وافى إلينا ذاتَ يـومٍ سائلُ
مُستعطِفـًًا مُستجديًا يتـوَسَّلُ
ويقــولُ: إني تائـــهٌ ومُشرَّدٌ
قاسيتُ في التَّرحالِ ما لا يُحمَلُ
ضاقَتْ بيَ الدُّنيا فما لي ملجأٌ
في الأرضِ إلاَّكُم، وإني آمـلُ
ألاَّ تـردّوني ذليـلاً خائــبًا
جازاكُمُ البـاري إذا لـم تبْخَلـوا
ومضى فأحضرَ حِملَهُ ومَتاعَهُ
ثمَّ استقرَّ ببابِنـا لا يَرحَـلُ،
حتى إذا قَـدِمَ الشتاءُ وبردُهُ
وغَدَتْ رياحُ الزمهرير توَلوِلُ
قُلنا لهُ: هَلاّ احتمَيتَ منَ الأذى
في البيتِ حتَّى أن تكُفَّ هَواطِلُ
مُـذّ ذاكَ كانَ نصيبُـهُ ما نابَنا
مِن كُلِّ ما يَروي الظَّما أويُؤكَلُ
وغدا الغريبُ على المدَى مُتوطِّنًا
مُتـصرِّفًا في أمـرِنا، لا يسألُ
فإذا نطقنا جُملةً قـالَ اسكتوا،
وإذا استرحنا بُرهةً قالَ اعملوا!
وإذا أضَأنـا شَمعةً قالَ : اطفئوا،
وإذا كَسَــرنا خُبزَنـا يتمَلمَلُ
قُلنـا لـهُ: يا ضيفَنـا أثقَلتَنــا
أنهَكتَنا، والضَّيـفُ لا يتـدَلَّلُ!
قـالَ: وربِّ الكونِ إني مالِـكٌ
للـدارِ مُـذ كانَ النشوءُ الأوَّلُ
إن تقبَلوا حُكـمي بقيتُمْ ههـنا
فإذا أبيتُم فاستـعدّوا وارحلوا