رويدكَ إنَّ الموجَ في البحرِ صاخبُ
وبالله لا بالناس تُقضى المطالبُ
أرى لكَ في شأني أموراً غريبةً
أقاومُ شكي عندها وأُغالِب
أرى لك في وقت اللقاء بشاشةٌ
بها تبطلُ الدعوى وتصفو المشاربُ
ويسعدني منك ابتسامُ مودَّةٍ
وقولٌ جميلٌ لم تشبهُ الشوائبُ
وتنصحني نُصح المحبِّ ، وإنما
بنُصح سليم القلب تُمحى المثالبُ
ولكنني أشقى بأمركَ ، كلما
دعاني إلى نشر المبادئ واجبُ
كأنك لم تلمس صفاءَ مشاعري
ولم تنقشع عن ناظريكَ الغياهبُ
لماذا أشكُّ في سلامة مقصدي ؟
فيا ضيعة الدنيا إذا شكَّ صاحبُ
وربِكَ ما أرسلْتُ شعري لِرِيبةٍ
ولا صَرَفتني عن همومي الرغائِبُ
أصدُّ جيوش الوهم عني وفي يدي
حسامٌ - من الإيمان بالله - ضاربُ
وما أنا ممن يُنْسَجُ الظنُّ حَولَهُ
على غير بابي تستقرُّ العناكبُ
وما أنا ممن يسرِقُ المالُ لُبَهُ
ولا أنا ممن تستَبِيهِ المناصبُ
أُسيِّرُ في درب الصلاح مواكبي
إذا طوحتْ بالسائرين المواكِبُ
وأحملُ في كفي يراعاً أسلُّهُ
على كل فِكر ساقطٍ وأحاربُ
ولولا اقتدائي بالرسول ونهجهِ
لسارتْ بشعري في الهجاء المراكبُ
أخا الحق لا تفتحْ لِظنك مسلكاً
إليَّ فإني في رضى الله دائبُ
وإني مُشيدٌ بالصوابِ إذا بدا
وإني لِمن لايُحسنُ الفعلَ عاتبُ
وأغسلُ أخطائي بشلال توبتي
أتوب إلى ربي ، وما خاب تائبُ
أخا الحق ما بيني وبينك فُرْقَةٌ
كلانا مُحبٌ للصلاح وراغبُ
كلانا إلى دين المهيمن ننتمي
إذا ذهبتْ بالواهمين المذاهبُ
عتابي على قدر الوفاء أبثُّهُ
وعندي لأصحاب الوفاءِ مراتبُ
ولولا صفاء الودِ في النفس لم تجدْ
صديقاً - إذا جار الصديقُ- يعاتِبُ
فَطَمْئِنْ على حالي فؤادكَ ، إنني
أُعادي على نهج الهدى وأصاحِبُ
ولله وجداني ولله نبضُهُ
ومن أجلِهِ أرضى وفيهِ أُغاضِبُ
أخا الحقِ - عفواً - إن شعري مُبَلِّغٌ
رسالةَ قلبي ، والقوافي رَكائبُ
أسيِّرها في كلِّ أرضٍ فترتوي
بها أنفسٌ عَطْشَى ، وتُجلى مواهِبُ
بعثْتُ إليكَ الشعرَ يُشرِقُ لفظُهُ
وضوحاً ، فما في قاع شعري رواسِبُ
أخا الحق .. يَفْنَى كلُّ شيءٍ وإنما
نُقَاسُ بما تُفضي إليه العواقِبُ
يدومُ لنا إخلاصُنا ويقينُنا
وما دونَهُ في هذه الأرض ذاهِبُ