عبود الكرخي.. ريادة وتاريخ


في الغلاف الأخير بكتابه عن الملا عبود الكرخي .سيرة ومسيرة ثبت الأديب جميل الجبوري قصيدة للشاعر الكبير معروف الرصافي عن الكرخي يقول فيها:

تالله لم تظهر الدنيا حقيقتها
ألا بما راقني من شعر(عبود)
شعر لو امتلكت قلبي عواطفه
لكان دون اله العرش معبودي
الكتـــاب الصـــادر يقــع في352صفحة من القطع المتوسط, وصمم غلافه ريم الجندي وهو رحلة ثقافية في مواقف وشعر وسيرة الشاعر العامي الملا عبود الكرخي, خاضها الأديب جميل الجبوري في واحد من أفضل الكتب التي تناولت هذا الشاعر الوطني ,الذي ألهب الأكف من قبل المواطنين والسياسيين عن مواقفه الوطنية العديدة .
الكرخي هو عبود بن الحاج حسين بن سهيل,وأمه زهرة آل ناصر,ولقبه الكرخي جاء نسبة إلى جانب الكرخ من مدينة بغداد ,حيث ولد فيها العام1861لأب تاجر يعمل في بيع وشراء الإبل والجلود بين بلدان الشرق الأوسط , كما تقول سيرته المنشورة في مقدمة أجزاء دواوينه .
استقر في بغداد وأحب وتزوج مرات عدة، ثلاث منها انتهت بالطلاق واثنتان استمرتا,وزيجته الأخيرة امتدت لعشرين عاما إلى حين وفاته,بعد أن أنجب خمسة أولاد وثلاث بنات . وقد تعلم الكرخي من خلال رحلاته التجارية مع والده العديد من اللغات مثل الألمانية والتركية والفارسية
والكردية.
كما اختارته السلطة العسكرية العثمانية كي يكون مترجماً في الحملة التي جهزت للمشاركة في الحرب العالمية الأولى إلى جانب الألمان ,بعد أن دخلت تركيا العثمانية الحرب فيها.
وقد وقع الكرخي أسيرا في إحدى المعارك الساخنة مع الجيش الروسي , لكنه افلح في الهروب من الأسر وعاد للالتحاق بالحملة العثمانية الثانية .
لكنه لم يلبث طويلاً مع العثمانيين ,إذ انضم إلى ثورة حسين بن علي العام 1916 فشارك فيها وأصبح مطاردا من
تركيا .
وفي عهد الانكليز واحتلالهم للعراق انشأ مزرعتان لنفسه في المحمودية خسر فيها كثيراً .ثم تحول إلى معارض وصوت شعري للمقاومة العراقية
الوطنية .
ووجه قصائده الشعرية ضد الحكم الملكي ونواب مجلس البرلمان فيقول في أحداها:


عبا لي حسنة نيتهم
وللأوطان خدمتهم
طلعت تالي صوفتهم
حمرة من كصاص الشاة
عمت عيني على الألقاب
وي هوه على الأحزاب
يا وسفه على الأنساب
يا حسرة على ما فات
بهل العهد والذمة
جنتوا البارحة لمه
كل واحد تحت نجمه
صرتوا مفرقين أشتات
الباقي بالحزب خايب
والاستعفى طلع نايب .
الكرخي وفيصل الأول
وقد نشأت علاقة وطيدة بين ملك العراق فيصل الأول والشاعر الملا عبود الكرخي . وكثيرا ما كان رجال القصر الملكي يشاهدون الكرخي جالسا في حضرة الملك يتسامران ويتبادلان الأحاديث . وعندما توفي الملك فيصل الأول في مدينة برن بسويسرا نظم الكرخي رثائيته الخالدة عن الملك, وانشدها غير مرة أمام تمثال الملك حين نصب ، وكذلك أمام الجماهير ويقول فيها :
يا سفينة التايهة وطرها الفلك
مات فيصل يا غريب اذكر هلك
مات فيصل مات عزك يا فقير
يا عراقي وبمن بعده تستجير