صورة مجسمة لحال الكورد بعد الحرب العالمية الاولى
ا
ان تاريخ الظلم الذي وقع على الكورد متجذر في اعماقه ، ننقل هنا صورة واحدة تقتصر على عدة سنين فقط .
ونظرا لكثرة السنين التي تعرض لها الكورد لهذه المظالم سوف نجزئها الى حلقات هذه اولاها :
فان الكاتب والباحث ديڤيد مكدول يورد (1) : (لقد تعرضت معظم كوردستان للتدمير ابتداء من بيازيد في الشمال الى خانقين في الجنوب وانتهاء ببرنجه وموش في الغرب على يد القوات المتصارعة ، وقد كانت الضريبة هي المجاعة والموت نتيجة الاحوال الجوية والامراض ، وازداد الحرمان بشكل شديد نتيجة شحة المحاصيل الزراعية 1917 ، وايضا بسبب القوات الروسية التي باشرت دون تحفظ في سلب قطعان الماشية من الريف وقطع او تخريب المحاصيل الموجودة ، بل انها دمرت ضاوجبلاق تدميرا كاملا ، لقد اصبح الجميع في حالة عوز . فقبيلة كفري مثلا ، التي نجحت في إخفاء مخزونها من الطعام عن عيون الاتراك قد اجبرت على الكشف عنها بسبب الجوع . وفي هذا السياق ، فقد روعت القوات البريطانية المتقدمة شمالا بسبب ما رأته ، فحسب كتاب مراجعة للحكومة البريطانية 1914 مذكور فيه :(لم نر اي قسم من ميزوبوتاميا شيئا يقارن بالبؤس الذي تبدى لنا في خانقين . لقد حصد الروس هذا البلد وجمع الاتراك ما تبقى منه بجد ونشاط تاركينه فيما بعد تحت رحمة الجوع والمرض . لقد تم تخطي تدمير الطريق الفارسي {كل شيء ايراني يسمونه فارسي} الى تدمير خانقين إذا أمكن ذلك ، كما أتلفت عوارض السقوف واللوازم الخشبية واستعملت كوقود وأكملت ثلوج الشتاء وامطاره تخريب الجدران الطينية غير المحمية . لقد بقيت الحقول غير محروثة وإذا ما بقي احد المزارعين في البيت ، فلأنه كان ضعيفا الى حد بعيد بسبب الجوع بحيث لم يكن قادرا على الفرار} .
عندما انسحبت القوات الروسية الى ايران من خانقين في حزيران 1917 سارعت القوات التركية الى إحتلال المنطقة حتى خانقين حيث نهبت وخربت كل ما تبقى ، وعاقبت اولئك الذين تعاونوا مع الروس او من كانوا على اتصال مع البريطانيين بتدمير بيوتهم أو باعدامهم . وبعد سنة ، حينما أجبرت بريطانيا على الانسحاب ، عوقب الذين تعاونوا معهم مرة اخرى حيث نهبت بيوتهم أو دمرت . وحول الخراب والدمار في الاجزاء الاخرى من كوردستان المنكوبة حينها يضيف ديڤيد مكدول (2) :(نهاية 1917 كان الناس يموتون جوعا في اجزاء كثيرة من كوردستان ، في نواحي صاوجبلاق والسليمانية ، مثلا . في تشرين الاول- 1918 انخفض عدد سكان مدينة السليمانية من 20 الفا قبل الحرب الى 2500 شخص فقط بعدها . لقد بقيت في نهري شمدينان 10 منازل فقط من اصل 250 وفي راوندوز 60 منزلا من اصل الفين . وفي ذات المنطقة فقط بقيت 3 قرى من اصل مئة قرية أو نحو ذلك من قرى قبيلة بالك . ومن اصل الف عائلة تقريبا من قبيلة برادوست عند بداية الحرب ، بقيت 157 عائلة فقط على قيد الحياة ، ومن اصل ثلاثين قرية أو نيف لقسمها الراوندوزي لم يبق رجل واحد او طفل او إمرأة على قيد الحياة . وسويت 52 قرية من اصل 81 قرية برادوستية ، وقد تقلص عدد عائلات قبيلة كه وورك الاصغر منها من 150 عائلة في 1914 الى سبع عائلات فقط في 1919) . في حين ينقل ديڤيد مكدول عن مذكرة بريطانية في هذا الخصوص (3) : (ربما عاش حوالي 3 ملايين شخص شرقي سيواس 1914 ، الان انتهت الحرب كم كان عدد الذين لاقوا حتفهم اجمالا؟) تذكرها مذكرة حول القضية الكوردية 1919 . وربما لاقى نصف مليون كوردي حتفهم ، وقد وصل عددهم مع المقاتلين الى حوالي 800 الف) .