TODAY - 14 September, 2010
أغاني العيد
هاشم العقابي
رغم اني، كغيري من العراقيين، نسيت طعم الفرح بالعيد، لكن شيئا كأنه بقايا فرح ظل كامنا في اللاشعور منذ أيام الطفولة فصار أقرب للحسرة منه للفرح. يفترض بالمناسبات الحزينة ان تثير الحزن، والمفرحة ان تثير الفرح. قانون نفسي تعلمناه ولم نجد من يعترض عليه. لكني شخصيا صار قدوم العيد يقبض نفسي. وهو الذي يفترض به انه خير مداو لداء الوحدة صار يشعرني بالوحشة.
مرة، حاصرتني في احدى ليالي العيد بمنفاي رغبة ان اكتب قصيدة، فلم اجد بي طاقة تعينني الا في قول خمسة أسطر:
مديت چفي الهلي بَيْ شوگ اعايدهم
لن هلي بعيد ارحلوا والحزن ماخذهم
والعيد بيه كبر وآنه بطرگ روحي
إلمن اعايد وانه المحتار بجروحي؟
خليت چف اعله چف وعايدت روحي
والليلة التي سبقت عيد الفطر الأخير، حاصرتني هذه المرة ايضا، لكن لا بقصيدة لأكتبها، بل بما ترسب من ذكريات ايام الطفولة عن العيد. استعرضتها بأمل ان أجد فيها ما يمسح عن الروح وعثاء التغرب ويخفف من ثقل الليالي الموحشات. مررت باغاني العيد، فاكتشفت اني، بحمد الله، ما زلت احفظ:
خرجت يوم العيد بملبسي الجديد
اقول للإخوان هيا الى الدكان
فيومنا سعيد وعندنا نقود
نلعب طول اليوم الى زمان النوم
رددتها كما كنا نغنيها في طفولتنا بتلذذ. لكن فجأة، ومن باب "يا فرحة الما تمت"، داهمتني الذاكرة باغنية:
باچر عيد ونعّيد نْخَّرُبْ بيت ابو سعيّد
ابو سعيد گرابتنه نذبحله دجاجتنا
تصوروا اطفالا يتغنون بالخراب والذبح. كنا فرحين لاننا واعدنا ان " نْخَّرُبْ " بيت ابو سعيد الذي هو من من اقاربنا واصدقنا الوعد. يا ترى ماذا كنا سنفعل ببيت الغريب ؟
عاد الهم والكدر، وسرح بي الخيال فمثل امامي صدام يغنيها وهو صغير ثم تصورتها نشيدا على شفاه نوري المالكي واياد علاوي وعادل عبد المهدي وهم صغار، وكبر الخيال ليشمل ثلة من الشعراء والكتاب اطفالا يغنونها ايضا. ثم حضر امامي كل اعضاء البرلمان بعمائمهم وعكلهم واربطتهم بمجاميع ينشدونها. لعنت الشيطان على وسوسته لي بهذا الخيال الذي اوصلني الى اتعس درجات الكآبة والحزن.
اشعلت سكارتي، فورد ببالي سؤال: هل كان الأطفال الأكراد مثلنا يغنون الاغنية ذاتها؟ وهل كان مام جلال وكاكا مسعود وبرهم صالح يغنونها في طفولتهم؟ أم ماذا كانوا يغنون في العيد؟
أيــــامكم سعيدة