سوى قمر الهدى يخشى الأُفولا
وغيرُ الحقِّ يخشى أن يميلا
وغير منابتِ الإيمان تخشى
-إذا ما الغيث أَطْلَفها- الذُّبولا
وغير عقول أهل الحقِّ تخشى
ضلالاً أو ضياعاً أو ذهولا
وما كلُّ البقاع إذا سَقتْها
غوادي السُّحْب تجعلُها حقولا
فكم أرضٍ يَمُرُّ السيلُ منها
ولم تَحْفَظْ كثيراً أو قليلا
وكم أرضٍ يُداعبُها سحابٌ
فتنشرُ فوقَنا ظِلاًّ ظليلا
وما كلُّ القلوبِ إذا دَعاها
لسانُ الحقِّ تمنحه قبولا
فكم قلبٍ دعاه الحقُّ لكنْ
أبى أنْ يسمع القول الجميلا
وكم قلبٍ إذا ناداه حقٌّ
إليه هفا، وزادَ به حُفُولا
نرى الأشجار سامقةً ولكنْ
نرى الزيتون أكرمَ، والنَّخيلا
وفي الأنعام أصنافٌ ولكنْ
يَظَلُّ الخيرُ يكتنف الخيولا
ونُبصر حولنا بشراً كثيراً
وأهل الخير أهداهم سبيلا
ألا يا منهجَ الإسلامِ إني
أزفُّ لك القصيدةَ سلسبيلا
نظمتُ حروفها ياقُوْتَ حُبٍّ
وبالأَوزانِ أرضيتُ الخليلا
مَلأْتُ إهابَها نوراً لأني
جعلتُ غِذاءَها الفكر الأصيلا
ولم أفتح لها أبوابَ وهمٍ
ولم أجلبْ لها فكراً دَخيلا
لقد أركَضْتُ نَحْوَك خيلَ شعري
تَجُوبُ الأُفْقَ تَمْلَؤُه صهيلا
تمرُّ بطيبةِ الهادي وتمضي
إلى الأقصى ولا ترضى القُفولا
أَزفُّ بها مباركةً بصومٍ
وشَهْرٍ جاءَنا شَهْراً فَضيلا
وبالعيد الذي يأتي بَشوشاً
ويجعل خُطْوَةَ الأَفراحِ مِيْلا
كذاكَ الشِّعْرُ بالإيمان يسمو
ويحمل للورى هَدَفاً نَبيلا
ألا يا منهجَ الإسلام، إنَّا
لَنُعْلِنُها وما نخشى عَذُولا
نُحبُّ بلادَنا جبلاً وسهلا
ونعشق بِيدَها عرضاً وطولا
ونعشق نخلها يعطي غذاءً
ويَنْبُوعَ الهدى يشفي الغَليلا
أليستْ مهبط القرآن لمَّا
تلاه المصطفى سَلَبَ العقولا؟
ورثنا منهج القرآن فيها
سماويَّاً، وتابعنا الرَّسولا
وتلك النِّعمة الكبرى أثارتْ
حسوداً أو حَقوداً أو عميلا
رَمَوْنا بالتَّمَذْهُب حين قالوا:
بوهَّابيَّةٍ أَغْوَتْ قَبيلا
وما صدقوا، فقد كَذَبُوا علينا
وصاغوا من روايتهم فصولا
أوهَّابيَّةٌ، والحقُّ شمسٌ
يبدِّد نورُها الليل الطَّويلا؟
وما عَرَف الإمامانِ انحرافاً
عن الإسلام أوْ تركا دَليلا
لقد رَفَعا لواءَ الشَّرْع، علماً
وسيفاً في حمايته صقيلا
وتلك الدَّعْوَةُ الكبرى، عليها
تَظَلُّ فُروعنا ترعى الأُصولا
بنى عبدالعزيز بها كياناً
ورثنا صرحَه جيلاً فجيلا
وما زِلْنا نمدُّ له الأيادي
رعيلاً صادقاً يتلو رعيلا
أمانةُ حِفْظِه آلتْ إلينا
لأنَّ الله قدَّر أنْ تَؤُولا
ومَنْ حَفِظَ المبادئَ نال فمنها
على دَرْبِ الهدى مَجْداً أثيلاً
ألا يا مَنْهَجَ الإسلام شكراً
لأنك لم تدعْ للوهمِ قِيْلا
مَلأْتَ القَلْبَ إيماناً وحُبَّاً
وكم عانى من البَلْوَى شُكولاً
جَلَوْتَ لنا الحقيقةَ في شُؤونٍ
يكاد الحالُ فيها أنْ يَحُولا
مَنَحْتَ مكانةَ الإخلاص قَدْراً
يجنِّبها المُكابرَ والجَهُولا
وصُغْتَ لهذه الدنيا نِظاماً
يَصُدُّ يَدَاً تَرُوم المستحيلا
وصُنْتَ العِلْمَ والفتوى بِهَدْي
يبعد عن منابرها العَجُولا
حَمَيْتَ النَّاس من بَلْوَى غُلوٍّ
وقولٍ يجعلُ العصفورَ فِيْلا
ومن فَتْوَى تُضِلُّ ذَواتِ سِتْرٍ
فيكَسِرْنَ الأساورَ والحُجولا
كشفت بمنهج القرآن رأْياً
هُلاميَّاً، وتفكيراً هَزِيلاً
وأصنافاً من الأقلامِ ظَلَّتْ
تصوِّر مَنْهَجَ الإسلام غُولا
ألا يا مَنْهجَ الإسلامِ إنَّا
لنشكر ربَّنا شكراً جزيلا
ونُؤمن أنَّ صرحك سوف يبقى
لأنَّ الحقَّ يَأْبى أنْ يزُولا
نقول لهذه الدنيا جميعاً
وحُقَّ لمن تيقَّنَ أنْ يَقُولا
حَبَانا الله بالإسلام عِزَّاً
ولن نرضى بمنهجه بَديلاً