إنهم يطلعـون مـن كـلِّ أفْـقٍ
كلُّ وجـهٍ منهم كوجه الشِّهابِ
بجسومٍ فـوق الهضاب صِـلابٍ
وقلوبٍ تحـوم فـوق السَّـحابِ
يملؤونَ الوجـود حُبـاً وحـرباً
ويجـوبونه بخُضْر الثِّـيـابِ
يتحدُّونَ الجور بالسيف ، والموت
بإقـدامٍ ، والـهوى بالكـتابِ
إنهم قادمون ، أحنى من الطّـير
وأضرى من اللُّيوثِ الغـضابِ
كالقضاءِ المحتومِ، فالفجر خلف الليل
كالشمس من سجوف الضَّبـاب
يرفعون الإسـلام نـوراً ونـاراً
في الدُّنـا، بعد غـربةٍ وغـيابِ
فاحضنيهم يا أرض إن شئتِ خيراً
وانثـريهم مشـاعلاً في الرّوابي
أو فـصدِّي العُباب، وهـو مُحالٌ
أو فميـدي، وآذنـي بالخـرابِ
• • •
• • •
وعِثارٍ في دربهـم ، وانطـلاقٍ
و سـرابٍ يـلوح خلف سـرابِ
ربّما يتعبون آنـاً، وقد يشـكون
كالنـاس مـن قِراع الصِّـعـاب
ربّما يشردون ، لكـنْ يعـودون
صـقوراً إلى طـريق الصّـواب
هُوَ ذا دربهـم، طويلٌ، ومفروش
بجمرِ الأسـى ، وصـُمِّ الكِـعاب
للشـياطين في مـداه كـهـوفٌ
كلُّ كـهف يُـودي إلى سـرداب
فإذا الصَّيدُ في السراديب أسـرى
يجـرعـون الآلام شـرَّ ثـوابِ
من كؤوس كالسُّـمِّ، تغلي بما يهـ
ـوى الفراعينُ من ضُروب العَذابِ
وإذا الغـُرُّ فـي البـلاد وجـوهٌ
مُفـعـماتٌ بعـزَّةٍ واكتـئـابِ
إنّـها سـنّةُ الإلـه وأســرابُ
هـداةٍ تـقـفو خُـطـا أسـرابِ
• • •
• • •
إنهم قادمـون، لا التِّبرُ يُعميـهـم
ولا تثـنـيهم نـيوبُ الـذِّئـابِ
يقطـعون الحيـاة غُـراً بأحـلام
كـهـولٍ تغـذو جنونَ الشّـَباب
ويـعيشون مـنهـج الله أحـراراً
ويقـضـون بين طعـن الحـرابِ