على دارس الأطلال بالمتحلب
نسيج الصبا تبكي بدمع كصيب
لذكراك من سعدى بعامر ربعها
معاهد يصبو نحوها كل معجب
كأن لم تكن تغني بها في مسرة
وعيش لذيذ في المنى ذو تقلب
فأصبحن قد أقوين من كل غادة
ودمعك سفاح كهايع هيدب
لئن كان قد أودى لك الوجد جذوة
وأصبح يذكيها المنى بالتلهب
فقد زاح عني الهم والغم والأسى
بإقبال سلمى بالرضى والتحبب
لقد ذكرت عهد المحب فأقبلت
وقد آمنت عين الرقيب المؤنب
فجاءت ودمع العين يهمي تولها
على خدها بعد النوى والتغرب
تناشدني العهد القديم تقطعاً
وقد علمت سلمى بداخل مسلب
فتاة كأن الشمس غرة وجهها
وليل الدجى في فاحم مثل غيهب
كمغزلة أدماء ترنو لشادن
غضبضة طرفي رعيها وسط ربرب
وتبسم عن در نضيد كأنه
أقاح بدعصٍ خالصٍ غب صيب
ومنطقها يسبي الحليم بنغمة
تزيد على الأوتار للمتطرب
إذا زرتها بعد الرحيق ولم تخف
عتاب المريد الكاشح المترقب
مرخص خضب ناعم فكأنه
من اللين هداب الدمقس المهذب
فلو أنها تبدو لشيخ وقد خلت
عليه سنون في العباد مرائب
لضل عن الإرشاد بعد سلوكه
وخال رشاداً ذاك بعد الترهب
لقد أصبحت في الغانيات فريدة
كما كنت فرداً في الأخا والتحبب
سموت على الأصحاب بالصدق والوفا
وأنهما عنوان كل مهذب
فإن سأل الواشون ما خلق الفتى
فقد كلمت أخلاقه بالتأدب
حفيظ على عهد المحبة والأخا
ولم يتغير باستطاط التغرب
أديب أريب لوذعي مهذب
مطهرة أخلاقه عن مثلب
رقنا العدى من كل أوب مما ارعوى
إلى ثلبهم يوماً ولم يتقرب
ولكن رماهم بالقريض حمية
فاكرم بدمي قامع للمؤنب
وقد جاء في در القريض كأنه
لالئ اصداف بعقد مذهب
يذكرني العهد الذي كان بيننا
فلم أنس عهداً للمحب المهذب
فأكرم به نظماً بديعاً مروقاً
وألفاظه أحلى من المتحلب
فيا أيها الغادي على ظهر ضامر
تجوب الفيافي سبسباً بعد سبسب
جنوح جنوق كالفينقي شملة
دفاق إذا ما احتئها ذو تحنب
فكالعلم السفار جادله الصبا
أو الهيف مذعور بغضفاء سبسب
فابلغه تسليماً على البعد والنوى
كنفخ الخزامى والرحيق المطيب
بعد وميض البرق والرمل والحصى
ونسج الصبا والهابع المتحلب
وما هتفت ورق الحمام بأيكة
وما لاح في الآفاق من كل كوكب
سلام محب لم يقل متحذلقاً
ولم يتشدق باقتراع التكذب
ودم سالماً يا سعد بالسعد والرضى
بأطيب عيش للعلا في تطلب
وصل إلهي كلما ذر شارق
وأظلم ديجور بماطر صيب
على المصطفى الهادي الأمين محمد
وأصحابه والآل أهل التقرب