شرح منهاج الصالحين كتاب الاجتهاد و التقليد السيد الخوئي سؤال جواب الشيخ ميثم العقيلي
شرح
منهاج الصالحين
فتاوى
آية الله العظمى السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي
الجزء الأول
كتاب الاجتهاد والتقليد
سؤال وجواب
ميثم العقيلي
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمـد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين, واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين. اللهم صل على محمد وآل محمد وبارك على محمد وآل محمد وترحم على محمد وآل محمد, كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم, إنك حميد مجيد فعال لما تريد, وأنت على كل شئ قدير.
اللهم صل على محمد وآله في الأولين, وصل على محمد وآله في الآخرين, وصل على محمد وآله في المرسلين, وصل على محمد وآله في الملأ الأعلى. اللهم إني آمنت بمحمد ولم أره فلا تحرمني يوم الجنان رؤيته, واسقني من حوضه رياً هنيئاً سائغاً لا ضمأ بعده أبداً.
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن المهدي, صلواتك عليه وعلى آبائه الطاهرين, في هذه الساعة وفي كل ساعة, ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً, حتى تسكنه في أرضك طوعاً, وتمتعه فيها طويلاً, برحمتك يا أرحم الراحمين.
لابد من الإشارة إلى أمور متعلقة بهذه الشروح بعد التوكل على الله سبحانه وتعالى, فهنا أمور خمسة:
• الأمـر الأول: إن هذه الشروح عبارة عن محاولة يسيرة في سلسلة المحاولات الداعمة لـرفد عجلة العلوم عموماً وعلوم أهل البيت عليهم السلام على وجه خاص, ولما كان دأب طلبة العلوم الدينية في الحوزة العلمية الشريفة قائماً على التدرج في الكتب الدراسية وفقاً لمراحل ثلاث:
المرحلة الأولى: المقدمـات.
المرحلة الثانية: السطوح.
المرحلة الثالثة: بحث الخـارج.
ارتأينا أن نبدأ بشرح الكتب الدراسية المقررة والمعهودة في هذه المراحل كلاً بحسب مرحلته, حيث كانت نقطة الانطلاق في مرحلة المقدمات قبل حوالي عشر سنين تقريباً أو تحقيقاً عندما كتبنا سلسلة موسومة بـ(منهج المقدمات الحوزوي) لكن حالت الأحوال دون نشرها بالشكل المطلوب لما كنا نمر ولازلنا بظروف مريرة ليس هنا محل ذكرها وتحليلها. لذا فهذه السلسلة إتماماً لما بدأنا به وأسميناها بـ(منهج السطوح الحوزوي), وتليها بعونه سبحانه؛ (منهج البحث الخارج الحوزوي), ومجموع هذه السلاسل الثلاث:
1. منهج المقدمات الحوزوي.
2. منهج السطوح الحوزوي.
3. منهج البحث الخارج الحوزوي.
واقع في؛ (واسعة المنهج الحوزوي) التي تشمل جميع ما يحتاجه طالب العلم – أيده الله تعالى – في سيره العلمي التكاملي. وفيما يلي مهمات الكتب المختارة التي قمنا بشرحها باعتبار ترتيبها المتقدم:
السلسلة الأولى: منهج المقدمات الحوزوي: وفيها العلوم الآتية:
الأول: علم الفقه: ويندرج فيه:
1. كتاب: (الواضح في أحكام العبادات والمعاملات) مختص بشرح الرسالة العملية (الصراط القويم) طبقاً لفتاوى السيد الشهيد محمد الصدر قدس سره.
2. كتاب (منهج الصالحين) طبقاً لفتاوى السيد الشهيد محمد الصدر قدس سره.
الثاني: علم العقائد: وفيه كتاب: (أصول العقائد) مختص بشرح الأصول العقائدية. وكتاب (عقائد الامامية) للشيخ المظفر قدس سره.
الثالث: علم النحو: ويندرج فيه:
1. كتاب (أصول النحو) مختص بشرح الأصول النحوية.
2. كتاب (التحفة السنية).
3. كتاب (قطر الندى وبل الصدى).
4. كتاب المقدمات في شرح المنطق واللغة نحواً وصرفاً وبلاغةً.
الرابع: علم البلاغة: وفيه كتاب (جواهر البلاغة).
الخامس: علم المنطق: ويندرج فيه:
1. كتاب: (أصول المنطق) مختص بشرح الأصول المنطقية.
2. كتاب المنطق للشيخ المظفر قدس سره.
السادس: علم الفلسفة: وفيه كتاب: (أصول الفلسفة) مختص بشرح الأصول الفلسفية العامة والإسلامية.
السلسة الثانية: منهج السطوح الحوزوي: وفيها العلوم الآتية:
الأول: علم الفقه: ويندرج فيه:
1. اللمعة الدمشقية: وفيه شرح لكتاب؛ " اللمعة الدمشقية " للشهيد الأول قدس سره مختص في العبادات: " الطهارة, الصلاة, الزكاة, الخمس, الصوم, الاعتكاف, الحج " نضير كتاب مدارك الأحكام للعاملي قدس سره.
2. المكاسب: وفيه شرح لكتاب؛ " المكاسب " للشيخ مرتضى الأنصاري قدس سره.
الثاني: علم أصول الفقه: ويندرج فيه:
1. الحلقات الثلاث: وفيه شرح لكتاب؛ " دروس في علم الأصول " للسيد الشهيد محمد باقر الصدر قدس سره.
2. أصول المظفر: وفيه شرح لكتاب؛ " أصول الفقه " للشيخ محمد رضا المظفر.
3. كفاية الأصول: وفيه شرح لكتاب؛ " كفاية الأصول " للشيخ الآخوند محمد كاظم الخراساني قدس سره.
الثالث: علم النحو: وفيه كتاب (الألفية) لابن الناظم.
الرابع: علم البلاغة: وفيه كتاب المختصر للتفتازاني.
السلسة الثالثة: منهج البحث الخارج الحوزوي: وفيها علوم خمسة:
1. علم الفقه: وفيه دورة فقهية كاملة بحسب ترتيب كتب مختارة من بعض المتون المعتبرة حيث ابتدأنا بكتاب المكاسب المحرمة للشيخ الأنصاري ().
2. علم أصول الفقه: وفيه دورة أصولية كاملة بحسب ترتيب كتاب كفاية الأصول.
3. علم الكلام: وفيه دورة كلامية وعقائدية تتكفل البحث حول أمهات الأصول الاعتقادية.
4. علم التفسير: وفيه دورة تفسيرية تتكفل البحث عن آيات الأحكام الشرعية.
5. علم الرجال: وفيه دورة رجالية تتكفل البحث عن أحوال وتراجم الرجال الرواة بحسب ترتيب الروايات التي أوردناها في بحثنا الفقهي.
• الأمـر الثاني: أن هذه الشروح عبارة عن دروس قمنا بفضل الله سبحانه بتدريسها ثم صياغتها على شكل سؤال وجواب لما في هذه الطريقة من مميزات مع الالتفات إلى أن باقي الطرق – كما سيأتي – قد أدت دورها في هذا المضمار العلمي شكر الله ساعيها وأجزل مثوبتهم. ومميزات طريقة السؤال والجواب لا تخلو من ثلاث:
1. التوضيح: أي أنها الأكثر توضيحاً بالنسبة لطالب العلم الذي يواجه كماً من الشروح والحواشي المعقدة خصوصاً تلك التي سمتها البارزة الطابع الاستدلالي والخروج عن بيان المراد من عبائر المصنفين.
2. الاستيعاب: أي أنها الأكثر استيعاباً بالنسبة لطالب العلم الذي يواجه الشروح ذات الطابع التعليقي سواء كان المزجي منها أم الحواشي, فإنها على الرغم من قلتها العددية فهي قاصرة عن بيان نظم عبائر المصنفين.
3. الابتلاء: أي أنها الأكثر ابتلاءً بالنسبة لطالب العلم في زماننا المعاصر لكثرة ما يعانيه نتيجة خضوعه لاختبارات وامتحانات في حوزتنا العلمية الشريفة الغرض منها بطبيعة الحال شحذ همته وديمومة اشتغاله في طلب العلم.
