سارِيَةٌ لَم تَكتَحِل بِغَمضِ
كَدراءُ ذاتُ هَطَلانٍ مَحضِ
موقَرَةٌ مِن خُلَّةٍ وَحَمضِ
تَمضي وَتُبقي نِعَماً لا تَمضي
قَضَت بِها السَماءُ حَقَّ الأَرضِ
كانَ لِنَفسي أَمَلٌ فَاِنقَضى
فَأَصبَحَ اليَأسُ لَها مَعرِضا
أَسخَطَني دَهرِيَ بَعدَ الرِضا
وَاِرتَجَعَ العُرفَ الَّذي قَد مَضى
لَم يَظلِمِ الدَهرُ وَلَكِنَّهُ
أَقرَضَني الإِحسانَ ثُمَّ اِقتَضى
يا سَهمُ لِلبَرقِ الَّذي اِستَطارا
باتَ عَلى رَغمِ الدُجى نَهارا
حَتّى إِذا ما أَنجَدَ الأَبصارا
وَبلاً جَهاراً وَنَدىً سِرارا
آضَ لَنا ماءً وَكانَ نارا
أَرضى الثَرى وَأَسخَطَ الغُبارا
لا خَيرَ في قُربى بِغَيرِ مَوَدَّةٍ
وَلَرُبَّ مُنتَفِعٍ بِوُدِّ أَباعِدِ
وَإِذا القَرابَةُ أَقبَلَت بِمَوَدَّةٍ
فَاِشدُد لَها كَفَّ القَبولِ بِساعِدِ
ما اِبيَضَّ وَجهُ المَرءِ في طَلَبِ العُلى
حَتّى يُسَوَّدَ وَجهُهُ في البيدِ
وَصَدَقتِ إِنَّ الرِزقَ يَطلُبُ أَهلَهُ
لَكِن بِحيلَةِ مُتعَبٍ مَكدودِ
الغَيمُ مِن بَينِ مَغبوقٍ وَمُصطَبَحِ
مِن ريقِ مُكتَفِلاتٍ بِالثَرى دُلُحِ
دُهمٍ إِذا ضَحِكَت في رَوضَةٍ طَفِقَت
عُيونُ نُوّارِها تَبكي مِنَ الفَرَحِ
أَلا تَرى ما أَصدَقَ الأَنواءَ
قَد أَفنَتِ الحَجرَةَ وَاللَأواءَ
فَلَو عَصَرتَ الصَخرَ صارَ ماءَ
مِن لَيلَةٍ بِتنا بِها لَيلاءَ
إِن هِيَ عادَت لَيلَةً عِداءا
أَصبَحَتِ الأَرضُ إِذَن سَماءَ
رَسولُكَ الخَطِّيُّ يَومَ الوَغى
تُردِفُهُ بِالأَبيَضِ الصارِمِ
مَن نامَ عَن مَكرُمَةٍ عامِداً
فَلَستَ عَنها الدَهرَ بِالنائِمِ
لَم يُرَ في عِترَتِهِ مِثلُهُ
أَنصَفَ لِلمَظلومِ مِن ظالِمِ
لَكِنَّهُ يَمطُلُ حَقّاً مَضى
بِهِ لِيَ التَسجيلُ مِن حاكِمِ
لَولا القَديمُ وَحُرمَةٌ مَرعِيَّةٌ
لَقَطَعتُ ما بَيني وَبَينَ هِشامِ
لا حُرمَةَ الأَدَبِ القَديمِ يَحوطُها
وَأَراهُ يَجهَلُ حُرمَةَ الإِسلامِ
فَكَأَنَّما كانَت مَوَدَّتُنا لَهُ
وَإِخاؤُنا حُلماً مِنَ الأَحلامِ
وَتَصَرُّفُ الإِخوانِ إِن كَشَّفتَهُم
يُنسيكَ طولَ تَصَرُّفِ الأَيّامِ