أعجِبْ بقافلةٍ ركّابُها الإنسُ
والخيرُ والشرُّ والحياةُ والموتُ
قدْ خُيِّرَ إنسُها في صُحبةِ اثنينِ
وصُحبة اثنينِ منْها ما لهُم فوْتُ
فاسْتمرأَ جُلّهمُ الشرَّ والشرُّ
بابُ الذي سلّمَ بأنّها البيتُ
والخيرُ بابٌ لمن لم يأتِها إلّا
ضيفاً وما فلّهُ عطاؤُها السُّحتُ
وصُحبة الإنسِ للحياةِ أيّامٌ
وصُحبة الموتِ لا يَحدُّها وَقتُ
والموتُ في قولِهِ برٌّ متى جاءَ
يبُحْ بما عِندهُ فيُعرفُ البخْتُ
إمّا جِنانٌ نعيمُها مُقيمٌ أوْ
عذابُ نارِ لهُم في مرِّها قوْتُ
لكنّها تمْلأُ الأسماعَ كِذْباً وال
أبصارَ وهْماً وما لدأْبِها سَمْتُ
خلا أيادٍ ألدُّ خَصْمِها الشّبْعُ
تظلُّ ممدودةً ومِلؤُها السُّحْتُ
تظنُّ أنّ الحياةَ أوفَت الوعْدَ
وردُّ تلك إذا استفتيتَها الصّمْتُ
وإنّما تعِدُ الحياةُ بالمِلءِ
جهنّماً ما لهُم منْ حرِّها فلْتُ
ولا يظننّ حيٌّ أنّ من ماتَ
مُغيّبٌ بلْ جوارٌ ما لهُ صوْتُ
فكَفْكِفِ الدّمعَ يا منْ صارَ في الموْتى
أهلوهُ أو صحبُهُ أو حُلْمُهُ البحْتُ
فإنّك اليومَ أو غداً مُلاقيهِ
وإنْ أُكِنَّ لهُ في صدْرِكَ مَقْتُ
ينحلُّ كدٌّ كدَدْتَ العمرَ كيْ يبقى
وعنكَ تستنكفُ الأوصافُ والنّعْتُ
والموتُ في عدلِهِ إنصافُكَ منْ كل
ل ظالمٍ نالَهُ من كدّكَ الصّيْتُ
حتّى إذا ما اغتنَى أمْسَتْ بقاياهُ
قوتَ الكلابِ التي في طبْعِها القتُّ
أمستْ لهُ آنُفاً تُصفّدُ الجنُّ
وتُحبسُ الإنسُ لوْ منْها خلا بيْتُ
تشْتمُّ لعْقةَ زيتٍ دونما قصْدٍ
نَضّتْ جوارَ بيوتٍ قوتُها الجِفْتُ
فصارَ بالرِّشوةِ ذا سلطةٍ دَهوا
على رقابِ الجياعِ سيفُهُ الصّلْتُ
أتيْتُما بيــْـدَ أنّها أنـالتـــــْـهُ
حقَّ الكلامِ، وأقْصى حقِّكَ الصْمتُ
ومِتـــُـّمَا بيْدَ أنَّ الموتَ أعْطاكَ
حقَّ الكلامِ، وأجْدَى فعلِهِ السكْتُ
والموتُ حرٌّ ويأبى صُحبةَ العبدِ
وأنتَ للطّيْنِ عبدٌ حسّهُ ميْتُ
ومثْلما عشْتَ عاشتِ ابنةُ الطينِ
تعبدُ ربّاً أساسُ حُكمِهِ الكبْتُ
أكانَ للعبدِ في أقرانِهِ خيرٌ؟
لو كانَ ذاكَ لمَا تباطأَ الكَفْتُ
أبْقتكَ في جسَدٍ حدودُهُ اللّمسُ
والشّمُّ والذّوْقُ والإبصَارُ والنصْتُ
من تحْتِهِ الأرضُ و منْ فوقِهِ الريحُ
من حولِهِ الماءُ والأحْجارُ والمَرْتُ
في عيْنهِ الفحشُ وفي فوهِهِ المرُّ
في أنفِهِ النتْنُ و في أُذْنِهِ البهْتُ
خُذْلانُ صاحبِهِ بعشْرةٍ فيهِ
أضرُّها ماؤُهُ وطينهُ المَحْتُ
والسّقم والعجزُ والأُوامُ والجوعُ
والشيْب والجُرحُ والإجهادُ والسّبتُ
وحينَ تُمسي علىْ كفّيهِ محمولاً
وما فعلتَ سوى ما يفعلُ الثبْتُ
مخلِّفاً ذُلَّكَ ملقىً على نعشٍ
يعومُ في وحلِها كأنَّهُ يخْتُ
والناسُ من حولِهِ يُعلُونَهُ قدْراً
كأنّهُ ملِكٌ منْ تحْتهِ تخْتُ!