• الأمـر الثالث: أن هذه الشروح عبارة عن هيئة مؤلفة من مستويين: أحدهما: راجع إلى شكل الشرح للكتاب المطلوب شرحه, والآخر: مضمون الشرح, فإذا عقدنا ما بين هذين المستويين أنتج لدينا عدة خطوات كفيلة في فهم ما هو مطروح في هذه الشروح, ومحصل هذه الخطوات ثلاثة:
الأولى: الأسلوب اللغوي: أي أن الأسلوب اللغوي في هذه الشروح واضح ووافي بالمعنى بالمقدار المناسب لما يتضمنه نفس العلم من جهة ما يحتويه من ألفاظ وأفكار, إذ من الضروري المحافظة على ألفاظ ومصطلحات وأفكار العلوم الحوزوية ليتسنى للطالب عدم الانقطاع بمراجع وشروح هذه العلوم, فتتكامل حينئذ المحاولات, ويحصل المطلوب.
الثانية: الصياغة: أن كيفية صياغة الأسئلة الواردة في هذه الشروح تعتمد على مراعاة التسلسل العلمي لمطالب الكتاب في النظم, بحيث جعلنا متن الكتاب ينظم على شكل سؤال ثم الإجابة عليه, وذلك من خلال حصره بين أقواس.
الثالثة: الإجابة: أن كيفية الإجابة على الأسئلة في هذه الشروح تعتمد على البدء بتقسيم الجواب إلى محاور أو أمور أو أحكام – كما في شرح أصول المظفر أو شرح اللمعة الدمشقية – أو تقسيم الجواب إلى مطالب – كما في شرح الحلقات الثلاث – أو تفسيم الجواب إلى جهات – كما في شرح المكاسب والكفاية – بحيث يحصل من العلم بها العلم بكلي الإجابة إجمالاً, ثم نذكر تفصيلاً لتلك المحاور أو الأمور أو الأحكام أو المطالب أو الجهات, فنذكر عادة عبارة: " وتفصيل الكلام يأتي تباعاً " أو غيرها مع الإشارة إلى ارتباط الأجوبة السابقة باللاحقة بحسب ما يقتضيه المقام فنذكر عادةً في مطلع كل جواب عبارة: " هذا شروع من المصنف أو الماتن ". ثم تلخيص ما تقدم أما على شكل " نتائج البحث " كما في أصول المظفر ج2 – أو بذكر بعض الألفاظ الدالة – كما في الحلقات الثلاث أو أصول المظفر ج1 أو اللمعة – على نهاية المطالب من قبيل: تحصل, وعموماً, أنتج لدينا.
• الأمر الرابع: لقد ألحقنا السلاسل المتقدمة في منهج الدراسة الحوزوية بجملة من الكتب التي من شأنها أن تساعد في رفع الثقافة العامة لطالب العلم, وأوسمناها بـ(ما وراء الخارج في كشف المخارج), ويندرج فيها:
1. الخطابة.
2. العرفان.
3. الاجتماع.
4. الاقتصاد.
5. السياسة.
6. التاريخ.
7. الأدعية والزيارات.
8. الأنساب.
• الأمر الخامس: أن المصادر المعتمدة في هذه السلسة التأليفية - على قلتها – من أمهات الكتب بالمقدار المتيسر والمتوفر بحيث يوجب الرجوع إليها الاطمئنان بالفهم والدقة بالنقل إلا ما يحصل بسبب النقصان والسهو وهو مما لابد منه, كيف ونحن من أهل الدنيا وأصحاب الغفلة نسأله تعالى الورع والاجتهاد والعفة والسداد.
ميثم العقيلي
التقليد
( مسألة 1 ) : يجب على كل مكلف لم يبلغ رتبة الاجتهاد ، أن يكون في جميع عباداته ، ومعاملاته ، وسائر أفعاله ، وتروكه : مقلداً ، أو محتاطاً ، إلا أن يحصل له العلم بالحكم ، لضرورة أو غيرها ، كما في بعض الواجبات ، وكثير من المستحبات والمباحات .
سؤال: ماذا يجب على المكلف بالنسبة لعباداته ومعاملاته وسائر أفعاله وتروكه ؟.
جواب: يجب على كل مكلف وجوباً عقلياً بمناط وجوب دفع الضرر المحتمل بمعنى العقاب أن يكون في جميع عباداته كمسائل الصلاة, أو معاملاته كمسائل التجارة, وسائر أفعاله وتروكه وعادياته, كتطهير الثياب, أن يسلك أحد طرق ثلاثة :
الأول: الاجتهاد: وهو تحصيل الحجة على الحكم الشرعي.
والثاني: التقليد: وهو العمل اعتماداً على فتوى المجتهد.
والثالث: الاحتياط: وهو إيجاد العمل أو التطبيق الذي ينتج اليقين بفراغ الذمة والخروج عن عهدة التكليف.
نعم يستثنى من وجوب العمل بأحد الطرق الثلاثة أن يحصل للمكلف العلم بالحكم الشرعية نتيجة أن يكون الحكم من ضروريات أو قطعيات الدين أو المذهب, كما في أصل وجوب الصلاة، أو أصل تحريم السرقة, أو أصل استحباب صلاة الليل, أو أصل إباحة الأكل والشرب, فهنا لا يجب على المكلف أن يسلك الطرق الثلاثة المتقدمة, وإنما يعمل وفق علمه ورأيه.
( مسألة 2 ) : عمل العامي بلا تقليد ولا احتياط باطل ، لا يجوز له الاجتزاء إلا أن يعلم بمطابقته للواقع ، أو لفتوى من يجب عليه تقليده فعلاً .
سؤال: ما حكم عمل العامي من دون تقليد أو احتياط ؟.
جواب: يبطل عمل العامي من دون تقليد ولا احتياط, ومعنى بطلان عمله أنه لا يجوز للمكلف العامي الاجتزاء بذلك العمل الذي لا يكون فيه مقلداً, ولا محتاطاً. نعم يستثنى من هذا البطلان أن يعلم المكلف بمطابقة عمله بأحد طريقين:
الأول: الواقع الذي يكون عليه العمل.
والثاني: فتوى المجتهد الذي يجب على المكلف العامي تقليده فعلاً.
فهنا نحكم بصحة عمل المكلف العامي, بمعنى يجوز للمكلف العامي الاجتزاء بذلك العمل الذي لا يكون فيه مقلداً, ولا محتاطاً.
( مسألة 3 ) : الأقوى جواز ترك التقليد ، والعمل بالاحتياط، سواء اقتضى التكرار، كما إذا ترددت الصلاة بين القصر والتمام أم لا ، كما إذا احتمل وجوب الإقامة في الصلاة ، لكن معرفة موارد الاحتياط متعذرة غالبا ، أو متعسرة على العوام .
سؤال: هل يجوز ترك التقليد والعمل بالاحتياط ؟.
الأول: الاحتياط الموجب للتكرار: وهو ما كان فراغ الذمة متوقفاً على تعدد العمل, ومثاله: جواب: نعم يجوز للمكلف أن يترك طريق التقليد, والعمل بطريق الاحتياط سواء كان ذلك الاحتياط موجباً للتكرار أم لا, فهنا نحوان من الاحتياط .
• الجمع بين القصر والتمام.
الثاني: الاحتياط غير الموجب للتكرار: وهو ما كان فراغ الذمة ليس بمتوقف على تعدد العمل, ومثاله:
• إذا احتمل المكلف وجوب الإقامة في الصلاة.
هذا وإن كان معرفة موارد ومواطن طريق الاحتياط صعبة ومتعذرة ومتعسرة غالباً على عوام المكلفين.
( مسألة 4 ) : التقليد هو العمل اعتمادا على فتوى المجتهد ولا يتحقق بمجرد تعلم فتوى المجتهد ولا بالالتزام بها من دون عمل .
سؤال: ما المقصود بالتقليد ؟.
جواب: التقليد بحسب ما تقدم هو ذلك العمل الصادر من المكلف غير العالم بالأحكام الشرعية اعتماداً على فتوى المجتهد العالم بالأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية. كما أن معنى الاعتماد في التقليد أو التقليد العملي أو الاعتمادي هو معنى عرفي وهو الاستناد في العمل, أي أن يكون عمل المكلف مستنداً على رأي المجتهد, وهذا يعتمد على أن يحرز المكلف رأي المجتهد وأنه صادر منه, ثم يستند في مقام العمل على ذلك الرأي. ومعه فليس معنى التقليد على ما فسروه بمعنيين:
الأول: العلم بفتوى المجتهد.
والثاني: الأخذ والالتزام بفتوى المجتهد.
فلا يتحقق التقليد بالعلم أو الأخذ والالتزام بفتوى المجتهد, وإنما يتحقق التقليد بالاستناد إلى فتوى المجتهد, والتعلم والأخذ طريق إلى تحقق التقليد.
