وجرى شعاعُ البدر فيه فانثنى
كاللازورد المذهبِ الأثناءِ
وجرى شعاعُ البدر فيه فانثنى
كاللازورد المذهبِ الأثناءِ
عَاثَ الجَوى فِي جَوفهِ وتسعَّرَا
وطَغى عَليهِ بجَيشِهِ وتجبَّرَا
وأحَالَ عينَ الصَّبِّ دمعًا هَاطِلًا
يَبكِي الجفاءَ مَرارةً وتحسُّرَا
يَبكِي أحبَّتهُ الذينَ ترحلُّوا
مَا كانَ حُبّهمُ حَديثًا يُفتَرى!
مَا زالَ يَمضغُ نأيهُمْ وفِراقهُمْ
واللهُ يَرحَمُ مُؤمنًا مُتصبِّرَا
مالي أرى في عيونِ الناس عيناهُ
مالي أرى حيثُ ما أمضي محياهُ ؟
أ أختار سكناً له في وسط أعينهم
أم أصبح الخلقُ للمَعشوقِ أشباهُ ؟
لاتجزعنَّ من هذه الدنيا التي
تنتابها الآلام والأكدار
تبقى الحياةُ هي الحياةَ وإنما
تتفاوت الأفهامُ والأفكارُ
لله فوّضْنا الحوائجَ كلَّها
فهوالعليم القادر القهّارُ
يتبجَّحُونَ بأنَّ موجاً طاغياً
سَدُّوا عليهِ مَنافذاً ومَساربا
كَذِبوا فملءُ فمِ الزّمان قصائدي
أبداً تجوبُ مَشارقاً ومغاربا
- محمد مهدي الجواهري
إِن كانَ ذَنبي دِفاعي عَن حُقوقِكُم
فَلَستُ أَدري وَرَبّي كَيفَ أَعتَذِرُ
أُعيذُكُم أَن يَقولَ الناسُ قَد مَدَحوا
فَما أَثابوا عَلى قَول وَلا شَكَروا
هَيهاتِ بَعدَكَ ما يُفيدُ تَصَبُّرُ
وَلَئِن أَفادَ فَأَيُّ قَلبٍ يَصبِرُ
إِنَّ البُكاءَ مِنَ الرِجالِ مُذَمَّمٌ
إِلّا عَلَيكَ فَتَركُهُ لا يُشكَرُ
لَو كانَ لي قَلبٌ لَقُلتُ لَهُ اِرعَوي
إِنّي بِلا قَلبٍ فَإِنّي أَزجُرُ
لازَمتُ قَبرَك وَالبُكاءُ مُلازِمي
وَاللَيلُ داج وَالكَواكِبُ سُهَّرُ
أَبكي عَلَيكَ بِأَدمُعٍ هَطّالَةٍ
وَلَقَد يَقلُ لَكَ النَجيعُ الأَحمَرُ
وَوَدِدتُ مِن شَجوي عَلَيك وَحَسرَتي
لَو اِنَّ لَحدَكَ في فُؤادي يُحفَرُ
إِنّي لَأَعجَبُ كَيفَ يَعلوكَ الثَرى
أَنّى ثَوى تَحتَ الرُغامِ النَيِّرُ
أَمسَيتُ مُستَتِراً بِهِ لَكِنَّما
آثارُ جودِكَ فَوقَهُ لا تُستَرُ
مَرِضَ النَدى لَمّا مَرِضت وَكادَ أَن
يَقضي مِنَ اليَأسِ المُلِمُّ المُعسِرُ
يَرجوكَ أَنَّكَ جابِرٌ كَسرَهُ
فَإِذا فُقِدتَ فَكَسرُهُ لا يُجبَرُ
وَعَلَت عَلى تِلكَ الوُجوهِ سَحابَةٌ
كَدراءُ لا تَصفو وَلا تُستَمطَرُ
كَم حاوَلوا كَتمَ الأَسى لَكِنَّهُ
قَد كانَ يَختَرِقُ الجُسومَ فَيَظهَرُ
حامَت حَوالَيكَ الجُموعُ كَأَنَّما
تَبغي وَقاءَ الشَرقِ مِمّا يُحذَرُ
وَالكُلُّ يَسأَلُ كَيفَ حالُ إِمامِنا
ماذا رَأى حُكَماأُنا ما أَخبَروا
وَالداءُ يَقوى ثُمَّ يَضعُفُ تارَةً
فَكَأَنَّهُ يَبلو القُلوب وَيَسبِرُ
أَورَدَتهُ عَذباً فَأَورَدَكَ الرَدى
تَبَّت يَداهُ فَذَنبُهُ لا يُغفَرُ
هَيهاتِ ما يَثني المَنِيَّةَ جَحفَلٌ
عَمَّن تَأُم وَلا يُفيدُ العَسكَرُ
رَصَدَ الرَدى أَرواحَنا حَتّى لَقَد
كِدنا نُعَزّي المَرءَ قَبلُ يُصَوِّرُ
نَهوى الحَياةَ كَأَنَّما هِيَ نِعمَةٌ
وَسِوى افَواجِعِ حُبُّها لا يُثمِرُ
وَنَظَنُّ ضِحكَ الدَهرِ فاتِحَةَ الرِضى
وَالدَهرُ يَهزَءُ بِالأَنام وَيَسخَرُ
أَفَقيدَ أَرضِ النيلِ أُقسِمُ لَو دَرى
بِالخَطبِ أَوشَكَ مائُهُ يَتَعَسَرُ
وَضَعوكَ في بَطنِ التُراب وَما عَهِد
تُ البَحرَ قَلبَكَ في الصَفائِحِ يَذخَرُ
وَرَأَوا جَلالَكَ في الضَريحِ فَكُلُّهُم
يَهوى وَيَرجو لَو مَكانَكَ يُقبَرُ
لَم تَخلُ مِن أَسَفٍ عَلَيكَ حَشاشَةٌ
أَبَداً فَيَخلو مِن دُموعٍ مِحجَرُ
آبو وَما آبَ العَزاءُ إِلَيهِمُ
وَالحُزنُ يُنظَم وَالمَدامِعُ يَنشُرُ
وَالكُلُّ كَيفَ يَكونُ حالُ بِلادِهِم
مِن بَعدِ ما ماتَ الإِمامُ يُفَكِّرُ
لَم يَبلِنا هَذا الزَمانُ بِفَقدِهِ
لَو كانَ مِمَن بِالرَزِيَّةِ يَشعُرُ
في المَنزِلِ المَهجورِ أَذكُرُكُم
فَأَخالَني في جَنَّةِ الخُلدِ
أَنتُم مَعي في كُلِّ آوِنَةٍ
وَالناسُ يَحسَبُ أَنَّي وَحدي
وَلَقَد ذَكَرتُكِ بَعدَ يَأسٍ قاتِلٍ
في ضَحوَةٍ كَثُرَت بِها الأَنواءُ
فَوَدِدتُ أَنّي غَرسَةٌ أَو زَهرَةٌ
وَوَدِدتُ أَنَّكِ عاصِفٌ أَو ماءُ
نِصَالٌ مَلَّتِ الأجْفَانْ
وَنَوْمٌ أَتْعبَ الأجْفَانْ
فَهُبُّوا أَيُّهَا الأَبِطَالْ
وَسُلُّوهَا مِن الأَغْمَادْ
سُيُوفاً تُبْرِيءُ الأحْقَادْ
وَتُحْيِي مَيَّتَ الآمَالْ