْعَدِيمِ
أَنْضَبَ الْبُؤْسِ ذِهْنَهُ فَعَرَاهُ
شِبْهُ عُقْمٍ وَلَمْ يَكُنْ بِعَقِيمِ
أَيُّهَا الْعَاذِلُوهُ شَوْقاً إِلَى إِنْ
شَادِهِ قَدْ يُلامُ غَيْرُ مُلِيمِ
لِصِغَارِ الْهُمُومِ تُقْتَلُ فِي أَنْ
فُسِ أَهْلِ النُّهَى كِبَارُ الْهُمُومِ
وَإِذَا عَزَّ مَا ابْتَغَيْتَ عَلَى الأَرْ
ضِ فَكَيْفَ ابْتِغَاءُ مَا فِي النُّجُومِ
إِيِهِ إِلْيَاسُ بَعْضُ شَأْنِكَ مِمَّا
ضَلَّ فِيهِ السَّبِيلِ عِلْمُ العَلِيمِ
تَحْمِلُ الضَّيْمَ غَيْرَ شَاكٍ وَإِنْ كَا
نَ الأَسَى مِنْكَ مَالِيءَ الْحَيْزُومِ
هَادِئاً وَادِعاً كَأَنَّ جَسِيمَ الْ
أَمْرِ إِذْ تَلْتَقِيهِ غَيْرُ جَسِيمِ
لا تُرَى فِي مُلِمَّةٍ بَادِي المَقْ
تَلِ إِلاَّ فِي نُصْرَةِ المَظْلُومِ
وَأَبَيْتَ التَّسْلِيمِ أَوْ يَقَعَ الْحَتْ
فُ فَذَا مِنْكَ مَوْقِعُ التَّسْلِيمِ
يَا صَفِيّاً رَعَى ذِمَامَ مُحِبِّيِ
هِ وَمَا كَانَ عَهْدُهُ بِذَمِيمِ
إِنْ تُفَارِقْ فَأَيُّ ذَخْرٍ لِقَوْمٍ
صَارَ بَعْدَ الْحَيَاةِ بَعْضَ الرَّمِيمِ
لَمْ يَدَعْ نَأَيُكَ الْوَشِيكُ سُرُوراً
بِبَقَاءٍ لأَلْمَعِيٍّ مُقِيمِ
قَدَّمَتْكَ الدُّنْيَا وَفِي غَيْرِ هَذَا الشَّ
وْطِ كُنْتَ الْجَدِيرَ بِالتَّقْدِيمِ
فَتَبدُّلْ مِنْ شِقْوَةٍ قَدْ تَقَضَّتْ
مَا سَيَبْقَى مِنْ نَضْرَةٍ وَنَعِيمِ