( مسألة 5 ) : يصح التقليد من الصبي المميز، فإذا مات المجتهد الذي قلده الصبي قبل بلوغه ، جاز له البقاء على تقليده ، ولا يجوز له أن يعدل عنه إلى غيره ، إلا إذا كان الثاني أعلم .
سؤال: هل يصح التقليد من الصبي المميز ؟.
جواب: نعم يصح التقليد من الصبي المميز الذي يبلغ الحد الشرعي, وإنما له القدرة على تمييز الأشياء, ومعرفة موارد النفع والضرر. ويترتب على صحة تقليد الصبي المميز في المقام أنه إذا مات المجتهد الذي قلده الصبي قبل بلوغه، فهنا أمران:
الأول: يجوز للصبي البقاء على تقليد ذلك المجتهد الميت.
والثاني: لا يجوز للصبي العدول من تقليد ذلك المجتهد الميت إلى غيره من المجتهدين، إلا إذا كان الثاني أعلم من المجتهد الميت, فهنا يجوز للصبي العدول من تقليد ذلك المجتهد الميت إلى المجتهد الثاني.
( مسألة 6 ) : يشترط في مرجع التقليد البلوغ ، والعقل ، والإيمان ، والذكورة ، والاجتهاد ، والعدالة ، وطهارة المولد ، وأن لا يقل ضبطه عن المتعارف ، والحياة، فلا يجوز تقليد الميت ابتداء .
سؤال: ما هي شرائط مرجع التقليد ؟.
جواب: شرائط مرجع التقليد تسعة:
الأول: البلوغ, فلا يجوز تقليد غير البالغ.
والثاني: العقل, فلا يجوز تقليد المجنون.
والثالث: الإيمان, فلا يجوز تقليد غير المؤمن.
والرابع: الذكورة, فلا يجوز تقليد الأنثى.
والخامس: الاجتهاد, فلا يجوز تقليد غير المجتهد.
والسادس: العدالة, فلا يجوز تقليد غير العادل.
والسابع: طهارة المولد, فلا يجوز تقليد ابن الزنا.
والثامن: أن لا يقل ضبطه عن المتعارف, فلا يجوز تقليد غير المنضبط.
والتاسع: الحياة، فلا يجوز تقليد الميت ابتداءً.
( مسألة 7 ) : إذا قلد مجتهداً فمات ، فإن كان أعلم من الحي وجب البقاء على تقليده ، فيما إذا كان ذاكرا لما تعلمه من المسائل ، وإن كان الحي أعلم وجب العدول إليه ، مع العلم بالمخالفة بينهما ، ولو إجمالاً ، وإن تساويا في العلم ، أو لم يحرز الأعلم منهما جاز له البقاء في المسائل التي تعلمها ولم ينسها ، ما لم يعلم بمخالفة فتوى الحي لفتوى الميت ، وإلا وجب الأخذ بأحوط القولين ، وأما المسائل التي لم يتعلمها ، أو تعملها ثم نسيها فإنه يجب أن يرجع فيها إلى الحي .
سؤال: ما حكم تقليد من قلد مجتهداً ثم مات ؟.
جواب: إذا قلد المكلف مجتهدا فمات ذلك المجتهد، فهنا صور ثلاثة:
الصورة الأولى: إذا كان المجتهد الميت أعلم من المجتهد الحي, فهنا وجب على المكلف البقاء على تقليد المجتهد الميت.
الصورة الثانية: إذا كان المجتهد الحي أعلم من المجتهد الميت, فهنا وجب على المكلف العدول من تقليد المجتهد الميت إلى تقليد المجتهد الحي فيما لو علم المكلف بالمخالفة الإجمالية بين المجتهد الحي والميت, كما لو اختلفا في بعض المسائل الابتلائية.
الصورة الثالثة: إذا كان المجتهد الميت والمجتهد الحي متساويين في العلم، أو إذا كان المجتهد الميت والمجتهد الحي أحدهما أعلم ولكن المكلف لم يحرز الأعلم منهما, فهنا جاز للمكلف البقاء على تقليد المجتهد الميت في المسائل التي تعلمها ولم ينسها ، ما لم يعلم المكلف بمخالفة فتوى المجتهد الحي لفتوى المجتهد الميت, فهنا يجب على المكلف الأخذ بأحوط القولين. وأما المسائل التي لم يتعلمها المكلف، أو تعملها ثم نسيها فإنه وجب على المكلف أن يرجع فيها إلى المجتهد الحي.
( مسألة 8 ) : إذا اختلف المجتهدون في الفتوى وجب الرجوع إلى الأعلم ، ومع التساوي وجب الأخذ بأحوط الأقوال ، ولا عبرة بكون أحدهم أعدل .
سؤال: ما حكم المكلف بالرجوع فيما إذا اختلف المجتهدون في الفتوى ؟.
جواب: يجب على المكلف الرجوع أو تقليد المجتهد الأعلم فيما إذا اختلف المجتهدون في الفتوى. وأما مع تساوي المجتهدين في الأعلمية مع حصول الاختلاف في الفتوى بين المجتهدين فوجب على المكلف الأخذ بأحوط الأقوال, بمعنى الأقوال الموافقة والمطابقة للاحتياط. وأما سائر المواصفات كالأعدل, والأورع, والأشجع فلا عبرة في الاعتماد عليها, وإنما الاعتبار والاعتماد في صحة التقليد على صفة الأعلم .
( مسألة 9 ) : إذا علم أن أحد الشخصين أعلم من الآخر ، فان لم يعلم الاختلاف في الفتوى بينهما ، تخير بينهما ، وإن علم الاختلاف وجب الفحص عن الأعلم ، ويحتاط - وجوبا - في مدة الفحص ، فإن عجز عن معرفة الأعلم فالاحوط - وجوبا – الاخذ بأحوط القولين ، مع الإمكان ، ومع عدمه يختار من كان احتمال الاعلمية فيه أقوى منه في الآخر ، فإن لم يكن احتمال الاعلمية فيه أحدهما أقوى منه في الآخر تخير بينهما ، وإن علم أنهما إما متساويان ، أو أحدهما المعين أعلم وجب الاحتياط ، فإن لم يمكن وجب تقليد المعين .
سؤال: ما حكم علم المكلف فيما لو علم أن أحد المجتهدَين أعلم من المجتهد الآخر ؟.
جواب: إذا علم المكلف بأن أحد هذين المجتهدَين أعلم من المجتهد الآخر فهنا تفصيل باعتبارات عديدة, ومنها:
الأول: إن لم يعلم المكلف الاختلاف في الفتوى بين هذين المجتهدين, فهنا تخير المكلف بين تقليد أيهما شاء.
والثاني: إن علم المكلف الاختلاف في الفتوى بين هذين المجتهدين, فهنا وجب على المكلف الفحص عن المجتهد الأعلم، وفي مدة الفحص يكون عمل المكلف بالاحتياط. هذا أولاً.
وثانياً: إن عجز المكلف في مدة الفحص عن معرفة الأعلم من هذين المجتهدين, فهنا وجب على المكلف – بنحو الاحتياط الوجوبي – أن يأخذ بأحوط القولين بالمقدار الممكن.
وثالثاً: إن لم يتمكن المكلف من الأخذ بأحوط القولين, كما لو أفتى أحدهما بوجوب شيء, وأفتى الآخر بحرمته, فهنا يختار المكلف من كان احتمال الاعلمية فيه أقوى منه في المجتهد الأعلم الآخر .
ورابعاً: إن لم يكن احتمال الاعلمية في أحد هذين المجتهدين أقوى منه في الآخر, فهنا تخير المكلف بينهما.
وخامساً: إن علم المكلف أن هذين المجتهدين؛ إما متساويان بالأعلمية، أو أن أحدهما المعين أعلم, فهنا وجب على المكلف الاحتياط بالمقدار الممكن.
وسادساً: إن لم يتمكن المكلف من الأخذ بالاحتياط, فهنا وجب على المكلف تقليد المجتهد الأعلم المعين.
( مسألة 10 ) : إذا قلد من ليس أهلا للفتوى وجب العدول عنه إلى من هو أهل لها، وكذا إذا قلد غير الأعلم وجب العدول إلى الأعلم ، مع العلم بالمخالفة بينهما ، وكذا لو قلد الأعلم ثم صار غيره أعلم .
سؤال: ما حكم تقليد من ليس أهلاً للفتوى وغير الأعلم والأعلم ؟.
