د. حسن زيد عقيل
العهد-نيوز
منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران، الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون يمارسون سياسة العداء ضد الثورة الإسلامية على مواقفها الرافضة للاستعمار الانجلو – سكسوني الإسرائيلي لفلسطين. ايضا هذا العداء الأمريكي الغربي لإيران كان بسبب ما تحققه من إنجازات في علوم التكنولوجيا والتقنيات الحديثة. منها تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم. نعلم ان اليورانيوم العالي التخصيب، صالح للاستخدام في صناعة الأسلحة

النووية. لكن هذا لا يعطي أي مبرر للعداء. لانه توجد معاهدات دولية تحظر إنتشار الأسلحة النووية أو صنعها أو حيازتها. الا ان هذه المعاهدات الدولية، لا تمانع من حيازة أو تخصيب أو استخدام تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية. هذا حق غير قابل للتصرف لجميع الأطراف الموقعة على تلك المعاهدة منها جمهورية إيران الاسلامية، فهي طرف في هذه المعاهدة منذ 1970 ”في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية”. الاهم

من هذا ان مجلس الأمن في 20 يوليو 2015 اتخذ قرارا بالرقم 2231 الذي ينهي ”شرط التعليق” المخجل التي اتخذها خلال الفترة من 2006 – 2015. ان مسؤولي في البيت الأبيض على دراية بها، أضف الى هذا ان مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية أبلغوا المجتمع الدولي ان ايران ملتزمة بكل المعايير الدولية.

لكن اثار المسؤولون الأمريكيون فجأة عن وجود معلومات استخباراتية تقول ان إيران تحاول الحصول على أسلحة نووية، دون ان تقدم ادلة على ذلك. هذا يدخل ضمن الأخبار الزائفة أو الأخبار الوهمية، هذه يمكن ان تقود الى حرب حقيقية. أمريكا وإسرائيل مشهورتان عالميا بالكذب والإفتراء و تقديم معلومات استخباراتية خاطئة . الهدف الحصول على شرعية قانونية دولية و دعم سياسي اممي لفرض عقوباتها على إيران . تاريخ

الولايات المتحدة مليء بالمعلومات الاستخباراتية الخاطئة منذ تأسيسها ، و نأخذ أمثلة من التاريخ الحديث الحرب المزيفة عام 1964 عندما اشعلت ادارة الرئيس جونسون حرب فيتنام من حادث عرضي في خليج تونكين عندما حصل اطلاق نار بين زوارق دورية لفيتنام الشمالية على حاملة الطائرات الأمريكية يو إس إس مادوكس، ربما لم يكونوا هم المستهدفين. لكن تم التلاعب بالحادث من قبل ادارة الرئيس جونسون في

واشنطن للظهور كما لو كانت المعركة قد وقعت، مع إشارات استخباراتية مزيفة لدعم هذا الاستنتاج اعطى الكونغرس للرئيس جونسون ما يريده ، وهو تفويض واسع لاستخدام القوة. وهذا بدوره مكن ادارة الرئيس جونسون من تعزيز الوجود الأمريكي في فيتنام الجنوبية وتوسيع نطاق العمليات القتالية الأمريكية دون الحاجة الى العودة الى الكونغرس للحصول على اذن.

وفي عام 2003 جاء دور جورج دبليو بوش، حيث استخدمت إدارته تقييمات استخباراتية خاطئة حول اسلحة الدمار الشامل العراقية. وهكذا مع ليبيا 2011 والآن مع إيران. ان الاخبار المزيفة وهذا مؤكد سمة من سمات العلاقة الامريكية الدولية منذ فترة طويلة، لكنها الان مختلفة اذ تساعدها التكنولوجيا التي يمكن ان تلفق الصور ومقاطع الفيديو والصوت.. الخ. ويعترف بهذا كبار المسؤولين الحكوميين الأمريكان، مثل منسق

مكافحة الارهاب بوزارة الخارجية الامريكية السفير دانيال بنجامين وستيفن سيمون وغيرهم. لكن الفضيحة الكبرى الان ان الولايات المتحدة الأمريكية تكرر هذا الشعار المزيف ”أسلحة الدمار الشامل” و تحته تريد ان تقود عملية غزو إيران 2019. المجتمع الدولي يعرف جيدا ان السبب الرئيسي لإنسحاب الرئيس ترامب منJCPOA ، هو إرضاء لبنيامين نتنياهو واللوبي الصهيوني المتخوف من التطور المستمر الذي تشهده الجمهورية

الاسلامية وتصديرها للصواريخ الباليستية لأعداء إسرائيل وحلفائها السعودية والامارات العربية المتحدة مثل حزب الله وانصار الله والمقاومة الفلسطينية. رغم ان الصواريخ الإيرانية ليست جزءا من الاتفاقية. ولا تخضع لأي معاهدة دولية متعددة الأطراف. حتى قرار مجلس الأمن رقم 2231 الذي صادق على JCPOA في يوليو 2015 كان يدعو إيران الى عدم القيام بأي نشاط يتعلق بالصواريخ الباليستية المصممة لتكون قادرة على حمل اسلحة نووية حتى عام 2023 . لكن لايوجد توافق في الآراء حول كيفية تفسير هذه الصيغة الغامضة.

