الشعائر الحسينيه
جرت العادة في الدول الدستورية والتي تحترم تاريخ شعوبها بما تتضمنه من مناسبات وأعياد وطنية ودينية ووقائع تاريخية تمس حياة الشعوب وعقائدها بتضمين دساتيرها بنصوص ومواد قانونية تخليداً لتلك المناسبات، ومن بين هذه الدساتير الدستور العراقي الدائم الذي تم سنه والتصويت عليه في العام2005م، والذي أكد وبصراحة على حرية ممارسة الشعائر الدينية. وبما إن المسلمون الشيعة في كل بقاع العالم على وجه العموم وفي العراق على وجه الخصوص اعتادوا إحياء ذكرى ملحمة عاشوراء في كل سنة، وحيث المنزلة الكبيرةلهذه الذكرى المؤلمة في نفوس أتباع أهل البيت(عليهم السلام) ومحبيهم دأب شيعة العراق بعدم تفويت فرصة أحيائها وتجسيد أبعادها في التعبير عن شدة الحزن والألم الذي يعتصر قلوبهم بكل الوسائل التي يعبر من خلالها الإنسان بمناسبة فقد محب أو عزيز على نفسه.
وبما إن شيعة أهل البيت(ع) ومحبيهم يشكلون السواد الأعظم من سكان العراق فكان لا بد للمشرع العراقي وهو يسن مواد الدستور ونصوصه أن لا يغفل أهمية المعتقد لمكونات العراق ومنها الطقوس والشعائر الحسينية، فقد جاء في المادة 41/أ أولاً في (فصل الحريات) إن (أتباع كل دين أو مذهب أحرار في ممارسة الشعائر الدينية بما فيها الشعائر الحسينية).
ولفداحة الواقعة وما جرى فيها من حالة القتل والخوف والترويع على أهل بيت النبي(ص) وما أعقبه من قطع للرؤوس وسبي للنساء وضرب للأطفال وعدم مراعاة أي حرمة أو منزلة لأهل هذا البيت من قبل السلطات الأموية آنذاك، بالإضافة إلى حالة الإرهاب التي كانت تمارس من قبل السلطة الأموية وما تبعها من سلطات مستبدة على رقاب شيعة أهل البيت(ع)، جرت العادة عند أتباعهم ومواليهم في أحياء المناسبة مهما كلفهم ذلك من ثمن ومهما حاول المغرضون من تزيف تلك الشعائر ووصفها بشتى الأوصاف.
وحيث إن لتلك الشعائر أهمية كبرى في الوقوف بوجه الظلم والجور إذ طالما أقضت مضاجع الحكام الفاسدين والظالمين في كل زمان ومكان، فإنها لا بد أن تتعرض للحرب ومحاولة الطمس أو التشويه من أولئك الظلمة أو ممن يدورون في فلكهم.
ولذلك أخذ المشرع في الدستور الدائم بالنص في المادة(35)ثانياً على أن (تكفل الدولة حرية العبادة وحماية أماكنها)، وبذلك ألزمت هذه المادة جميع أجهزة الدولة (الأمنية) بتوفير الحماية اللازمة لجميع الأماكن التي تمارس فيها تلك الشعائر وبدون استثناء.