بقلم:عامر القيسي
“إذن من طين وأخرى من عجين ” ..لاأجد تعبيراً أكثر تجسيداً لحال حكومتنا الموقرة في تعاملها مع مطالب الجماهير المكتوية بالأزمات في قائظ صيفنا وبرودة شتائنا ، ذلك إن هذه الجماهير قد إختفى من ذاكرتها الربيع فصلاً وحياةً ومتعةً !
هذه الجماهير المحتجة على سوء تفاصيل حياتها والرافعة لشعارات القبول بالحقوق وليس الأمنيات ، فهذا زمن لاأحلام فيه ولا أمنيات ..
الكهرباء التي صرف عليها 28 مليار دولار ..الماء الصالح للإستخدام البشري من بلاد النهرين..توفير فرص عمل في بلاد تعوم على بحار من النفط والثروات ..القليل من الأدوية التي تتسرب الى الصيدليات المقابلة
للمستشفيات ..رحلات مدرسية لفلذات الأكباد وهو يفترشون الأرض لتحصيل المعرفة ..معالجة إرتفاع نسب الإنتحارات بين الشباب بسبب فقدان الأمل بحياة بشرية ..!مطالب أصبحت جزءً من ماضي الشعوب ،
جوارها وبعيدها عنّا ، فيما هي أمنيات وأحلام عزيزة على شعب يمتلك كل إمكانات تجاوز الأزمات وتذليلها ..إمكانات مالية وبشرية وثروات لاحصر لها وإستعدادات كبيرة لدعم دولي ..!
أين هي المشكلة إذن ؟
لن نجتر الكلام عن الفساد فقد أصبح في متناول الرضيع ..!لن نندب أقدار السياسية ومصالحها التي آلت الينا بهذا الواقع ..!بكل بساطة نريد حكومة تستمع الى صراخ الناس .. تحاورهم ..تقول لهم ماذا ستفعل ..وما هي المعوّقات .. وما هو مستقبلهم ..ليس بالشعارات والتطمينات ، سمع منها أهالي البصرة الكثير وناموا على عسل الكلام ..!
ومثلها سمع أهالي الموصل وناموا على خراب البيوت المهدمة والموت الجماعي بعبّارة ، لم يقل لهم أحد لماذا ماتوا بسببها ومن المسؤول .. !وبغداد دعك عن الحديث عنها ، بلا حياء ممن على رأس مسؤوليتها، تحوز دائماً على “إمتياز ” أسوأ عاصمة للعيش في العالم مع الإعتذار لمقاديشو الصومال !
الطين والعجين من سمات حكومات لاتمثل شعوبها ، لذلك لاتحترم مطاليبه ولاتستمع اليها ولا تتجاوب معها ، وتترك النار تحت الرماد حتى يحين إشتعالها لتحرق الأخضر واليابس كما يقال ..!
صحفي أجنبي سأل مواطناً عراقيا بسيطاً :
“ماهي أمنياتك في الحياة ؟”
أجابه هذا المواطن البسيط :
“بيت أسكنه وعمل أعيل به نفسي وعائلتي ودواء يعالجنا ومدرسة نعلّم بها فلذات أكبادنا “..!
إستغرب الصحفي وتصوّر إن هذا المواطن لم يفهم السؤال جيدا فأوضح له :
” سألتك عن أمنياتك وأحلامك وليس عن حقوقك ” !!
الحقوق التي كفلها الدستور ووقع عليها ” ممثلو” الشعب ووعدت الحكومات ” المنتخبة” بتحقيقها !!
لاأحلام إذن للمواطن العراقي ولامطالب المعجزات ..لايريد سيارات دفع رباعي ..لايريد العلاج خارج العراق إذا إنجرح إصبعه ..لايريد أن يدرس أولاده في دول الحضارة والتطور كما يفعل “ممثلو ” الشعب !
ببساطة يريد حقوقه الضائعة في مزادات السياسيين وشعاراتهم ..!
قد ينفع التخدير حيناً ..ولكن حين يستفيق المريض ، يكون لكل حادث حديث !!