مصطفى جواد.. مرجع التراث الشعبي
بالرغم من أن العلامة د. مصطفى جواد اشتهر باللغة واساسياتها عبر برنامجه الشهير(قل ولا تقل)،وكذلك بحثه التاريخي في التاريخ العراقي والعربي والإسلامي ،إلا انه عرف أيضا بكونه باحثا فولكلوريا وتراثيا من طراز خاص.
ومباحثه في هذا المجال لا تعد ولا تحصى . ومراجعة سريعة لمجلة(العراق – التراث الشعبي)التي كان يرأس تحريرها جواد في نيسان 1968نجد عشرات الدراسات عن التراث الشعبي العراقي في العديد من مفاصله المعمارية والأزياء والمثل الشعبي، الذي ألف فيه غير كتاب والألقاب وغيرها من أركان التراث.
وكان قبل ذلك يكتب في مجلة التراث الشعبي الصادرة في1/9/1963التي كان يرأس تحريرها إبراهيم الداقوقي ومدير تحريرها عبد الحميد العلوجي .
وفي التراث،كما في اللغة،عرف عن مصطفى جواد تبسيط الموضوع وشرحه بسلاسة يحسد عليها, كي يفهمها الدارس المتعلم كما الإنسان البسيط .وكان يرد كل شيء إلى أصوله باللغة والتاريخ .
من ابرز مساهمات جواد في التراث، كما يذكر الباحث التراثي باسم عبد الحميد حمودي في كتابه القيم (سحر الحقيقة... شخصيات وكتب ودراسات في التراث الشعبي)، هي دراسته للفتوة التي نشرها ضمن تحقيقه لكتاب(الفتوة) لابن المعمار البغدادي. كذلك دراسته المشتركة مع د. احمد سوسة تحت عنوان(دليل خارطة بغداد المفصل في خطط بغداد قديما وحديثا).
وقد أصبحت الدراسة أساسا لبحوث العدد الخاص من مجلة المورد عن بغداد, وكذلك العدد الخاص بمجلة التراث الشعبي عن مدينة المنصور الخالدة .
ولم يكتف جواد بمخطط المدينة المدورة حسب بل حدد أماكن الباعة وشوارع المدينة وقبائلها وأماكن سكناهم وأشهر الآثار فيها .
لقد بدأ شغف د. جواد بالتراث لا باعتباره معمارا شعبيا حسب بل لغة ومثل شعبي وأزياء شعبية ورحلات وأبحاث أساسية في علوم السابقين. فعلى صعيد اللغة الشعبية– يقول حمودي– انه كتب بحثا في مجلة لغة العرب في العدد الثامن لعام 1930تحت عنوان(اللغة العامية العراقية) ذكر فيه أسباب اللحن المألوفة،ثم حاول بجرأة نادرة رد الفصيح إلى أصله،ثم عاد في أيلول 1963ليكتب بحثا ممتعا عن(الشعر العامي العراقي القديم) في العدد الأول من مجلة التراث الشعبي, الذي جمع فيه ألوان الشعر الشعبي العراقي،الذي كان يصر على تسميته بالعامي .
كذلك اهتم بالمثل الشعبي في كتابته لمقدمة القصة التمثيلية الذي ألفها عزيز جاسم الحجية عام 1958تحت عنوان(المايوني يغرك).وقد حوت أمثلة شعبية بغدادية متعددة . وقد أشاد مصطفى جواد بجمع المثل الشعبي ومحاولة تصفيحه .
كما كتب جواد عن أزياء العرب الشعبية في عدد التراث الشعبي الصادر في نيسان عام1964، بحيث صار موضوعه أساسا ومرجعا للكثير من الكتب التي صدرت بعد ذلك.
كذلك أشار د. جواد الى المستشرق الهولندي دوزي ومعجمه المؤلف بالفرنسية وتضمن إشارات عن ملابس العراقيين كالهاشمي والبشت . بالإضافة إلى ذلك ناقش مصطفى جواد ابن خلدون حول نسبة الأزرار الى العرب ام غيرهم ! ثم تحدث عن ملابس الفتوة .
من إسهاماته الفولكلورية والتراثية الأخرى ما كتبه جواد عن(الشعبيات عند الجاحظ )لا ليعزز ريادة أبي عثمان في جمع وتوصيف المأثور الشعبي العربي القديم فقط ، بل ليعالج مصطلح الفولكلور في الدراسات الإنسانية القديمة وتسمية الأب الكرملي له بعلم القوميات،واقتراحه تسمية الشعبيات مبررا تلك التسمية او المصطلح بالبساطة والسهولة وصدق الدلالة.