سوق الغزل في بغداد ... طيور وحيوانات للمتعة إلى جانب لقمة العيش (صور)
- المصدر: بغداد - "النهار"
في قلب #بغداد القديمة يقع سوق الغزل محاطا بمواقع وأبنية دينية تاريخية تعود لعشرات وربما مئات السنين، منها مثلا، جامع الخلفاء الذي اعاد الوالي العثماني سليمان الكبير عام 1802 بناء منارتها الاقدم في بغداد بعد تصدعها بفعل الزمن، منها ايضا، دير الآباء الكرمليين، وكان معروفا بمجلس يوم الجمعة الادبي الذي يديره رجل الدين الأب واللغوي اللبناني العراقي أنستاس الكرملي في النصف الأول من القرن العشرين.
سميّ "سوق الغزل" نسبة الى اتخاذه من قبل تجار النسيج والغزل ابان العهد العثماني مكاناً لتسويق بضائعهم، وبقى على هذه الحال عقوداً طويلة من الزمن، حتى تحول قبل نحو 50 عاماً الى سوق لبيع الطيور والحيوانات البرية والداجنة بمختلف انواعها.
شيئا فشيئًا، تحوّلت معالم المكان، وفرغ الدير من الآباء والكرمليين، وجامع الخلفاء من المصلين والشيخ جلال الحنفي.
هكذا هي الحياة، تتغير بإصرار وبلا مبرر معروف احيانا، حتى انها تحول الاماكن مرارا الى اخرى لا تشبه بعضها، ففي حالة سوق الغزل مثلا، تحوّل من سوق تجارية لبيع الغزل، الى مكان للعلم واحاديث الثقافة الصاخبة، ثم لاحقا الى مكان عادي للبيع والتسلية وسماع نباح الكلاب واصوات الطيور المختلفة!
تحولات الأمكنة لحسن الحظ، تجلب معها فوائد اخرى لفئات شعبية لا تشبه بالضرورة روادها الاوائل، اذ يستفيد اليوم من السوق كثير من زبائنه البغداديين او القادمين من محافظات العراق المختلفة، فطبيعته تتناغم مع الهوايات الشخصية المتمثلة في تربية الطيور والحيوانات بأنواعها من جهة، وكسب العيش والتجارة من جهة اخرى.
تفتح محلات سوق الغزل ابوابها صباحا على امتداد ايام الاسبوع، لكن نشاطها التجاري يصل ذروته ايام الجمعة، حيث يأتي السوق آلاف المربّين وهواة الطيور لتداول وبيع انواعها المختلفة، ومع مرور الايام ازداد عدد رواده ونوعية الطيور والحيوانات الموجودة فيه، بعد ان سمحت حركة تجارة الحيوانات الواسعة في السنوات الاخيرة في دخول مئات الانواع الغريبة من الطيور والحيوانات، في وقت لم يحتوِ السوق سابقا الا على الانواع المحلية.
في السوق انواع مختلفة من طيور الببغاء والبلابل والنعام والبط والدجاج والحمام والطاووس والنسور، الى جانب انواع الكلاب واسماك الزينة، وهناك انواع اخرى من الطيور يجهل حتى الباعة اسماءها.
يقول مربّي الطيور صفاء راجي لـ"النهار": "أجد متعة كبيرة في المجيء الى السوق يوم الجمعة، اكثر من عشرين عاما وانا على هذه الحال، احيانا اشتري، ومرات أبيع، احيانا اخرى يوصيني بعض الاصدقاء بشراء حيوانات او طيور لهم، بعض الاوقات احضر للفرجة فقط".
مضيفا، "هناك انواع هائلة من الطيور والحيوانات، تأتي من مختلف دول العالم، يوجد مثلا انواع كثيرة من طيور الببغاء المستوردة من قارات اسيا وافريقيا واوستراليا".
وعن طبيعة اسعار الحيوانات، يقول صفاء راجي: "تتناسب الاسعار مع موسم تكاثر الطيور او الحيوانات، بحيث تنخفض اسعارها في مواسم التكاثر وبالعكس، كذلك تقل حركة البيع عموما في فصل الصيف بسبب حرارة الجو العالية، تتراوح اسعار الببغوات مثلا بين 500 -2500 دولار اميركي، وسعر طائر المكاو الاسترالي بين 1000- 1500 دولار، اما طائر الكاسكو الافريقي، فسعره يصل الى 500 دولار".
يحب العراقيون تربية الطيور الداجنة عموما، وخاصة الدجاج والبلابل، اما طيور الحمام، فهي الاكثر انتشارا وخاصة بين فئة الشباب الذين يقومون ببناء ابراج الطيور على سطوح المنازل ويقومون بالاستيقاظ في ساعة مبكرة من الصباح لمشاهدة حماماتهم محلقة في السماء لساعتين او ثلاثة، يقضي بعضهم معظم النهار امام برج طيوره، على ان العراقيين عموما لا يتناولون لحوم الحمام مثلما هو الحال مع نظرائهم المصريين ويربّونها للزينة والتجارة غالبا، كما يميل العراقيون الى تربية اسماك الزينة في منازلهم.
رد مع اقتباس