أمثال شعبية عراقية تعكس بعضا من خصائص مناخ العراق وجوه
أن لسطح العراق المتباين ولموقعه اثرا بالغا في تنوع مناخه , وان كان مناخه يوسم بالمناخ القاري على العموم , وبفصلية المطر , فانه لا مناص من تقسيمه إلى أقسام عدة , وذلك بحكم موقع العراق وتنوع تضاريسه , فشماله يشبه مناخ البحر المتوسط أو يعد كحافة شمالية شرقية لمناخ البحر المتوسط الممطر شتاءا والحار الجاف صيفا , إما وسط العراق فهو أنموذجا لمناخ السهوب المتمثل في وسط أوربا , سوى أن الجهات الغربية تمثل المناخ القاري حيث الفرق الشاسع مبين حرارة الصيف وحرارة الشتاء وما بين الليل والنهار , بينما الأجزاء الجنوبية يسودها المناخ الشبه مداري حيث الحرارة والرطوبة العاليتين صيفا كما أن أوضح الفصول في العراق هما فصلا الصيف والشتاء إما الربيع والخريف فلا يتجاوزان الشهرين وقد تكون مدتهما اقل من ذلك .
أن لتنوع مناخ العراق أثرا على التنوع الزراعي وليس من شك في أن التنوع الزراعي في قطر ما يعد نعمة سابغة من النعم الوفيرة التي يمن بها الله على سكان ذلك القطر . وكان للتغيرات الفصلية للمناخ وتقلباته اثر على نفوس العراقيين ثم انعكس هذا الأثر على توصيفاتهم لحالات المناخ فأطلقوا المصطلحات والعبارات التي أصبحت فيما بعد أمثالا شعبية مستوحاة منه وتعكس صفاته .
لهذا أضحى من الطريف الإحاطة بهذه الأمثال والمفاهيم قدر الإمكان كجزء من فلكلور الأمثال العراقية . فقد قالوا :
" ألهوه شرجي " :
مثال دارج عند أهل الجنوب وهو اقرب إلى المفهوم ويريدوا به تعبيرا عن الرياح التي تهب من جنوب شرقي العراق وفي مقدمة إعصار يصل إلى العراق في شباط , وتكون دافئة ومحملة بالرطوبة , إما إذا ارتفعت الحرارة اكثر فان بائعي لبن الجاموس يستبشرون بالصيف ويلقون ما عليهم من ثياب بل يلقون كل ما يتعلق بالشتاء غير حذرين من تقلبات شهر شباط البارد ولكن شباط يأخذهم على حين غرة ويضطرهم الى لبس الملابس الثقيلة
شباط الشبطهه ويه السحور وكسر مناكير الطيور :
وفي شباط كثر ت الأمثال الشعبية فكان منها ( شباط الشبطهه ويه السحور وكسر مناكير الطيور ) , أن شباط الذي خدع المعيدي عندما ارتفعت الحرارة فيه قليلا وجعله يظن بقدوم الصيف تنخفض فيه درجات الحرارة انخفاضا هائلا قد تصل إلى ما دون الصفر بحيث بولغ بان البرودة الحاصلة كفيلة بتكسير مناقير الطيور .
لو شبط لو لبط بي ريحة الصيف :
فردوا على القائلين بغرورهم ( لو شبط لو لبط بي ريحة الصيف ) أي إن شباط الذي تتقلب فيه الأحوال تسوده مرة ظروف باردة تتناسب معه كشهر من اشهر الشتاء ومرة يحل الدفء في بعض أيامه حتى تبدو كأنها من أيام أوائل الصيف وما تلك المدة التي خدعت المعيدي وجعلته يغتر إلا نفحات من الصيف , وعليه فان شباط مهما انخفضت الحرارة فيه انخفاضا شديدا فرائحة الصيف تتضوع في بعض أيامه ولا سيما الأخيرة .
البرد الازرك او ( الازيرج ) :
يراد بها الأيام الشديدة البرودة من شهر شباط والذي قبله وهي أيام قاسية تتوقف خلالها بعض الإعمال فيكثر الناس من التدفئة ولبس الملابس الثقيلة .
