بُلِّغْتُ مِنْ عَيْشِي أَعَزَّ مَرَامِ
وَحَلَتْ لِيَ اليَقَظَاتُ كَالأَحْلامِ
يَا غِبْطَتي دُومِي فَمَا تَعْدُوكَ لِي
أُمْنِيَّةٌ أَنْ تَسْمَحِي بِدَوَامِ
فِي كُلِّ مَطْلَعِ كَوْكَبٍ وَمَغِيبِهِ
ذِكْرَى تُجَدِّدُ لِي عُهُودَ غَرَامِي
مَا عِشتُ لا أَسْلُو صِبَايَ وَمَرْبَعاً
مِنْهُ دَرَجْتُ وَفِيهِ طَابَ مُقَامِي
وَمُحَبَّبَاتٍ مِنْ بَنَاتِ قَبِيلَتِي
خَفِرَاتِ إِيماءٍ فِصَاحَ كَلامِ
مِنْ كُلِّ غَانِيَةٍ بَغَالِيَةِ الحِلَى
فِي النَّفْسِ عَمَّا يُقْتَنَى بِحُطَامِ
بَدَوِيَّةٍ خَلاَّبَةٍ بِجَمَالِهَا
قُرِنَتْ حَصَانَتُهَا إِلَى الإِقْدَامِ
تَغْدُو عَلَى الرِّزْقِ العَسِيرِ فَمَا تَنِي
مَجْهُودَةً وَتَعُودُ فِي الإِظْلامِ
وَعَلَى القَذَى فِي عَيْشِهَا تَزْكُو بِهَا
شِيَمٌ كَوَرْدِ الدِّمْنَةِ البَسَّامِ
إِذْ كُنتُ أَشْهَدُ وِرْدَهُنَّ وَرُبَّمَا
جَارَيْتُهُنَّ وَلَمْ أعُجْ بِمَلامِ
أَوْ كُنتُ أَشْهَدُ لَهْوَهُنَّ وَهَلْ يُرَى
غَيْرُ العَفَافِ مَلاهِيَ الآرَامِ
وَإِذَا الرِّجَالُ القَافِلُونَ قَدِ التَقَوْا
نَادِينَ بَيْنَ مَضارِبٍ وَخِيَامِ
يَتَحَدَّثُونَ بِمَا أَتَوْا أَوْ مَا وَعَوْا
مِنْ كُلِّ أَمْرٍ فِي الامور جُسَامِ
ويَقِلُّ أَنْ يَتَنَدَّرُوا بَعَظِيمِ مَا
يَلْقَوْنَ مِنْ كُرَبٍ وَمِنْ ألامِ
هَذِي الفَيَافِي كُنَّ مُلكاً هَامِداً
أَحْيَوْهُ بِالأَوْسَاقِ وَالأَنْعَامِ
قَوْمِي السَّرَاةُ البَاسِلُونَ وَوَالِدِي
فِيهِمْ وَلِيُّ الرَّأْيِ وَالأَحْكَامِ
سَبَّاقُ غَايَاتٍ إِلَى العُمْرَانِ قَدْ
شَمِلَ المَزَارِعَ مُلْكُهُ المُتَرَامِي
شَادَ البِنَاءَ الفَخْمَ بَيَنَ حَدَائِقٍ
غَنَّاءَ يُرْوِيها العَقِيقُ الطَّامِي
يَا حَبَّذَا غِيطَانُهَا وَمَشَارِفٌ
مِنْهَا عَلَى القُطْنِ الجَنِيِّ النَّامِي
تَزْهُو دَرَارِئُهُ عَلَى عَذَبَاتِهِ
حِيناً وَتَنْطِفُ بِالنُّضَارِ الهَامِي
مَا كُنتُ أَسْلُو العَيْشَ بَيْنَ كَرَائِمٍ
فِي الحَيِّ مِنْ أَهْلِي وَبَيْنَ كِرَامِ
لَوْ لَمْ يَزِدْنِي اللهُ مِنْ إِنْعَامِهِ