ان الصواريخ الإيرانية تقليدية وليست مصممة لحمل اسلحة نووية وأمريكا تعرف ذلك. لكن الغضب الامريكي على إيران كان بسبب عملية نقل الصواريخ الإيرانية الى العراق، سوريا، جنوب لبنان، فلسطين واليمن. لدعم المقاومة الوطنية هناك .
شيء طبيعي ان تزود وتدعم أي دولة حلفاءها، أمريكا تزود وتدعم حلفاءها إسرائيل والسعودية والامارات العربية المتحدة، روسيا تزود وتدعم حلفاءها سوريا وفنزويلا وكذا الصين وإيران وغيرهم. في سبتمبر 2018 وصف برايان هوك كبير المستشارين في وزارة الخارجية الأمريكية الصواريخ الباليستية الإيرانية بأنها ”تهديد دائم لحلفائنا وشركائنا، بما في ذلك إسرائيل”. وانها تشكل قلقا خاصا للمنطقة. كما اتهم إيران بتزويدها لحلفائها

بالصواريخ. الغريب ان الساسة الأمريكان لم يضعوا سؤالا بالمقابل، الم تشكل اسلحة الدمار الشامل والصواريخ الاسرائيلية تهديدا دائما و قلقا لإيران وحلفائها في المنطقة؟ طالما التهديد متبادل فإن كبح برنامج الصواريخ الإيرانية لا يبدو واقعيا في ظل الظروف الحالية، حيث يحيط بإيران وحلفائها قوى من الأشرار، شرسة وفاقدة لكل القيم الأخلاقية والانسانية ومسلحة بأحدث الأسلحة الأمريكية – الاوربية.

إيران لا تريد الدخول في حرب، لكن فرضت عليها من قبل الولايات المتحدة، إيران لا تريد ان تدفع ثمن القرار الامريكي بانتهاك ذلك الاتفاق، وتحمل اعباء العقوبات الاقتصادية لوحدها. إيران تبنت موقفا متوازنا بين ما تمليه الضرورات السياسية الداخلية وما يطلبه المجتمع الدولي منها، هناك قوى سياسية داخلية تدعو الى الانسحاب من JCPOA حتى من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، بينما يضغط عليها المجتمع الدولي

بالالتزام على الاتفاق و عدم الخروج من المعاهدة. لهذا جاء النهج الايراني وهو ممارسة ”التصعيد التدريجي”، الذي لا يؤدي الى الحرب، بل سيؤدي الى الحل السلمي. لذا يجب علينا النظر الى حادثت اسقاط طهران لطائرة امريكية بدون طيار في هذا السياق، الذي يلزم إيران بالرد وعلنا وبشكل واضح، كرادع واظهار لقدرتهم على الدفاع عن شعبهم وأرضهم. ثانيا خططهم في خفض التزاماتهم بموجب الاتفاق النووي. هذا النهج محفوف

بالمخاطر ، لكنها خطوة قدمت ثمارها. إيران حققت نجاحات أمام ادارة ترامب هذا يوفر فرصة للرئيس روحاني للدخول في محادثات مع واشنطن . لدى إيران مكاسب كثيرة من خلال التفاوض مع الولايات المتحدة أكثر من مواصلة المواجهة. إذا دخل الايرانيون في مفاوضات، فيمكنهم بسهولة محاصرة محاوريهم الأمريكان. حتما فريق ترامب سوف يواجه ضغطا من الحلفاء الاوربيين والديمقراطيين الأمريكان، لانهم يفضلون العودة الى الصفقة

النووية الإيرانية، لان خروج ترامب من الصفقة دفعت الولايات المتحدة للتو الى حافة حرب كارثية. لذا الديمقراطيون الأمريكيون سيصرون على ان معايير ادارة ترامب غير واقعية ويجب التخلي عنها. حتى البيروقراطية المهنية التي يقودها دبلوماسيون في وزارة الخارجية و محللو الاستخبارات وجنرالات البنتاغون سيقفون ضد ادارة ترامب.

ترامب الحق ضررا كبيرا بمصداقية الولايات المتحدة الأمريكية. كان الاتفاق انجازا تاريخيا و ضمانا لمنع الانتشار النووي. ولن تشن الولايات المتحدة حربا كارثية على البرنامج النووي الايراني، طالما تم التمسك به. كان الجمهوريون يشوهون الاتفاق لسنوات، ليس لأنها كانت صفقة سيئة، لكن لأن حزبهم لم يتفاوض عليها. في الاخير الديمقراطيون الأمريكان سيدعمون الصفقة النووية الايرانية، سواء وافق الجمهوريون أم لا.