هناكَ وقفتُ في لهفٍ
أناجي طيفَكِ الغائبْ،
ومن خلفِ الضَّبابِ أطلَّ
نورٌ خافِتٌ شاحِبْ
يسائلني،
ويفتحُ لي جراحًا شئتُ أدمِلُها
فيسخرُ مِن مُكابرَتي
ويهزأ مِن مُحاوَلتي
يقولُ بلهجةٍ تكوي:
أتنكرُ قلبَكَ الذائبْ؟

وبي ذكرى لأيّامٍ قضيناها،
وهل أنسى؟
شربنا دمعَنا فيها،
وكأسًا يتبعُ الكأسا
وأبحَرْنا بأحلامٍ تجسُّ قلوبَنا جَسّا
وغِبنا في غياهبِها...
فضلَّ سفينُنا المَرسى!

فكم غِبنا؟
وكم ذُبنا؟
وكم طُفنا
وما خِفنا،
وكم طالتْ بنا الأوهامْ؟

وها أنذا على الأطلال
أستلقي، وأنتحبُ
وأنبشُ عُمقَها الأيّام
ألملمُ بعضَ ما تَرَكَتْ لنا مِنّا
وأقرأ كلَّ ما كتبَتْ لنا عنّا
صُروفُ الدّهرِ والآلام.