مضى ليلي وأعقبه الصباح
وما رحلت عن القلب الجراح
أرى عصفور أحلامي أمامي
وما غنى ولا خفق الجناح
أشاهد من وراء الغيب وجه
تجلى في ملامحه ارتياح
وأطمح للقاء به ولكن
متى هذا اللقاء به يتاح
كأني والقوافل ماضيات
طريد مات في فمه الصياح
تلفت يمنة فرأى سراب
وعن يسراه وافاه النباح
فأرخى طرفه وبكى وأبكى
ودمع الحر في الشكوى مباح
وقفت على مشارف ذكرياتي
أراقب من غدوا عنا وراحوا
خيول الراحلين لها صهيل
وقد ضاقت بمن رحلوا البطاح
أسائلهم ولو نطقوا لقالو
من الأحياء موتانا استراحوا
أرى نخل المشاعر باسقات
عليها من مهابتها وشاح
أراها لا عذوق لها ولكن
لها سعف تغاض به الرماح
وكيف تريد ثمرا من نخيل
إذا لم يجر في دمها اللقاح
تسائلني الحبيبة كيف أشدو
بأحزاني أفي الحزن انشراح
فقلت لها لأن الحزن شعر
وبينهما انغلاق وانفتاح
وما كل الذين بكوا حزانى
وإن نطقوا بشكواهم وباحوا
بكاء البلبل الشادي غناء
وشدو حمائم الدوح النواح
ولو أني أبوح بما أعاني
لما وفى الأساس ولا الصحاح
رأيت المبعدين ولو رآهم
كرؤيتنا لأنجدهم صلاح
لدى رابين مدفأة وبيت
يظلله وريحان وراح
وحراس يروح بهم ويغدو
وساحات ممهدة فساح
وهم فوق الجليد ولا قريب
يناصرهم ولا أمل متاح
إذا سكنوا الخيام شكوا صقيع
وتلطمهم إذا خرجوا الرياح
أحبتنا لكم منا سلام ، لكم
من بلبل الشوق الصداح
لكم من وزن شعري ما تسام
ومن ألفاظه الغرر الفصاح
رأيناكم فما للحزن حد
ولا للهيبه عنَّا براح
على أحزاننا نمسي ومنه
يكون إذا بدا الفجر اصطباح
تراكم أمتي بعيون حيرى
يعطلها عن السير الكساح
تتوق شعوبها للذود عنكم
ولكن ما بأيدهم سلاح
شعوب تكره الباغي ولكن
من الحكام للباغي السماح
تسائلني فلسطين المآسي
وقد دارت بحسرتها القداح
متى تصحو ربوعي ذات يوم
على صوت يُفك به السراح
متى أصحو على تكبير جند
وتهليل يطيب به الكفاح
حبيبتنا اعذرينا إن فين
خضوعا لا يروق له (الطماح)
تصاغ من السلام لنا دعاوى
وفي الأقصى ولبنان اجتياح
إذا باع الفتى للوهم عقل
ففكرته التي ولدت سفاح
ولولا أن في الدنيا انتكاس
لما عشقت مسيلمةً سجاح