جواب: في هذه المسألة موارد ثلاثة لا يجوز فيها التقليد ويجب فيها العدول من التقليد السابق إلى تقليد جديد, وهي:
المورد الأول: تقليد من ليس أهلاً للفتوى, فإذا قلد المكلف مجتهداً ليس أهلاً للفتوى, فهنا وجب على المكلف العدول عن ذلك المجتهد الذي ليس أهلاً للفتوى إلى مجتهد أهل للفتوى.
المورد الثاني: تقليد غير الأعلم, فإذا قلد المكلف مجتهداً غير أعلم, فهنا وجب على المكلف العدول عن ذلك المجتهد غير الأعلم إلى تقليد المجتهد الأعلم فيما لو علم المكلف بوجود المخالفة بين هذين المجتهدين في الفتوى.
المورد الثالث: تقليد الأعلم ثم صار غيره أعلم, فإذا قلد المكلف المجتهد الأعلم ثم صار غيره أعلم منه, فهنا وجب على المكلف العدول عن ذلك المجتهد الأعلم إلى تقليد المجتهد الأعلم منه.
( مسألة 11 ) : إذا قلد مجتهداً ، ثم شك في أنه كان جامعاً للشرائط أم لا ، وجب عليه الفحص ، فإن تبين له أنه كان جامعاً للشرائط بقي على تقليده ، وإن تبين أنه كان فاقداً لها، أو لم يتبين له شئ عدل إلى غيره، وأما أعماله السابقة فإن عرف كيفيتها رجع في الاجتزاء بها إلى المجتهد الجامع للشرائط , وإن لم يعرف كيفيتها قيل بنى على الصحة ولكن فيه إشكال بل منع ، نعم إذا كان الشك في خارج الوقت لم يجب القضاء .
سؤال: ما حكم الشك في كون المجتهد جامعاً لشرائط مرجع التقليد ؟.
جواب: إذا قلد المكلف مجتهداً ، ثم شك في أن ذلك المجتهد هل كان جامعاً لشرائط مرجع التقليد أم ليس جامعاً لشرائط مرجع التقليد ؟.
وجوابه: وجب على المكلف الفحص عن جامعية وفاقدية مرجعية مرجع التقليد للشرائط, فهنا شقان:
الأول: أن يتبين للمكلف أن ذلك المجتهد جامع لشرائط مرجع التقليد, فهنا بقي المكلف على تقليده.
والثاني: أن يتبين للمكلف أن ذلك المجتهد فاقد لشرائط مرجع التقليد, فهنا عدل المكلف إلى تقليد غيره.
والثالث: أن لم يتبين للمكلف أن ذلك المجتهد جامع أو فاقد لشرائط مرجع التقليد, فهنا عدل المكلف إلى تقليد غيره.
وأما أعمال المكلف السابقة أو الماضية في صورة عدول المكلف من تقليد الفاقد لشرائط مرجع التقليد إلى تقليد الجامع لشرائط مرجع التقليد ففيها تفصيل:
الأول: إن عرف المكلف كيفية أعماله السابقة, فهنا رجع المكلف في الاجتزاء بهذه الأعمال إلى المجتهد الجامع للشرائط.
والثاني: إن لم يعرف المكلف كيفية أعماله السابقة, فهنا قيل: إن يبني المكلف على صحة أعماله السابقة. ولكن في هذا القيل إشكال بل منع عن البناء على صحة هذه الأعمال السابقة فنحكم ببطلانها. نعم يستثنى من عدم الصحة فيما إذا كان الشك في الصلاة خارج الوقت, فهنا لم يجب على المكلف القضاء, ونحكم بصحة صلاته.
( مسألة 12 ) : إذا بقي على تقليد الميت - غفلةً أو مسامحةً - من دون أن يقلد الحي في ذلك كان كمن عمل من غير تقليد ، وعليه الرجوع إلى الحي في ذلك .
سؤال: ما حكم بقاء المكلف على تقليد المجتهد الميت غفلةً أو مسامحةً ؟.
جواب: إذا بقي المكلف على تقليد المجتهد الميت بنحو الغفلةً أو المسامحةً من دون أن يقلد المكلف المجتهد الحي في مسألة جواز البقاء على تقليد المجتهد الميت, فهنا يكون عمل المكلف كمن عمل من غير تقليد، فيجب على المكلف الرجوع إلى المجتهد الحي في مسألة جواز البقاء على تقليد الميت وعدم جواز البقاء على تقليد الميت.
( مسألة 13 ) : إذا قلد من لم يكن جامعاً للشرائط ، والتفت إليه - بعد مدة - كان كمن عمل من غير تقليد .
سؤال: ما حكم تقليد المجتهد غير الجامع لشرائط مرجع التقليد فيما لو علم المكلف بعدم جامعيته للشرائط ؟.
جواب: إذا قلد المكلف مجتهداً لم يكن جامعاً لشرائط مرجع التقليد، ولكن المكلف علم بعد مرور مدة من الزمن بأن ذلك المجتهد الذي قلده لم يكن جامعاً لشرائط مرجع التقليد, فهنا يكون عمل المكلف كمن عمل من غير تقليد، فيجب على المكلف الرجوع إلى المجتهد الجامع لشرائط مرجع التقليد.
( مسألة 14 ) : لا يجوز العدول من الحي إلى الميت الذي قلده أولاً , كما لا يجوز العدول من الحي إلى الحي ، إلا إذا صار الثاني أعلم .
سؤال: هل يجوز العدول من الحي إلى الميت الذي قلده أولاً, أو العدول من المجتهد الحي إلى المجتهد الميت ؟.
جواب: هنا حالتان لا يجوز للمكلف العدول فيهما :
الحالة الأولى: إذا قلد المكلف مجتهداً ميتاً ثم عدل عنه إلى تقليد مجتهد حي ثم أراد المكلف الرجوع إلى تقليد المجتهد الميت بعد العدول عنه إلى المجتهد الحي, فهنا لا يجوز للمكلف العدول من المجتهد الحي إلى المجتهد الميت الذي قلده أولاً.
الحالة الثانية: إذا قلد المكلف مجتهداً حياً ثم أراد العدول عنه إلى تقليد مجتهد حي, فهنا لا يجوز للمكلف العدول من المجتهد الحي إلى المجتهد الحي، إلا إذا صار المجتهد الثاني أعلم من المجتهد الأول, فيجوز للمكلف العدول من تقليد المجتهد الحي الأول إلى تقليد المجتهد الحي الثاني.
( مسألة 15 ) : إذا تردد المجتهد في الفتوى ، أو عدل من الفتوى إلى التردد تخير المقلد بين الرجوع إلى غيره والاحتياط إن أمكن .
سؤال: ما حكم إذا تردد المجتهد في الفتوى, أو عدل من الفتوى إلى التردد ؟.
جواب: إذا تردد أو توقف المجتهد في الفتوى في مسألة أو عدة مسائل شرعية، أو عدل المجتهد من الفتوى إلى التردد أو التوقف في الفتوى في مسألة أو عدة مسائل شرعية, فهنا تخير المكلف بين نحوين:
الأول: أن يرجع المكلف في تقليده لذلك المجتهد المتردد أو المتوقف في الفتوى إلى مجتهد آخر.
والثاني: أن يعمل المكلف بالاحتياط في تلك المسألة إن أمكن.
( مسألة 16 ) : إذا قلد مجتهداً يجوز البقاء على تقليد الميت ، فمات ذلك المجتهد لا يجوز البقاء على تقليده في هذه المسألة ، بل يجب الرجوع فيها إلى الأعلم من الأحياء ، وإذا قلد مجتهداً فمات فقلد الحي القائل بجواز العدول إلى الحي ، أو بوجوبه ، فعدل إليه ثم مات فقلد من يقول بوجوب البقاء ، وجب عليه البقاء على تقليد الأول في ما تذكره من فتاواه فعلاً .
سؤال: هل يجوز البقاء على تقليد المجتهد في مسألة جواز البقاء على تقليد الميت أو لا ؟.
جواب: هنا صورتان لا يجوز للمكلف تقليد المجتهد القائل بجواز البقاء على تقليد المجتهد الميت:
الصورة الأولى: إذا قلد المكلف مجتهداً يقول بجواز البقاء على تقليد المجتهد الميت، فمات ذلك المجتهد القائل بجواز البقاء على تقليد المجتهد الميت, فهنا لا يجوز للمكلف البقاء على تقليد ذلك المجتهد الميت القائل بجواز البقاء على تقليد المجتهد الميت في هذه المسألة، بل يجب على المكلف الرجوع في مسألة جواز البقاء على تقليد المجتهد الميت إلى المجتهد الأعلم من المجتهدين الأحياء.
