يا زائري في المسا قد قلتَ ذات مسا
لا لن تضيع حكايانا مع الغلسِ
وقلت لي أن لي بالصدر صومعةً
ما كفَّ رهبانها قرعاً على النُقُسِ
وأن لي في ثنايا الروح أغنيةً
لا تنتهي أبداً إلا مع النفَسِ
حتى إذا خلتني في النور مروحةً
أطوي الغمام ولا أخشى من العسسِ
رميت رمحك في غدرٍ فأسقطني
ورُحت تضحك من حُمقي ومن هوسي
تركتني في دجى الأيام هامدةً
كجثةٍ طويت في سرمد الدمسِ
تركتني أحتسي حزني كمئذنةٍ
جوفاء قد تُركت يوماً بأندلسِ
يا زائري في المسا، صمتي سيقتلني
أشكو من الحب أم أشكو من الخرسِ
يا زائري إنني أذوي، ويفضحني
من سائر الناس دمعٌ غير منحبسِ
لمن أخبئُ هذا الحُسن يا وجعي
ومن سيقطف من طُهري ومن دَنسي
لمن ثناياي، أنفاسي، ومدفأتي
ومن سيهوي بماء الخُلد في قبسي
حقاً ستترك قلبي مثل منفضةٍ؟
وعالمي بغبار الراحلين كُسي؟
حقاً ستتركني للموت يخطفني؟
ولستَ -رغم نداءاتي- بمرتكسِ؟
حقاً أنا نقطةٌ سوداءَ حالكةٌ؟
لطّختُ صفحتك البيضاء بالنجَسِ؟
يا ويلتي ليتني ما كنت دُميتهُ
يا ليتني قد أحطتُ القلبَ بالحرسِ
لو أنني كنتُ للأقدار عارفةً
ما كنتُ أبحرُ في موجٍ من اليَبسِ!
لو أنني لم أدع قلبي يضيّعني
لما غدا فارس الأحلام مفترسي
يا زائر الحُلم دع قلبي وسر قُدُماً
ولن أبوح بما خلّفت بالفرسِ