الكاظمية... من رموز القدسية والاعتزاز
مما زاد مدينة الكاظمية فخراً واعتزازاً وشرفاً، أنها احتضنت مراقد الأئمة الأطهار واكابر العلماء، الإمامين موسى الكاظم ومحمد الجواد عليهما السلام، والشريفين الرضي والمرتضى، والعديد من العلماء، طيب الله ثراهم. والذين مدوا هذه الأمة بالأفكار النيرة الساطعة والعلوم الباهرة الواضحة، يقصدها الزائرون من كل أنحاء العالم للتبرك بها. فحينما يفد الزائر الى بغداد دار السلام يدخل الكاظمية، ويمضي بعدها الى سامراء ثم يعود الى الكاظمية. بعدها يذهب الى كربلاء المقدسة والنجف الأشرف والكوفة ثم يعود الى الكاظمية وهكذا. لقد أصبحت الكاظمية بحق البلد الديني والسياحي للزائرين والقادمين اليها من كل مكان. ورد ذكر هذه المنطقة الى فترة حكم الكيشيين القدماء، أي في أواسط القرن الخامس عشر قبل الميلاد عندما أنشأوا عاصمتهم في "عكَركَوف" في أبي غريب. وأرض الكاظمية جزءاً من تلك العاصمة. وعرفت بأسم مقبرة الشهداء، لأنها كانت مدفناً لعدد من الذين استشهدوا في حرب الخوارج. ودفنوا هناك في غرب الكاظمية الجنوبي وذلك سنة 37هـ، وهم أصحاب الامام علي بن أبي طالب عليه السلام، كانوا قد استشهدوا معه في قتال الخوارج في معركة النهروان، ولما رجعوا من الحرب أدركهم الموت، فدفنوا في هذا الموضع. وأنها اُتخذت مقبرة قبل أن تعرف بمقابر قريش، ثم عرفت بالمشهد الكاظمي.. ان المنصور العباسي دفن ابنه جعفر الذي كنَّي باسمه وذلك سنة 150هـ بعد إن صلى عليه. وأخذ الناس يتهافتون عليها ويقبلون على هذه البقعة، فدفن فيها الأشراف والوجوه والإعلام وسائر الناس. منذ أن دفن الإمام الكاظم عليه السلام أخذت تعرف بالمشهد الكاظمي قبل أن تعرف باسمها الحالي الكاظمية. تمتاز الكاظمية باعتدال مناخها وتسامح أهلها وساكنيها وعروبة أهلها وعراقتهم العراقية منهم الأنباريين وبنو تميم والسلاميين والخزرج والآوس وشمّر وربيعة وطي والزبيدات والعبيد وبني عامر والجبور، وكذلك العديد من الأسر العلوية الشريفة من بني هاشم وقريش. كذلك دفن في هذه البقعة الخليفة العباسي محمد الأمين بن هارون الرشيد عام 198هـ، وكذلك أمه السيدة زبيدة، وكان مدفنها في الرواق الشرقي من مدفن الأمام موسى الكاظم. في عام 352هـ أُقيم العزاء على سيد الشهداء الحسين بن علي عليهم السلام في العشر الأَول من شهر محرم الحرام، وجرت العادة في كل سنة الى يومنا هذا، يأتون الى مشهد الإمامين الكاظميين عليهما السلام يعزونهما بجدهما الإمام الحسين عليه السلام. وفي سنة 604هـ أمر الخليفة العباسي الناصر ببناء دور في أطراف بغداد لإطعام الفقراء، وسميت بدور الضيافة. وكان المشهد الكاظمي من جملة من بنَّي فيه مثل هذه الدور، يطبخ فيها اللحم للزائرين، ويقدم لهم الطعام والخبز الجيد ليفطروا به. كان يبلغ سكان مدينة الكاظمية أيام الحرب العالمية الأولى 1914- 1918 خمسة عشر الفاً تقريباً. وفي السادس من كانون الثاني 1921تم تشكيل أول فوج للجيش العراقي، واتخذ "خان الكابولي" في الكاظمية مقراً له وسمي بفوج الإمام موسى الكاظم عليه السلام..