الصورة الثانية: إذا قلد المكلف مجتهداً فمات هذا المجتهد الأول, فقلد المكلف المجتهد الثاني الحي القائل بجواز العدول إلى المجتهد الحي، أو بوجوب العدول إلى المجتهد الحي، فعدل المكلف إلى المجتهد الثالث الحي القائل بجواز أو وجوب العدول إلى المجتهد الحي,ثم مات المجتهد القائل بجواز أو وجوب العدول إلى المجتهد الحي, فقلد المكلف المجتهد الرابع الحي القائل بوجوب البقاء, فهنا وجب على المكلف البقاء على تقليد المجتهد الأول في ما تذكره من فتاواه فعلاً.
( مسألة 17 ) : إذا قلد المجتهد وعمل على رأيه ، ثم مات ذلك المجتهد فعدل إلى المجتهد الحي لم يجب عليه إعادة الأعمال الماضية ، وإن كانت على خلاف رأي الحي في ما إذا لم يكن الخلل فيها موجباً لبطلانها مع الجهل ، كمن ترك السورة في صلاته اعتماداً على رأي مقلده ثم قلد من يقول بوجوبها فلا تجب عليه إعادة ما صلاها بغير سورة .
سؤال: هل يجب على المكلف إعادة أعماله الماضية فيما إذا قلد المجتهد وعمل على رأيه، ثم مات ذلك المجتهد فعدل إلى المجتهد الحي ؟.
جواب: إذا قلد المكلف المجتهد وعمل الملف على رأي ذلك المجتهد الأول، ثم مات ذلك المجتهد الأول فعدل المكلف إلى المجتهد الثاني الحي, فهنا لم يجب على المكلف إعادة الأعمال الماضية، وإن كانت هذه الأعمال الماضية على خلاف رأي المجتهد الثاني الحي في ما إذا لم يكن الخلل في هذه الأعمال الماضية موجباً لبطلان هذه الأعمال الماضية مع الجهل. ومثاله:
• إذا ترك المكلف قراءة السورة في صلاته اعتماداً على رأي المجتهد الأول, ثم قلد المكلف المجتهد الثاني القائل بوجوب قراءة السورة في الصلاة, فهنا لا تجب على المكلف إعادة الصلاة التي كان قد صلاها بغير سورة.
( مسألة 18 ) : يجب تعلم أجزاء العبادات الواجبة وشرائطها ، ويكفي أن يعلم - إجمالاً - أن عباداته جامعة لما يعتبر فيها من الأجزاء والشرائط ولا يلزم العلم - تفصيلاً - بذلك ، وإذا عرضت له في أثناء العبادة مسألة لا يعرف حكمها جاز له العمل على بعض الاحتمالات ، ثم يسأل عنها بعد الفراغ ، فإن تبينت له الصحة اجتزأ بالعمل ، وإن تبين البطلان أعاده .
سؤال: هل يجب على المكلف تعلم أجزاء العبادات الواجبة وشرائطها ؟.
جواب: نعم يجب على المكلف تعلم أجزاء العبادات الواجبة وشرائطها، ويكفي في هذا العلم أن يعلم المكلف علماً إجمالياً بأن عباداته جامعة لما يعتبر في هذه العبادات من الأجزاء والشرائط, ولا يلزم في هذا العلم أن يعلم المكلف علماً تفصيلياً بجميع الأجزاء والشرائط ومسائلها المتفرعة عليها. وأما إذا عرضت للمكلف في أثناء العبادة مسألة شرعية لا يعرف حكمها, ومثاله:
• إذا سجد المكلف في الصلاة على شيء, وشك في هذا الشيء يصح السجود عليه أو لا.
فهنا جاز للمكلف العمل على بعض الاحتمالات، هذا أولاً.
وثانياً: ثم يقوم المكلف بالسؤال عن تلك المسألة الشرعية التي عرضت له في أثناء العبادة بعد الفراغ من تلك العبادة، فإن تبينت للمكلف صحت ما عمله من الاحتمالات, فهنا اجتزأ المكلف بالعمل العبادي.
وثالثاً: وإن تبين للمكلف بطلان ما عمله من الاحتمالات, فهنا يجب على المكلف أعادة العمل العبادي.
( مسألة 19 ) : يجب تعلم مسائل الشك والسهو ، التي هي في معرض الابتلاء ، لئلا يقع في مخالفة الواقع .
سؤال: هل يجب على المكلف تعلم مسائل الشك والسهو ؟.
جواب: نعم يجب على المكلف تعلم مسائل الشك والسهو في الصلاة, والتي تكون هذه المسائل ابتلائية بالنسبة لشخص المكلف, وذلك من أجل أن لا يقع المكلف في مخالفة الواقع المتوجه إليه عند ابتلائه بهذه المسائل الشرعية الابتلائية.
( مسألة 20 ) : تثبت عدالة المرجع في التقليد بأمور : الأول : العلم الحاصل بالاختبار أو بغيره . الثاني : شهادة عادلين بها ، ولا يبعد ثبوتها بشهادة العدل الواحد بل بشهادة مطلق الثقة أيضا . الثالث : حسن الظاهر ، والمراد به حسن المعاشرة والسلوك الديني بحيث لو سئل غيره عن حاله لقال لم نر منه إلا خيرا . ويثبت اجتهاده - وأعلميته أيضا - بالعلم، وبالشياع المفيد للاطمئنان وبالبينة وبخبر الثقة في وجه ، ويعتبر في البينة وفي خبر الثقة - هنا - أن يكون المخبر من أهل الخبرة .
سؤال: كيف تثبت عدالة مرجع التقليد واجتهاده وأعلميته ؟.
جواب: تقدم في شرائط مرجع التقليد شرطية العدالة وشرطية الاجتهاد, وفي هذه المسألة الشرعية كيفية ثبوت هذين الشرطين, فهنا نحوان من طرق الثبوت:
النحو الأول: طرق ثبوت عدالة مرجع التقليد, وهي أمور خمسة:
الأول: العلم الوجداني الذي يحصل من مناشئ ومبررات عقلائية, كالاختبار, أو إخبار جماعة يمتنع تواطؤهم على الكذب.
الثاني: البينة الشرعية, وهي شهادة عادلين بعدالة مرجع التقليد.
الثالث: شهادة العدل الواحد بعدالة مرجع التقليد.
الرابع: شهادة مطلق الثقة بعدالة مرجع التقليد.
الخامس: حسن ظاهر مرجع التقليد، وهو حسن المعاشرة والسلوك الديني بحيث لو سئل غير مرجع التقليد عن حال مرجع التقليد لقال عنه: لم نر من مرجع التقليد إلا خيراً وصلاحاً.
النحو الثاني: طرق ثبوت اجتهاد وأعلمية مرجع التقليد, وهي أمور خمسة:
الأول: العلم الوجداني الذي يحصل من مناشئ ومبررات عقلائية, كالاختبار, أو إخبار جماعة يمتنع تواطؤهم على الكذب.
الثاني: الشياع المفيد للاطمئنان.
الثالث: البينة الشرعية, وهي شهادة عادلين باجتهاد وأعلمية مرجع التقليد.
الرابع: شهادة العدل الواحد باجتهاد وأعلمية مرجع التقليد.
الخامس: شهادة مطلق الثقة باجتهاد وأعلمية مرجع التقليد.
ويشترط في شهادة العدلين أو العدل الواحد أو الثقة بأن يكون من أهل الخبرة والاختصاص في مجال تشخيص المجتهد والأعلم بأن يكون من فضلاء الحوزة العلمية الشريفة.
( مسألة 21 ) : من ليس أهلاً للمرجعية في التقليد يحرم عليه الفتوى بقصد عمل غيره بها ، كما أن من ليس أهلاً للقضاء يحرم عليه القضاء ولا يجوز الترافع إليه ولا الشهادة عنده ، والمال المأخوذ بحكمه حرام وإن كان الآخذ محقاً ، إلا إذا انحصر استنقاذ الحق المعلوم بالترافع إليه هذا إذا كان المدعى به كلياً ، وأما إذا كان شخصياً فحرمة المال المأخوذ بحكمه ، لا تخلو من إشكال .
سؤال: هل يجوز لغير المجتهد الفتوى والقضاء ؟.
