مواكب خيرٍ، موكب إثرَموكب
ومَشْرِقُ حَق لم يدنسْ بمغربِ
ودوحةُ حب ظلتْ كلَّ راحلٍ
من الشمس في قيظ الأسى المتلهبِ
مواكبُ، سارتْ من حراءٍ، مجالها
مع البدءِ مكيٌّ، وفي الختم يثربي
تألقت البطحاءُ لما تنسمتْ
شذاها وألقتْ نظرةَ المتوثبِ
مواكبُ، آياتُ الكتابِ دليلها
ومؤنسها في دربها سنةُ النبي
سرتْ في عروق الكون منها بشائرٌ
وهزَّتْ لها الآفاقُ أشرفَ منكبِ
ترقى بها في المجد كلُّ مصدقٍ
وخابتْ مساعي كلُّ غاوٍ مكذِّبِ
مواكب لم تحملْ سوى كل عاقلٍ
رشيدٍ خبيرٍ بالأمور مجرِّبِ
تخلفَ عنها كل مستهزئٍ بها
وقصَّر عنها سعي كل مذبذب
لها في رحاب البيتِ دعوةُ ساجدٍ
ودمعةُ مشتاقٍ، وصوتُ مرحبِ
وفي طيبةِ الهادي البشير لها يدٌ
تمدُّ بريحانٍ إلى المتطيِّبِ
وتنبتُ في نجدٍ بواسقُ نخلها
ويخصبُ في صحرائها كلُّ مجدبِ
وتسري إلى الآفاقِ منها نسائمٌ
تقرب أربابَ الصلاحِ وتجتبي
على الأمر بالمعروفِ شادتْ حصونها
حصوناً على أسوارها الغيمُ يحتبي
وتلقى ذُراها الأنجم الزُّهرُ في الدُّجى
ويلقي إليها البدرُ نظرةَ معجبِ
وترسمُ عينُ الشمسِ منها شعاعها
فيهربُ من أضوائها كلُّ غيهبِ
كأني أرى الأمجادَ من شرفاتها
تطلُّ، تنادينا نداءَ تحببِ:
خذوا من لساني اليومَ حكمةَ ناصحٍ
بغير معاني الحقِّ لم يتشربِ
من الأمر بالمعروف والخير أشرقتْ
على الناس شمسٌ وجهها لم يغيَّبِ
نعم يا نداءَ المجد في أذنِ المدى
نفضتَ غبارَ الوهم عن ذهن متعبِ
هو الأمر بالمعروف يرشدُ لاهياً
وينقذه من طبعهِ المتقلَّبِ
هو الأمر بالمعروف يصرف منكراً
ويكشف دعوى كل ذئب وثعلبِ
رسالةُ كل الأنبياءِ، فما الذي
دها القومَ حتى أبرزوا وجهَ مغضبِ؟!
وما الأمر بالمعروف إلا شعيرةٌ
لها مطلبٌ يسمو على كلِّ مطلبِ
وقد سرَّنا في مهبط الوحي أنها
تميزنا في الواقع المتغربِ
لنا دولةُ التوحيد عزَّ مقامها
بمنهجها، لا بالهوى والتمذهبِ
حماها كتابُ الله من سوءِ منطقٍ
ومن فكرِ إلحادٍ وسوءِ تعصُّبِ