ستفقهُ الفرْقَ بينَ الرِقِّ والعِتْقِ
و تُشْدَهُ أنْ بَكتْكَ الأمُّ والبنتُ
إذْ كنتَ عبداً فأمسيْتَ تميمياً
كالحرِّ إذْ حرَّ فاستخارَهُ الموتُ
أرفقةُ بنِ رسولِ اللهِ خيرٌ أمْ
بقاؤُه عبدَ عبدٍ لاهُهُ الجِبْتُ؟!
قد عشْتَ تحلمُ بالحريّةِ دهراً
والموتُ واهبُها لا طينُك التَّحْتُ
مازال في نفسِك شيءٌ من الشكِّ
كحالِ نوعِك قد يعوزُك البَتُّ
سَلْها إذاً عنْ شجيرةٍ بلا ظلٍّ
يراودُ العقلَ شكٌّ أنّها نَبْتُ
إذا تمعّنْتَ فيها قلتَ في التوِّ
كأنّما قطّعَتْ أوصالَها بَرْتُ
فذاك ما تفعلُ الحياةُ لا الموتُ
فمنْ عزاهُ لهُ فإنّه الهَفْتُ
ولادةٌ فطفولةٌ فإدراكٌ
ففُرقةٌ ليس مِنْ ورائِها مَتُّ
طفولةٌ فولادةٌ فإدراكٌ
فلُحْمةٌ ليس من ورائِها شَتُّ
بردٌ فدفءٌ فإحماءٌ فإيقادٌ
فشعلةٌ فلهيبٌ حرّهُ بَحْتُ
حرق فعطل فإيقاف فإطفاء
فوقفةٌ ريثما يُجهّزُ البيْتُ
فليسَ عدْلاً بأنْ يُعزى لهُ النّقصُ
وليسَ في خبرِهِ بِدْعٌ ولا بَغْتُ
فالأصلُ هوَ وكلُّ ما تلا فرعٌ
أفي الرجوعِ لأصلٍ لمْ يغبْ بَهْتُ؟!
والموتُ ليس انكسارٌ إنّما نصرٌ
على أسيرةِ عبدٍ عيدُهُ السّبْتُ
بل إنّه سيفُك الّذي إذا أشْهَرْ
تَ هابكَ العِجْلُ والثعبانُ والرتُّ
وأنْتَ يا منْ صحِبتَ الموتَ أيّاماً
واصْطانكَ مثلما لمْ تفعَل الأُخْتُ
أراك بتَّ تهابُ الموتَ والخيرُ
في أصلِك بلْ وفي أفعالكَ نحْتُ
فسرْ بلا وجلٍ إليهِ ما هابَ
منهُ سوى مُنْكِرٍ معبودُهُ الجِبتُ
قد كنت مِثلكَ حينما استحلّت نف
سي فانتخيتهُ فانتخَى فما حِرتُ
فجيّشَتْ ما لهَا من المَماليكِ
لكنّني عنْ ربيعي ما تنازلتُ
ولتحمد اللهَ أنْ جُعلتَ فيْ ركبٍ
-بالرّغم من كيدِها- يقودُهُ الموتُ