جواب: يختص الاجتهاد بأحكام وصلاحيات تثبت للمجتهد الجامع لشرائط مرجع التقليد, ومن هذه الأحكام والصلاحيات أمران :
الأمر الأول: الافتاء, فهنا يحرم على المجتهد الذي ليس أهلاً للمرجعية في التقليد الفتوى بقصد عمل غيره بالفتوى بأن كان فاقداً غير شرطية الاجتهاد, شرطية الإيمان أو شرطية طهارة المولد. وأما غير المجتهد فيحرم عليه الفتوى مطلقاً, سواء بقصد عمل غيره بالفتوى أم لا.
الأمر الثاني: القضاء, فهنا يحرم على القاضي الذي ليس أهلاً للقضاء القضاء, ولا يجوز الترافع إليه ولا الشهادة عنده، والمال المأخوذ بحكمه حرام, وإن كان الآخذ محقاً. نعم يستثنى من حرمة ما تقدم فيما إذا انحصر استنقاذ الحق المعلوم بالترافع إليه فيما إذا كان المدعى به كلياً، وأما إذا كان المدعى به شخصياً مشخصاً بطريق شرعي, كإقامة البينة, فحرمة المال المأخوذ بحكم هذا القاضي لا تخلو من إشكال.
( مسألة 22 ) : الظاهر أن المتجزي في الاجتهاد يجوز له العمل بفتوى نفسه ، بل إذا عرف مقدارا معتدا به من الأحكام جاز لغيره العمل بفتواه إلا مع العلم بمخالفة فتواه لفتوى الأفضل ، أو فتوى من يساويه في العلم وينفذ قضاؤه ولو مع وجود الأعلم .
سؤال: ما المقصود بالمجتهد المتجزي مبيناً الأحكام المترتبة عليه ؟.
جواب: ينقسم الاجتهاد باعتبار عموم واختصاص الملكة إلى قسمين:
الأول: الاجتهاد المطلق: وهو عموم الملكة لجميع الأبواب الفقهية, ويسمى صاحبها بـ(المجتهد المطلق). وقد تقدم الكلام في بعض الأحكام المترتبة على هذا القسم.
والثاني: الاجتهاد المتجزي: وهو اختصاص الملكة ببعض الأبواب الفقهية دون بعض, ويسمى صاحبها بـ(المجتهد المتجزي). فهنا جملة من الأحكام, ومنها:
الأول: يجوز للمجتهد المتجزي العمل بفتوى نفسه.
والثاني: يجوز للمجتهد المتجزي العمل بفتواه فيما إذا عرف مقداراً معتداً به من الأحكام الشرعية, وكان المكلف لم يعلم بمخالفة لفتواه لغيره من المجتهدين, وأما لو علم المكلف بمخالفة فتوى المجتهد المتجزي لفتوى الأفضل، أو فتوى من يساويه في العلم, فلا يجوز للمكلف العمل بفتوى المجتهد المتجزي.
والثالث: ينفذ قضاء المجتهد المتجزي, وإن كان المجتهد المطلق الأعلم موجوداً.
( مسألة 23 ) : إذا شك في موت المجتهد ، أو في تبدل رأيه ، أو عروض ما يوجب عدم جواز تقليده ، جاز البقاء على تقليده إلى أن يتبين الحال .
سؤال: ما حكم الشك في عروض ما يوجب عدم جواز التقليد ؟.
جواب: إذا قلد المكلف المجتهد الجامع لشرائط مرجع التقليد, ثم شك في جواز بقائه على تقليد هذا المجتهد, ففي هذه المسألة الشرعية جملة من موارد جواز البقاء على التقليد بسبب وجود المانع من التقليد, وهي :
الأول: إذا شك المكلف في موت المجتهد.
والثاني: إذا شك المكلف في تبدل رأي المجتهد.
والثالث: إذا شك المكلف في عروض ما يوجب عدم جواز تقليده, كما في عروض مثل الجنون.
فهنا جاز للمكلف البقاء على تقليده السابق إلى أن يتبين الحال.
( مسألة 24 ) : الوكيل في عمل يعمل بمقتضى تقليد موكله ، لا تقليد نفسه ، وكذلك الحكم في الوصي .
سؤال: ما حكم عمل الوكيل والوصي ؟.
جواب: الوكيل في الوكالة بالنسبة لموكله, أو الوصي في الوصاية بالنسبة للموصي, فيما إذا اختلف تقليد الوكيل عن تقليد الموكل, أو اختلف تقليد الوصي عن تقليد الموصي, فهنا يعمل كل من الوكيل والموصي بمقتضى تقليد الموكل والموصي، وليس العمل بمقتضى تقليد نفس الوكيل, أو نفس الوصي.
( مسألة 25 ) : المأذون ، والوكيل ، عن المجتهد في التصرف في الأوقاف أو في أموال القاصرين ينعزل بموت المجتهد ، وكذلك المنصوب من قبله وليا وقيما فإنه ينعزل بموته على الأظهر .
سؤال: ما حكم الوكيل والمأذون عن المجتهد ؟.
جواب: المأذون ، والوكيل ، والمنصوب الولي أو القيم عن المجتهد في التصرف في الأوقاف التي ليس لها متولي خاص من قبل الواقف, أو في أموال القاصرين الذين لم يكن لهم ولي خاص, فهنا بمجرد موت المجتهد فإن جميع هؤلاء ينعزلون وتنتفي مأذونياتهم ووكالاتهم وتنصيباتهم من قبل المجتهد.
( مسألة 26 ) : حكم الحاكم الجامع للشرائط لا يجوز نقضه حتى لمجتهد آخر ، إلا إذا علم مخالفته للواقع ، أو كان صادراً عن تقصير في مقدماته .
سؤال: هل يجوز نقض حكم الحاكم الجامع للشرائط ؟.
جواب: لا يجوز نقض حكم الحاكم الجامع لشرائط مرجع التقليد حتى وإن كان الناقض مجتهد آخر جامع لشرائط مرجع التقليد. نعم يتثنى من عدم جواز نقض حكم الحاكم الجامع للشرائط أمران:
الأول: إذا علم المكلف مخالفة حكم الحاكم الجامع للشرائط للواقع بأن يكون حكم الحاكم مخالفاً لما ثبت قطعاً للأدلة الشرعية من الكتاب والسنة.
والثاني: إذا كان حكم الحاكم الجامع للشرائط صادراً عن تقصير في مقدمات ذلك الحكم بأن يكون الحاكم لم يراع شروط الدعوى من البينة الشرعية والشهود وغير ذلك.
( مسألة 27 ) : إذا نقل ناقل ما يخالف فتوى المجتهد ، وجب عليه إعلام من سمع منه ذلك ، ولكنه إذا تبدل رأي المجتهد ، لم يجب عليه إعلام مقلديه فيما إذا كانت فتواه السابقة مطابقة لموازين الاجتهاد .
سؤال: هل يجب الإعلام فيما لو نقل ناقل ما يخالف فتوى المجتهد, أو فيما لو تبدل رأي المجتهد ؟.
جواب: يختلف وجوب الإعلام وعدمه تبعاً لجملة من الحالات, ومنها حالتان :
الحالة الأولى: إذا نقل ناقل ما يخالف فتوى المجتهد، فهنا وجب على الناقل إعلام من سمع منه ذلك النقل المخالف لفتوى المجتهد.
والحالة الثانية: إذا تبدل رأي المجتهد، فهنا لم يجب على المجتهد إعلام مقلديه فيما إذا كانت فتواه السابقة مطابقة لموازين الاجتهاد من النظر الصحيح فيما تقتضيه الأدلة الشرعية.
( مسألة 28 ) : إذا تعارض الناقلان في الفتوى ، فمع اختلاف التاريخ واحتمال عدول المجتهد عن رأيه الأول يعمل بمتأخر التأريخ ، وفي غير ذلك عمل بالاحتياط – على الاحوط وجوباً - حتى يتبين الحكم .
سؤال: ما حكم تعارض النقل في الفتوى ؟.
جواب: إذا تعارض الناقلان في فتوى المجتهد بأن حصل تناف وتضاد بين الخبرين بنحو يعلم بعدم واقعية أو فعلية أحد هذين الخبرين، فهنا تفصيل:
الأول: إذا كان هناك اختلاف في زمن وتاريخ الإخبار واحتمال عدول المجتهد عن رأيه الأول, فهنا يعمل بمتأخر زمن وتأريخ الإخبار.
والثاني: إذا لم يكن هناك اختلاف في زمن وتاريخ الإخبار واحتمال عدول المجتهد عن رأيه الأول, فهنا يعمل بالاحتياط بنحو الاحتياط الوجوبي حتى يتبين الحكم.