برد غيلان :
برد غيلان هو البرد المفاجئ الذي يحدث لعدة أيام في أواخر شباط وقد دعي البرد بهذا الاسم من القصة التي كانت تدور على السنة العامة إن اخوين اسم احدهما غيلان كانا قد قطعا صحراء البادية على ناقتيهما فاخبر غيلان أخاه بان هذه الأيام قد تسبب لهم العطب لشدة البرودة فيهلكا فاقترح بان الأفضل لهما أن ينحر كل منهما ناقته ويخرج أحشائها ويكمن وسط بطنها لتمر هذه الأيام فلم يوافقه أخوه ونفذ غيلان رأيه ومرت الأيام فنجا غيلان من الموت ومات أخوه الذي أبى أن يأخذ برأيه , فدعيت تلك الأيام بأيام برد غيلان إذا لو حصلت مثل هذه الموجة من البر في نهاية شباط فهي برد غيلان .
مطر ايار يحيي ما بار :
وهو المطر الساقط في شهر أيار وان كان هذا المطر قليلا إلا انه ينفع كثيران الحاصلات التي تنتعش ولولا الأمطار الساقطة في هذا الشهر لهلكت تلك المحاصيل .
ربعت :
وهو تعبير يقولونه للوقت الذي تسقط فيه الأمطار وحين تسقط يأخذ السكان بمباركة احدهم الأخر فرحين جذلين قائلين ( ربعت الدنيا ) أي صارت ربيعا , ويكون ذلك في أواخر الشتاء وأوائل الربيع وبخاصة في شهري مارت ونيسان .
عشرة من تموز بتيبس المي بالكوز :
إما في فصل الصيف فقد قالوا أمثالا وأقوالا مسجوعة وشعبية , تصور ماله من خير أو أذى فقد قالوا : عشرة من تموز بتيبس المي بالكوز _ ذلك تعبير عن شدة الحرارة التي ترتفع في هذا الشهر ومعنى المثل إن عشرة أيام من تموز جديرة بان تجفف ماء الشرب الموضوع في الكوز وفي القول شيء من المبالغة .
آب بالليل جلاب بالنهار لهاب مكثر الارطاب مقلل الاعناب مذوب المسمار بالباب فاتح من الشته باب مودع الحب في التراب :
أي أن في آب تبرز القارية بأكمل صفاتها حيث التطرف الشديد فيظهر الفرق الشاسع ما بين حرارة النهار وحرارة الليل ففي آب يكون النهار لهابا أي حار جدا وفي الليل جلابا أي باردا أو معتدلا وفي هذا الشهر تكثر الارطاب حيث ينضج البلح ويزداد عرضه في الأسواق , وان أيام آب حارة جدا إلى الحد الذي تضايق السكان ولذا هم بالغوا بوصفها وقالوا أنها تذيب المسمار المثبت بالباب وفي آخر آب تنخفض الحرارة نسبيا فيشعر الناس كان الشتاء اقبل وعليه فان آب يفتح للشتاء بابا ويبذر القمح في آب ليحصد في الشتاء مادام من المحاصيل الشتوية فيودع الحب في التراب خلاله ولما كانت طبيعة جوه تسمح لإجراء هذه العملية كان أحق بالتقدير أن يقال عنه مودع الحب بالتراب .
طباخات الرطب :
إما طباخات الرطب فهي مدة من الصيف يسكن فيها الهواء وتشتد الحرارة جدا حتى تطبخ البلح أي تنضجه فطباخات الرطب إذن يقصد منهن - منضجات التمر - وحلولها في شهر آب من اشهر الصيف .
ايام بارح :
وتهب رياح حارة متربة في الصيف تضايق الناس وتؤثر على حركتهم يدعونها أهل البصرة برياح بارح . ومعناها إنها تبرح في إيذاء الناس والحيوان والنبات .
جويريد :
هي الأيام التي تسقط فيها الأشجار النفضية أوراقها ودعيت بذلك كون الأشجار تدريجيا يوم بعد آخر تتجرد عن أوراقها ويحدث لها ذلك في أواخر شهر تشرين الثاني وأوائل كانون الأول وعليه أطلقوا على هذه الأيام بجو يريد .
ايلون ايلون سيروا ولا تكيلون :
لان أيلول الذي دعوه بايلون من اجل السجع هو شهر الاعتدال والانتعاش بالأجواء فلا حاجة للتكييل بالماء أي المكوث فيه إثناء السباحة للتخلص من الحر فالحر قد انتهى ولم يعد في أيلول ليضايقكم كما كان حاصلا في شهري تموز وآب .
الفتيلة :
والفتيلة أو الفتالة وتسمى أحيانا بشيطان الصحراء وهي عبارة عن تيارات صاعدة تدور حول نفسها وتترك فراغا وسطها وتسحب إليها الغبار والأشياء الصغيرة على الأرض ويرجع سببها إلى اختلاف تيارين هوائيين ليسا في درجة واحدة على سطح غير منتظم وبذلك تنشأ دورة الرياح وحركته اللولبية .