فَوْقَ الَّذِي أمَّلْتُ مِنْ إِنْعَامِ
يَمَّمْتُ فِيهَا البِئْرَ وَالأَتْرَابُ قَدْ
نُثِرَتْ حَوَالَيْهَا بِغَيْرِ نِظَامِ
وَرَدَتْ وَآبَتْ بِالجِرَارِ مَلِيئَةً
ثيوشِكْنَ أَنْ يَقْطُرْنَ فَوْقَ الهَامِ
فَإِذَا كَمِيٌّ لاحَ لِي مُتَرَجِّلاً
وَأُوَامُهُ بَادٍ فَهَاجَ أُوَامِي
لاحَظْتُهُ لِلمَرةِ الأُولَى فَمَا
لاحَظْتُ مِنْهُ غَيْرَ بَدْرِ تَمَامِ
وَسَقَيْتُهُ وَسَقَيْتُ مِنْهُ نَاظِرِي
حَتَّى تَمَلَّيْنَا وَكُلُّ ظَامِي
مَا خِلْتُ رُؤْيَتَهُ بِبَهْجَتِهَا سِوَى
رُؤْيَا بَدَتْ لِي فِي لَذِيذِ مَنَامِ
أأَلْوَى يُسَائِلُ مَنْ أَبِي وَيُطِيلُ فِي
مَا شَاءَ عَنْ أَهْلِي مِنَ اسْتِفْهَامِ
يَبْغِي التَّبَسُّطَ فِي الحَدِيثِ وَمَا بِهِ
أَنْسَابُ أَخْوَالِي وَلا أَعْمَامِي
ثُمَّ انْثَنَى وَبِمُهْجَتِي فِي لَيْلَتِي
مَا لَمْ أَذُقْ مِنْ لاعِجٍ وَضِرَامِ
وَلَّى وَفِي الغَدِ عَادَ يَعْتَامُ الحِمَى
أَكْرِمْ بِهِ مِنْ عَائِدٍ مُعْتَامِ
يَسْعَى عَلَى هَدْيِ الهَوَى مُتَسَلِّلاً
وَاللهُ يَعْلَمُ مَا سَعى لِحَرَامِ
مَا زَالَ يَرْقُبُنِي وَيَمْلأُ سَمْعَهُ
مِمَّا أَثَارَ الوَجْدَ مِنْ أَنْغَامِي
حَتَّى الْتَفَتُّ وَلَمْ يَرِبْنِي أَمْرُهُ
فَإِذَا فَتَى الأمسِ النَّبِيلِ أَمَامِي
أنَسْتُ فِي حَسَنِ المَحَاسِنَ كُلَّهَا
وَعَدَدْتُ فِي أَعْوَامِهِ أَعْوَامِي
وَمُذِ التَقَيْنَا بَاحَ لِي بِهُيَامِهِ
وَكَتَمْتُ سِرِّي فَاسْتَشَفَّ هُيامِي
هِيَ سَاعَةٌ كَشَفَ الرَّجَاءُ ظَلامَهَا
عَنْ مُقْلَتِي بِالطَّالِعِ المُسْتَامِ
يَا طِيبَهَا لَوْ لَمْ يُفاجِئُنِي بِهَا
عُمَرٌ بِلَحْظٍ مُرْسَلٍ كَسِهَامِ
عُمَرٌ مَعَاذَ اللهِ أَنْ أَرْضَى بِهِ
بَعْلاً وَمَا أَرْضَاهُ فِي خُدَّامِي
أَأَبيعُ خَيْرَ فَتىً بِشَرِّ فَتىً وَفِي
خَلِقِي وَفِي خُلُقِي إِبَاءُ الذَّامِ
حَمْداً لِمَنْ بِهَوَى حَبِيبِي قَدْ قَضَى
وَطَرِي وَأَعْلَى فِي النِّسَاءِ مَقَامِي
عُمْرٌ جَدِيدٌ بِالقِرَانِ صَفَا لَنَا
لا كَدَّرَتْهُ طَوَارِئُ الأيَّامِ