( مسألة 29 ) : العدالة المعتبرة في مرجع التقليد عبارة عن الاستقامة في جادة الشريعة المقدسة ، وعدم الانحراف عنها يمينا وشمالا ، بأن لا يرتكب معصية بترك واجب ، أو فعل حرام ، من دون عذر شرعي ، ولا فرق في المعاصي في هذه الجهة ، بين الصغيرة ، والكبيرة ، وفي عدد الكبائر خلاف . وقد عد من الكبائر الشرك بالله تعالى ، واليأس من روح الله تعالى والأمن من مكر الله تعالى ، وعقوق الوالدين - وهو الإساءة إليهما – وقتل النفس المحترمة ، وقذف المحصنة ، وأكل مال اليتيم ظلما ، والفرار من الزحف ، وأكل الربا ، والزنا ، واللواط ، والسحر، واليمين الغموس الفاجرة - وهي الحلف بالله تعالى كذبا على وقوع أمر ، أو على حق امرئ أو منع حقه خاصة - كما قد يظهر من بعض النصوص - ومنع الزكاة المفروضة ، وشهادة الزور ، وكتمان الشهادة ، وشرب الخمر ، ومنها ترك الصلاة أو غيرها مما فرضه الله متعمدا ، ونقض العهد ، وقطيعة الرحم ، - بمعنى ترك الإحسان إليه من كل وجه في مقام يتعارف فيه ذلك - والتعرب بعد الهجرة ، إلى البلاد التي ينقص بها الدين ، والسرقة ، وإنكار ما أنزل الله تعالى ، والكذب على الله ، أو على رسوله صلى الله عليه وآله ، أو على الأوصياء عليهم السلام ، بل مطلق الكذب ، وأكل الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير ، وما أهل به لغير الله ، والقمار ، وأكل السحت ، كثمن الميتة والخمر، والمسكر ، وأجر الزانية ، وثمن الكلب الذي لا يصطاد ، والرشوة على الحكم ولو بالحق ، وأجر الكاهن ، وما أصيب من أعمال الولاة الظلمة ، وثمن الجارية المغنية وثمن الشطرنج ، فإن جميع ذلك من السحت . ومن الكبائر : البخس في المكيال والميزان ، ومعونة الظالمين ، والركون إليهم ، والولاية لهم ، وحبس الحقوق من غير عسر ، والكبر ، والإسراف والتبذير ، والاستخفاف بالحج ، والمحاربة لأولياء الله تعالى ، والاشتغال بالملاهي - كالغناء بقصد التلهي - وهو الصوت المشتمل على الترجيع على ما يتعارف أهل الفسوق - وضرب الأوتار ونحوها مما يتعاطاه أهل الفسوق ، والإصرار على الذنوب الصغائر . والغيبة ، وهي : أن يذكر المؤمن بعيب في غيبته ، سواء أكان بقصد الانتقاص ، أم لم يكن ، وسواء أكان العيب في بدنه ، أم في نسبه ، أم في خلقه ، أم في فعله ، أم في قوله ، أم في دينه ، أم في دنياه ، أم في غير ذلك مما يكون عيبا مستورا عن الناس ، كما لا فرق في الذكر بين أن يكون بالقول ، أم بالفعل الحاكي عن وجود العيب ، والظاهر اختصاصها بصورة وجود سامع يقصد إفهامه وإعلامه ، كما أن الظاهر أنه لابد من تعيين المغتاب ، فلو قال : واحد من أهل البلد جبان لا يكون غيبة ، وكذا لو قال : أحد أولاد زيد جبان ، نعم قد يحرم ذلك من جهة لزوم الاهانة والانتقاص ، لا من جهة الغيبة ، ويجب عند وقوع الغيبة التوبة والندم والاحوط -
استحبابا - الاستحلال من الشخص المغتاب - إذا لم تترتب على ذلك مفسدة – أو الاستغفار له . وقد تجوز الغيبة في موارد : منها المتجاهر بالفسق، فيجوز اغتيابه
في غير العيب المتستر به ، ومنها : الظالم لغيره ، فيجوز للمظلوم غيبته
والاحوط - استحبابا - الاقتصار على ما لو كانت الغيبة بقصد الانتصار لا مطلقا ،
ومنها : نصح المؤمن ، فتجوز الغيبة بقصد النصح ، كما لو استشار شخص في تزويج امراة فيجوز نصحه ، ولو استلزم إظهار عيبها بل لا يبعد جواز ذلك ابتداء بدون استشارة ، إذا علم بترتب مفسدة عظيمة على ترك النصيحة ، ومنها : ما لو قصد بالغيبة ردع المغتاب عن المنكر ، فيما إذا لم يمكن الردع بغيرها ، ومنها : ما
لو خيف على الدين من الشخص المغتاب ، فتجوز غيبته ، لئلا يترتب الضرر الديني
ومنها : جرح الشهود ، ومنها : ما لو خيف على المغتاب الوقوع في الضرر اللازم
حفظه عن الوقوع فيه ، فتجوز غيبته لدفع ذلك عنه ، ومنها : القدح في المقالات
الباطلة ، وإن أدى ذلك إلى نقص في قائلها ، وقد صدر من جماعة كثيرة من
العلماء القدح في القائل بقلة التدبر ، والتأمل ، وسوء الفهم ونحو ذلك ، وكأن
صدور ذلك منهم لئلا يحصل التهاون في تحقيق الحقائق عصمنا الله تعالى من
الزلل ، ووفقنا للعلم والعمل ، إنه حسبنا ونعم الوكيل . وقد يظهر من الروايات عن النبي والائمة عليهم أفضل الصلاة والسلام : أنه يجب على سامع الغيبة أن ينصر المغتاب ، ويرد عنه ، وأنه إذا لم يرد خذله الله تعالى في الدنيا والآخرة ، وأنه كان عليه كوزر من اغتاب . ومن الكبائر : البهتان على المؤمن - وهو ذكره بما يعيبه وليس هو فيه - ومنها : سب المؤمن وإهانته وإذلاله ومنها : النميمة بين المؤمنين بما يوجب الفرقة بينهم ، ومنها : القيادة وهي السعي بين اثنين لجمعهما على الوطئ المحرم ، ومنها : الغش للمسلمين ، ومنها : استحقار الذنب فإن أشد الذنوب ما استهان به صاحبه ، ومنها الرياء وغير ذلك مما يضيق الوقت عن بيانه .
سؤال: ما معنى العدالة المعتبرة في مرجع التقليد معدداً بعض الذنوب والمعاصي المنافية لها ؟.
جواب: أن معنى شرطية العدالة في مرجع التقليد هي الاستقامة في جادة الشريعة المقدسة، وعدم الانحراف عن جادة الشريعة المقدسة يميناً وشمالاً ، بأن لا يرتكب مرجع التقليد معصية بترك واجب من الواجبات الشرعية كالصلاة وغيرها, أو فعل حرام من المحرمات الشرعية كالسرقة، من دون عذر شرعي معذر بينه وبين الله تعالى, سواء كان ارتكاب المحرمات يعد من المعاصي والذنوب الصغيرة, ام كان من الذنوب والمعاصي الكبيرة.
ثم إن هناك اختلافاً في عدد الكبائر من الذنوب والمعاصي, ومن هذه الكبائر:
1- الشرك بالله تعالى.
2- اليأس من روح الله تعالى.
3- الأمن من مكر الله تعالى.
4- عقوق الوالدين وهو الإساءة إليهما.
5- قتل النفس المحترمة.
6- قذف المحصنة, وهي اتهام المرأة المتزوجة بالزنا.
7- أكل مال اليتيم ظلماً.
8- الفرار من الزحف والجهاد في سبيل الله تعالى.
9- أكل الربا.
10- الزنا.
11- اللواط.
12- السحر.
13- اليمين الغموس الفاجرة, وهي الحلف بالله تعالى كذباً على وقوع أمر، أو على حق امرئ, أو منع حقه خاصة.
14- منع الزكاة المفروضة والواجبة.
15- شهادة الزور.
16- كتمان الشهادة.
17- شرب الخمر.
18- ترك الصلاة أو غير الصلاة من الفرائض والواجبات التي فرضها الله تعالى بصورة متعمدة.
19- نقض العهد.
20- قطيعة الرحم, وهو ترك الإحسان إلى الأرحام والأنساب من كل وجه في مقام يتعارف فيه ذلك.
21- التعرب بعد الهجرة, وهو السفر إلى البلاد التي ينقص بها الدين.
22- السرقة.
23- إنكار ما أنزل الله تعالى.
24- الكذب على الله تعالى أو على رسوله صلى الله عليه وآله ، أو على الأوصياء عليهم السلام ، بل مطلق الكذب.
25- أكل الميتة, والدم, وأكل لحم الخنزير، وما أهل به لغير الله تعالى.
26- القمار.
27- أكل السحت, كثمن الميتة والخمر، والمسكر، وأجر الزانية ، وثمن الكلب الذي لا يصطاد، والرشوة على الحكم ولو بالحق، وأجر الكاهن، وما أصيب من أعمال الولاة الظلمة، وثمن الجارية المغنية, وثمن الشطرنج.
28- البخس في المكيال والميزان.
29- معونة الظالمين ، والركون إلى الظالمين، والولاية للظالمين.
30- حبس الحقوق من غير عسر.
31- الكبر والتكبر.
32- الإسراف والتبذير.
33- الاستخفاف بالحج.
34- المحاربة لأولياء الله تعالى.
35- الاشتغال بالملاهي, كالغناء بقصد التلهي وهو الصوت المشتمل على الترجيع على ما يتعارف أهل الفسوق, وضرب الأوتار ونحوها مما يتعاطاه أهل الفسوق.
36- الإصرار على الذنوب الصغائر.
37- الغيبة وهي أن يذكر المؤمن بعيب في غيبته، سواء أكان بقصد الانتقاص، أم لم يكن، وسواء أكان العيب في بدنه، أم في نسبه، أم في خلقه، أم في فعله، أم في قوله، أم في دينه، أم في دنياه، أم في غير ذلك مما يكون عيباً مستورا عن الناس، كما لا فرق في الذكر بين أن يكون بالقول، أم بالفعل الحاكي عن وجود العيب، والظاهر اختصاص حرمة الغيبة بصورة وجود سامع يقصد إفهامه وإعلامه، كما أن الظاهر اختصاص حرمة الغيبة بتعيين المغتاب، فلو قال: (واحد من أهل البلد جبان) فلا يكون غيبة ، وكذا لو قال: (أحد أولاد زيد جبان) فلا يكون غيبة. نعم قد يحرم ذلك من جهة لزوم الإهانة والانتقاص، وليس من جهة الغيبة. ويجب عند وقوع الغيبة التوبة والندم, ويستحب الاستحلال من الشخص المغتاب فيما إذا لم تترتب على ذلك مفسدة, أو الاستغفار للمغتاب. وقد تجوز الغيبة في موارد :
• المتجاهر بالفسق، فيجوز اغتيابه في غير العيب المتستر به.
• الظالم لغيره ، فيجوز للمظلوم غيبته والاحوط - استحبابا - الاقتصار على ما لو كانت الغيبة بقصد الانتصار لا مطلقا .
• نصح المؤمن ، فتجوز الغيبة بقصد النصح ، كما لو استشار شخص في تزويج امراة فيجوز نصحه ، ولو استلزم إظهار عيبها بل لا يبعد جواز ذلك ابتداء بدون استشارة ، إذا علم بترتب مفسدة عظيمة على ترك النصيحة.
• ردع المغتاب عن المنكر ، فيما إذا لم يمكن الردع بغيرها.
• لو خيف على الدين من الشخص المغتاب ، فتجوز غيبته ، لئلا يترتب الضرر الديني
• جرح الشهود.
• ما لو خيف على المغتاب الوقوع في الضرر اللازم حفظه عن الوقوع فيه ، فتجوز غيبته لدفع ذلك عنه.
• القدح في المقالات الباطلة ، وإن أدى ذلك إلى نقص في قائلها ، وقد صدر من جماعة كثيرة من العلماء القدح في القائل بقلة التدبر ، والتأمل ، وسوء الفهم ونحو ذلك ، وكأن صدور ذلك منهم لئلا يحصل التهاون في تحقيق الحقائق عصمنا الله تعالى من الزلل ، ووفقنا للعلم والعمل ، إنه حسبنا ونعم الوكيل .
ثم إنه قد يظهر من الروايات عن النبي والائمة عليهم أفضل الصلاة والسلام: أنه يجب على سامع الغيبة أن ينصر المغتاب ، ويرد عنه ، وأنه إذا لم يرد خذله الله تعالى في الدنيا والآخرة ، وأنه كان عليه كوزر من اغتاب .
38-البهتان على المؤمن وهو ذكر المؤمن بما يعيبه وليس هو فيه.
39-سب المؤمن وإهانته وإذلاله.
40- النميمة بين المؤمنين بما يوجب الفرقة بينهم.
41- القيادة وهي السعي بين اثنين لجمعهما على الوطئ المحرم.
42- الغش للمسلمين.
43- استحقار الذنب, فإن أشد الذنوب ما استهان به صاحبه.
44- الرياء.
( مسألة 30 ) : ترتفع العدالة بمجرد وقوع المعصية ، وتعود بالتوبة والندم ، وقد مر أنه لا يفرق في ذلك بين الصغيرة والكبيرة .
سؤال: ما حد ارتفاع وعود العدالة المعتبرة في مرجع التقليد ؟.
جواب: أن حد ارتفاع العدالة وكنها خروجاً عن جادة الشريعة هو مجرد وقوع وصدور المعصية والذنب. وأما حد رجوع العدالة وكونها استقامة على جادة الشريعة الإسلامية هو وقوع وصدور التوبة والندم. وقد تقدم أنه ليس هناك فرق في صدور ووقوع المعاصي والذنوب بين الصغيرة والكبيرة .
( مسألة 31 ) : الاحتياط المذكور في مسائل هذه الرسالة - إن كان مسبوقا بالفتوى أو ملحوقاً بها - فهو استحبابي يجوز تركه ، وإلا تخير العامي بين العمل بالاحتياط والرجوع إلى مجتهد آخر الأعلم فالأعلم وكذلك موارد الإشكال والتأمل ، فإذا قلنا : يجوز على إشكال أو على تأمل فالاحتياط في مثله استحبابي ، وإن قلنا : يجب على إشكال ، أو على تأمل فإنه فتوى بالوجوب ، وإن قلنا المشهور : كذا ، أو قيل كذا وفيه تأمل ، أو فيه إشكال ، فاللازم العمل بالاحتياط ، أو الرجوع إلى مجتهد آخر.
سؤال: ما حكم الاحتياطات الواردة في مسائل هذه الرسالة العملية ؟.
جواب: الاحتياطات الواردة والمذكورة في هذه الرسالة العملية تختلف بحسب التعابير الدالة عليها من حيث وجوب أو جواز أو حرمة العمل, ومنها:
الأول: الاحتياط الاستحبابي, وهو الاحتياط الذي يجوز ترك العمل به, ويعرف فيما إذا كان الاحتياط مسبوقاً بالفتوى أو ملحوقاً بالفتوى.
الثاني: الاحتياط الوجوبي, وهو الاحتياط الذي يتخير العامي بين العمل بالاحتياط, وبين والرجوع إلى مجتهد آخر الأعلم فالأعلم.
الثالث: موارد الإشكال والتأمل، وتعرف بالتعابير الآتية:
• يجوز على إشكال, يجوز على تأمل, فهنا الاحتياط استحبابي يجوز ترك العمل به.
• يجب على إشكال، يجب على تأمل, فهنا فتوى بالوجوب يجب العمل بها.
• المشهور كذا، قيل كذا, وفيه تأمل، فيه إشكال، فهنا تخير المكلف بين العمل بالاحتياط، أو الرجوع إلى مجتهد آخر.
( مسألة 32 ) : إن كثيراً من المستحبات المذكورة في أبواب هذه الرسالة يبتني
استحبابها على قاعدة التسامح في أدلة السنن، ولما لم تثبت عندنا فيتعين الإتيان
بها برجاء المطلوبية ، وكذا الحال في المكروهات فتترك برجاء المطلوبية ، وما
توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب .
سؤال: ما حكم المستحبات والمكروهات المذكورة في مسائل هذه الرسالة العملية ؟.
جواب: حكم أكثر المستحبات الواردة والمذكورة في هذه الرسالة العملية هو أن يأتي بها المكلف بنية رجاء المطلوبية, وذلك لأن المبنى والدليل الدال على هذه المستحبات هو قاعدة التسامح في أدلة السنن مستحبات كانت أو مكروهات, وحيث أن هذه القاعدة الفقهية لم تثبت عند المصنف, فيتعين على المكلف نية رجاء المطلوبية, فهنا نحوان:
• المستحبات, فيتعين على المكلف فعل المستحبات بنية رجاء المطلوبية.
• المكروهات, فيتعين على المكلف ترك المكرهات بنية رجاء المطلوبية.